محطّات غير مرئيّة على الطريق السوريّ

محطّات غير مرئيّة على الطريق السوريّ

محطّات غير مرئيّة على الطريق السوريّ

 تونس اليوم -

محطّات غير مرئيّة على الطريق السوريّ

حازم صاغيّة

في عموم الأنظمة الاستبداديّة يقول المعارض رأيه بالمواربة، أو يوصله همساً من وراء ظهر الحاكم المستبدّ. ويمكننا اليوم أن نقرأ ارتجاعيّاً مواقف سوريّة مناهضة للنظام حيال المسائل غير السوريّة التي كان رأي النظام منها معروفاً. بل يمكن القول إنّ تلك المواقف تقبل الربط بالعاطفة الأكثريّة التي اتّسمت بها الثورة السوريّة اللاحقة، تماماً كما ترتبط مواقف النظام في عمومها بالعاطفة الأقليّة. لكنْ إلى هذا، تقول تلك المواقف حيال جملة المحطّات غير المرئيّة كيف كانت أكثريّة السوريّين تنفصل تدريجاً عن ترسيمة النظام الإيديولوجيّة، أي عن التركيبة العسكريّة والرطانة الاشتراكيّة والصداقة مع الاتّحاد السوفياتيّ ووريثته روسيا. وربّما أمكن الاستدلال على هذا الافتراق في الموقف من حرب أفغانستان بين السوفيات تؤيّدهم الأنظمة العسكريّة البيروقراطيّة وبين «المجاهدين» المدعومين من دول الغرب والخليج وعموم المسلمين. وهو اصطفاف لا يمكن إلاّ أن يذكّر بالاصطفاف الراهن حيال الثورة السوريّة نفسها. وفي الحرب العراقيّة – الإيرانيّة على مدى الثمانينات، وقف النظام البعثيّ إلى جانب طهران الخمينيّة، مخالفاً عموم المواقف العربيّة، فيما كانت العواطف الشعبيّة تميل إلى بغداد الصدّاميّة، مثلها مثل عمّان وباقي عواصم العالم السنّي. والاصطفاف هذا من دون أن ينفع أيّاً من وجهتي النظر أخلاقيّاً وسياسيّاً، نمّ عن أسبقيّة عادت لتتكرّر اليوم مع وقوف «سوريّة الأسد» وحيدة في مقابل إجماع عربيّ عريض. وفي الحرب الأهليّة في الجزائر، أوائل التسعينات، لم يُخف النظام السوريّ تعاطفه مع شقيقه النظام العسكريّ و «التقدّميّ» الذي عطّل الانتخابات، حائلاً دون السيطرة «الهمجيّة» لـ «جبهة الإنقاذ» وباقي قوى الإسلام السياسيّ المسلّحة. وهنا أيضاً عناصر شبه لا تخطئها العين. ثمّ في حرب صربيا والبوسنة، في التسعينات، وقف النظام قريباً من صرب ميلوشيفيتش، وريث تيتو وحليف الروس، فيما تُرجم تأييد صربيا، في المشرق العربيّ، دفاعاً عن حقّ الأقليّات المسيحيّة الشرقيّة، وذلك في معزل عن حقّ البوسنيّين المسلمين وعن رغبتهم في الاستقلال عن بقايا الإمبراطوريّة اليوغوسلافيّة. وكانت الحجّة الجاهزة أنّ الغرب الأميركيّ والأوروبيّ، الامبرياليّ طبعاً، يدعم البوسنيّين. وهذه أيضاً مسائل تعود اليوم إلى صدارة السجال السوريّ بأسماء وعناوين مختلفة. أمّا في لبنان، فلم يكن مصادفاً أنّ عواطف الشعب السوريّ، في 1976، كانت مناهضة تماماً لتدخّل النظام يومذاك ضدّ المقاومة الفلسطينيّة، تماماً كما كانت مناهضة له في 2005، حين اغتيل رفيق الحريري واتُّهم القيّمون على أمور دمشق بذلك. وإذا ما استعنّا بقاموس التأويل تبعاً للأكثريّات والأقليّات، وهو قد بات اليوم قاموساً عامّاً وصريحاً، أمكننا أن نفكّ الكثير من ألغاز الموقفين والمعارضتين. صحيح أنّ معارضي النظام السوريّ لم يعبّروا، ولا كان ممكناً أن يعبّروا، عن عواطفهم، بالوضوح والصراحة اللذين اتّسم بهما تعبير النظام عن عواطفه، لكنْ ما من شيء يوحي أنّهم كانوا يقفون مع النظام في تلك المسائل البعيدة، وهذا قبل سنوات على صدامهم المباشر به في المسألة المباشرة. ففي أمكنة أخرى، وبأسماء مختلفة، جرى الصراع قبل أن يجري في درعا وحمص وحلب. نقلاً عن جريدة "الحياة"

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محطّات غير مرئيّة على الطريق السوريّ محطّات غير مرئيّة على الطريق السوريّ



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia