عن زهران علوش ومقتله

... عن زهران علوش ومقتله

... عن زهران علوش ومقتله

 تونس اليوم -

 عن زهران علوش ومقتله

حازم صاغية

في النُبذ الكثيرة التي نُشرت عن سيرة زهران علوش، قائد «جيش الإسلام» و «أمير الغوطة»، بمناسبة قتله بنيران الطائرات الروسية، نادراً ما ذُكر أنه خاطف الناشطين المدنيين الأربعة في دوما قبل عامين، وأندر من ذلك تسمية الأربعة: رزان زيتونة وسميرة الخليل ووائل حمادة وناظم حمادي.

وهذا الإغفال مؤلم بما يكفي ويزيد. ذاك أن الأربعة المذكورين، فضلاً عن الوجه الإنساني لخطفهم، مما يصح في كل مخطوف، هم بين أبرز الذين مثلوا الثورة السورية في طورها النقي الأول، المدني والعلماني، الساعي إلى الحرية وإلى الديموقراطية استطراداً.

وخطف الأربعة، إلى كونه واحداً من «إنجازات» علوش الذي حكم منطقة سيطرته بالتزمت وبالحديد والنار، واحد من المنعطفات البارزة في تحول الثورة إلى طور جديد أو إلى ثورة أخرى.

فالذين يشبهون رزان وسميرة وناظم ووائل لم يعد لهم مكان في تلك الثورة، والعالم كله، على ما يعكسه إعلامه المتجاهل، مُقر بهذا الإخلاء القسري. فبعدما كان النظام الأسدي قد أخرجهم من الشأن العام، مثلما أخرج الغالبية الساحقة من الشعب السوري، جاء زهران علوش ومن يماثلونه يكملون هذه المهمة إياها، وبأساليب لا تختلف إلا في أصغر التفاصيل.

صحيح أن الروس هم من قضوا على علوش كجزء من عملية غزوهم لسورية التي جعلتهم يعبرون آلاف الأميال، هم الذين يفتقرون حتى إلى ادعاء كالادعاء الإسرائيلي بتعرض حدودهم للتهديد. وموسكو، فوق هذا، كاذبة حين تزعم قتال «داعش» وتقتل أحد أكثر من قاتلوه، وكاذبة حين تزعم الرغبة في إنهاء الأزمة السورية، علماً بأن الصيغة المعروضة التي لم تحتملها عرجاء بما فيه الكفاية. وصحيح، في المقابل، أن هزيمة فلاديمير بوتين في سورية تبقى مكسباً كبيراً للسوريين، وأيضاً للروس، ولكل محب للحرية وكاره للاحتلال والتوسع. لكن الصحيح أيضاً أن المكاسب، في مثل هذه الحال، تبقى مبدئية أو نظرية ما دام أن القطاع الذي يرمز إليه الأربعة المخطوفون وأمثالهم عاجز عن استثمار المكاسب المبدئية تلك.

وقد يقال إن المصير المأسوي الذي انتهت إليه الثورة الأولى وقواها دليل على ضعف بنيوي وعميق في المجتمع السوري، وخصوصاً في هزال إجماعاته الوطنية. وليس أدل على ذلك من التفجع الواسع على زهران علوش، لا بوصفه ضحية قصف روسي، بل أساساً بوصفه قامة بطولية وتاريخية حُرمتها سورية المستقبل. وهذا الواقع في عمومه هو ما مكن الثورة الثانية، حيث التطابق الكامل مع الهويات التي تستدعيها الحرب الأهلية– الإقليمية، ومع أشخاص كزهران علوش، من أن تغتال الثورة الأولى.

لكنْ يبقى أن هذا الاغتيال، الذي كان «جيش الإسلام» أحد أبرز منفذيه، لا يقل وطأة وأذى عن الاغتيالات الأسدية والروسية والإيرانية لها. أما الصراع الدائر الآن بينهم جميعاً فهو ما يستطيع واحدنا أن يتأمله من الخارج، ببرودة المراقبة الجيوبوليتيكية وبعواطف ميتة، ما خلا العاطفة حيال المدنيين الأبرياء.

فأن يكون ضبع قد قتل ضبعاً فهذا لا يحمل على التعاطف مع الضبع القتيل، ولا يُنسي أن القتيل ضبع هو الآخر. أما الشيء الوحيد الذي يقارب الرغبة، والحال هذه، فرؤية القاتل الروسي وقد انضم إلى قتيله الإسلاموي.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 عن زهران علوش ومقتله  عن زهران علوش ومقتله



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia