حمص طريق أخرى إلى فلسطين

حمص طريق أخرى إلى فلسطين!

حمص طريق أخرى إلى فلسطين!

 تونس اليوم -

حمص طريق أخرى إلى فلسطين

حازم صاغيّة

دائماً كانت هناك «طريق إلى فلسطين» لا تمرّ بها وطبعاً لا تنتهي إليها. ودائماً كانت هذه الطريق مطلوبة لأغراض يتصدّرها تحويل النظر عن المشكلات الفعليّة في البلد المعنيّ، أو التستّر على علاقات وارتباطات يراد التستّر عليها، أو خداع شعوب المنطقة، لا سيّما الشعب الفلسطينيّ، وكسب شعبيّة رخيصة لا صلة لها بفلسطين وأهلها. وربّما كان الرئيس المصريّ جمال عبد الناصر مؤسّس هذه الطريقة، هو الذي قادته الطريق إلى فلسطين إلى... اليمن، فتورّط هناك، على مدى الستينات، في نزاع أهليّ ومديد ومكلف. والبائس أنّ السير إلى فلسطين عبر اليمن لم يتوقّف إلاّ في 1967 حين كادت إسرائيل، التي أراد عبد الناصر الوصول إليها، تصل إلى القاهرة. لكنّ الزعيم المصريّ، قبل أن يصل إلى اليمن، عرّج على العراق والأردن ولبنان أواخر الخمسينات، متورّطاً في دعم قوى وفي منازعة قوى أخرى، ما تأدّى عنه رضّ تلك المجتمعات العربيّة وإضعاف نسيجها الوطنيّ الضعيف أصلاً. كذلك وعدنا البعثان الحاكمان في سوريّة والعراق بطريق توصل إلى فلسطين. لكنّ البعث الأوّل آثر أن يقفز فوق الجولان ليستقرّ في لبنان، حيث قدّم مساهمته الكبرى والفعّالة في تعزيز أسباب الصراع الداخليّ بين اللبنانيّين، مقدماً على حصار المقاومة الفلسطينيّة فيه ثمّ طردها منه. أمّا البعث الآخر، العراقيّ، فكانت طريقه الالتفافيّة إلى فلسطين أطول كثيراً، إذ قادته شرقاً إلى إيران حيث نشبت حرب هائلة الكلفة والطول، قبل أن تقوده جنوباً إلى الكويت التي أدّى طرده منها إلى استدعاء جيوش العالم وأساطيله إلى المنطقة. وبدورها شاءت الثورة الإيرانيّة ونظامها اصطحابنا إلى فلسطين، ولهذا الغرض أنشآ «يوم القدس»، فإذا بهما يصطحباننا إلى معارك ومواجهات تبدأ باستطابة البقاء في النزاع مع العراق ولا تتوقّف عند ما بات يُعرف بـ «الملفّ النوويّ». حتّى المحاولة الصادقة الوحيدة لشقّ تلك الطريق، أي محاولة المقاومة الفلسطينيّة، طمرتها رمال التكوين الأهليّ والنزاعيّ لمجتمعاتنا. فإذا بهذه الطريق تتّجه إلى عمّان، ثمّ إلى جونيه التي جعلها قائد فلسطينيّ شهير محطّة شرعيّة على تلك الطريق. وهذا فيما حلّق البعض في الفضاء الخارجيّ متوهّمين أنّ خطف طائرة من هنا وطائرة من هناك هو ما يوصل إلى فلسطين. ومن غير أن نشير إلى محاولات أكثر سخافة وأشدّ كذباً كتلك التي كان يرعاها على نحو موسميّ معمّر القذّافي، يشقّ «حزب الله» طريقاً أخرى إلى فلسطين. وحين يتّضح أنّ مزارع شبعا ليست سبباً كافياً للاحتفاظ بسلاح غير شرعيّ، يؤتى على ذكر فلسطين المجاورة لجنوب لبنان. لكنّ الجوار الجغرافيّ هنا لم ينفع بأكثر ما نفع جوار الجولان السوريّ وفلسطين. وفي المعنى هذا، نعاود الاكتشاف أنّ الطريق الفعليّة إلى فلسطين إنّما تمرّ بمدينة حمص وبلدة القصير السوريّتين. فهناك يسقط لـ «حزب الله» قتلى وجرحى لم يكونوا ينوون إلاّ الصلاة في المسجد الأقصى. أفما آن لهذه الطرق الملتوية أن تكفّ عن الالتواء ما دام أنّ التكرار يعلّم... البشر؟

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حمص طريق أخرى إلى فلسطين حمص طريق أخرى إلى فلسطين



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia