الزواج المدنيّ في كلام الوزير اللبنانيّ

الزواج المدنيّ في كلام الوزير اللبنانيّ

الزواج المدنيّ في كلام الوزير اللبنانيّ

 تونس اليوم -

الزواج المدنيّ في كلام الوزير اللبنانيّ

حازم صاغية

 من غير الجائز تحميل وزير الداخليّة اللبنانيّ نهاد المشنوق، أو أيّ وزير في لبنان، سابق أو حاليّ، مسؤوليّة الطائفيّة اللبنانيّة وما ينجرّ عنها من قوانين أو أعراف. وهذا علماً أنّ الوزير المشنوق، وكلّ الوزراء السابقين والحاليّين، يدينون بوصولهم إلى المناصب التي وصلوا إليها لتلك الطائفيّة إيّاها، بمنافعها التي تعود على القلّة ومضارّها التي ترتدّ على الجميع.

مع هذا، جاءت إجابة المشنوق، لدى سؤاله على شاشة «إل بي سي» عن الزواج المدنيّ، لتؤكّد أسوأ الظنون بهذا النظام ورموزه وطرق اشتغاله.

فقد كان بإمكان الوزير مثلاً أن يقول إنّ الظروف في لبنان لم تنضج بعد للزواج المدنيّ، أو إنّ حصول استقرار أمنيّ مديد ومكرّس هو ما يزيل مخاوف كلّ من الطوائف حيال الطائفة الأخرى، فاتحاً الباب لتوسيع المساحات المشتركة بينها، وفي عدادها الزواج المدنيّ.

فإجابات كهذه تتضمّن الإقرار بصواب الزواج المدنيّ وبقصور المجتمع اللبنانيّ في وضعه الراهن عن إدراكه، وهو ما يتركنا أمام أمل ما بمستقبل ما. لكنّ الوزير فضّل إجابة تخطّىء الزواج المدنيّ نفسه وتعلن صواب هذا المجتمع، فتسدّ باب المستقبل فيما تلغي كلّ فارق محتمل بين السياسيّ ورجل الدين. لقد قال بالحرف الواحد: «... لا أشجّع على هذه المسألة (أي الزواج المدنيّ) في لبنان. قبرص ليست بعيدة. إذا كان سيكون هناك تسجيل، ينبغي أن يكون التسجيل واضحاً: هذا الشخص من أيّ طائفة، من أيّ مذهب...».

هكذا لم يكتفِ المشنوق برفض الزواج المدنيّ، بل حاول أن يتقدّم بما يشبه الأساس النظريّ الذي ينسف كلّ ما يقوم عليه الزواج المدنيّ: معرفة أيّ طائفة وأيّ مذهب كمقدّمة لأيّة خطوة عمليّة أخرى! وضمن هذا التصوّر تكتسب عبارة «قبرص ليست بعيدة» معنى يشبه المعنى الذي تقصده العبارة العامّيّة «درب السدّ ما يردّ».

والحال أنّ قرب قبرص لا يحلّ الكثير من المشاكل إذ لا يلبث الزوجان المتزوّجان هناك أن يصطدما بالتعقيدات الفعليّة التي تطرحها عليهما التركيبة الطائفيّة اللبنانيّة، خصوصاً منها مسألة التوريث. إلاّ أنّ قرب قبرص يكفي لكشف حقيقتين بالغتي الأهميّة كافيتين لإشعار من يخجل بالخجل:

أولاهما، أنّ السياسيّين في لبنان، من دون استثناء تقريباً، غير معنيّين بمخاطبة القطاع الشبابيّ والحديث الذي يضطرّ لـ «الفرار» إلى الجزيرة المجاورة من أجل عقد زيجة مدنيّة هي أقرب إلى الموقف منها إلى الفعاليّة. فأولئك السياسيّون معنيّون فحسب بالجمهور الطائفيّ وبحساباته وحساسيّاته. وهذا كي لا ننساق وراء طموح ساذج كأنْ نطمح بتدخّلهم لتعديل هذا المزاج الطائفيّ أو تغييره. ذاك أنّ مهمّة كهذه تتطلّب قادة يتصدّون للشعبويّة وللسائد بدل أن ينقادوا لهما، وقادة مثل هؤلاء معدومو الوجود في لبنان.

والثانية، أنّ قبرص، التي هي على مرمى حجر من شواطئنا، هي المكان الوحيد في هذه المنطقة الذي انتهت حربه الأهليّة واستقرّ استقراراً نحسده عليه. والفارق هذا ليس نتيجة للزواج المدنيّ بطبيعة الحال، إلاّ أنّ الزواج المدنيّ وما ينتمي إلى أفقه في السلوك والعلاقات هما من نتائج هذا الفارق. فلو كنّا أقرب إلى قبرص، في الزواج المدنيّ وفي سواه، لما اضطرّ الوزير المشنوق لأن يبذل الجهود التي يبذلها اليوم ما بين طرابلس وسجن رومية ومخيّم عين الحلوة وسواها لإبقاء العنف تحت السيطرة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الزواج المدنيّ في كلام الوزير اللبنانيّ الزواج المدنيّ في كلام الوزير اللبنانيّ



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia