إسرائيل تخسر، ولا أحد يربح

إسرائيل تخسر، ولا أحد يربح

إسرائيل تخسر، ولا أحد يربح

 تونس اليوم -

إسرائيل تخسر، ولا أحد يربح

حازم صاغية

تناول عدد معتبر من المعلّقين العرب والإسرائيليّين وسواهم تحوّلات الرأي العامّ الأوروبيّ بعد حرب غزّة. ولئن ساد نوع من الإجماع المُحقّ على أنّ إسرائيل خسرت معركة الرأي العامّ الأوروبيّ، وهذا مكسب كبير من حيث المبدأ، لم تظهر آراء جازمة في ما خصّ الطرف المستفيد من خسارة إسرائيل أو القادر على توظيفها واستثمارها.

ففي أواخر الستينات وفي السبعينات، كان الكلام على الرأي العامّ الغربيّ وضرورة كسبه يستند ضمناً إلى وجود طرف يمكنه، ولو نظريّاً، أن يكسب. وكان الطرف المذكور والمعوّل عليه هو «منظّمة التحرير الفلسطينيّة» في ظلّ قيادة غير دينيّة على رأسها، وفي ظلّ اندراجها في حركات التحرّر الوطنيّ من روديسيا (زيمبابوي) وجنوب إفريقيا إلى أنغولا والموزامبيق انتهاء بفيتنام وكمبوديا ولاوس. فعلى اختلاف هذه الحركات، والتباين بين واحدتها والأخرى، تضافر وجود الحرب الباردة والطلب العالميّ الواسع على نزع الاستعمار لتوسيع مؤيّديها وخدمة أغراضها.

لكنّ «منظّمة التحرير الفلسطينيّة» لم تستطع أن تكسب المعركة التي كسبتها الحركات الأخرى، ليس فقط لأنّ الرأي العام الغربيّ رفض تصنيف إسرائيل استعماراً، بل أيضاً بسبب الحماقات والأعمال الإرهابيّة الفاقعة، بل المطنطنة، التي اعتمدتها فصائل وجماعات تابعة للمنظّمة أو محسوبة عليها. فسياسة خطف الطائرات لوديع حدّاد و»جبهته الشعبيّة»، منذ أواخر الستينات، ودورها في تفجير حرب الأردن في 1970، ثمّ عمليّة ميونيخ لـ «أيلول الأسود» في 1972، في بلد يداري حَرجه بالنازيّة وشعوره العميق بالذنب الناجم عنها، كانتا تعبيرين عن استراتيجيّة ليست مهمومةً إلاّ بتنفير الرأي العامّ الغربيّ وبدفعه للتضامن مع... إسرائيل.

لكنّ الكارثة اليوم تتعدّى السياسات الخرقاء التي اعتمدتها أطراف من منظّمة التحرير، لتطال فقدان كلّ أداة يمكن أن تستثمر تراجع إسرائيل أو أن تفيد منه.

فهل تستطيع ذلك حركة «حماس»، دع جانباً حركة «الجهاد الإسلاميّ» الإيرانيّة الهوى؟ بالتأكيد لا، وهي التي تجمع بين «إخوانيّتها» وإدارتها المقيتة والمتزمّتة لقطاع غزّة ولطخة ميثاقها الصادر في 1988 والموغل في لاساميّته المترجمة عن أدبيّات اللاساميّة المسيحيّة في أوروبا.

وهل لـ «حماس» أن تكون، لدى الرأي العامّ الأوروبيّ، ذاك البديل الذي تنجذب إليه العواطف والعقول؟ الجواب قطعاً لا، ولا فارق هنا أكانت «حماس» مرعيّة من طهران ودمشق، أم من أنقرة والدوحة.

وهذا الواقع المُرّ معطوف على أنّ الوضع العربيّ الأعرض لا يخدم ولا يفيد. فهو أيضاً لا يجذب العواطف والعقول بتاتاً، إلاّ أنّه، فوق ذلك، لا يستطيع أن يستثمرها إذا ما انجذبت إليه. وهذا كي لا نقول إنّه أكثر انشغالاً بهمومه الذاتيّة والمباشرة من أن يلتفت إلى مواقف الرأي العامّ الأوروبيّ من غزّة وفلسطين.

وما يزيد الصورة قتامةً تلك الأسلمة المتعاظمة التي تعرّضت لها القضيّة الفلسطينيّة في العقود الثلاثة الماضية، في ظلّ الحضور الواسع للمهاجرين المسلمين في أوروبا والوعي الذي يتسلّح به أغلب ناشطيهم وفاعليهم. فيُخشى دائماً، والحال هذه، أن تظهر أفعال لاساميّة في باريس ولندن وبرلين لا تفعل إلاّ التخفيف من حجم الهزيمة الإسرائيليّة في الرأي العامّ الأوروبيّ.

ويتكفّل بالباقي مناخ الانعزال الصاعد في الغرب، الأميركيّ منه والأوروبيّ على السواء، والانكفاء عن سياسات وحروب يرونها مكلفة وغير مفهومة معاً. وهذا ما يغلّب اللون الإنسانيّ للدعم في حال قدومه، فيما يُضعف اللون السياسيّ حيال مشكلة يزداد وجهها السياسيّ ضموراً وشحوباً.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسرائيل تخسر، ولا أحد يربح إسرائيل تخسر، ولا أحد يربح



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia