هيلاري كلينتون كضرورة عربيّة

هيلاري كلينتون كضرورة عربيّة

هيلاري كلينتون كضرورة عربيّة

 تونس اليوم -

هيلاري كلينتون كضرورة عربيّة

بقلم : حازم صاغية

إذا جاز تشبيه الأفراد بالأوضاع العامّة، والأوضاع العامّة بالأفراد، جاز القول إنّ شبهاً ما يجمع بين أحوال العرب راهناً وبين شخص المرشّح الرئاسيّ الأميركيّ دونالد ترامب. فهو ونحن في انتكاستنا المقيمة، نتشارك في الكشف عن نكوص طفليّ شرّير، وعن حاجة إلى رعاية وتوجيه، وعن اختلاط في المعاني والمفاهيم، وعن قابليّة هوجاء للتدمير الذاتيّ، وعن مجافاة جريئة لحقائق الواقع. وعن تلك القواسم المشتركة وسواها، ينتج قاسم آخر هو أنّنا، بأوضاعنا وأوضاعه، نتقاسم الصفحات الأولى في الصحف العالميّة، فضلاً عن أعمدتها وتعليقاتها.

فلنتخيّل للحظة، والحال هذه، أنّ أمورنا استمرّت على هذا النحو، بحروبها الأهليّة واستبداداتها العسكريّة وتفسّخ مجتمعاتها وتدهور قيمها وآلام بشرها، ثمّ انضاف إليها – لا قدّر الله – حلول دونالد ترامب في البيت الأبيض.

واقع الحال أنّ بعض الخرابيّين والعدميّين في ربوعنا، وصولاً إلى حلفائهم في طهران وموسكو، سرّبوا رغبتهم في فوز ترامب الذي بات يبدو – لحسن الحظّ – أبعد احتمالاً من ذي قبل. ولئن تكفّل الأخير بجعل امتداحه صعباً على الراغبين فيه، فقد لجأ هواة النوع إلى المبالغة والإفراط في ذمّ منافسته هيلاري كلينتون.

وما لا شكّ فيه أنّ كلينتون ليست العلاج الأمثل لأحوال أميركا وأحوال العالم، ونحن في صدارته. لكنّ ما لا شكّ فيه أيضاً أنّ العلاجات المثلى لا توجد إلاّ في الطوبى، وأنّ المرشّحة الديموقراطيّة لرئاسة الولايات المتّحدة هي اليوم أفضل الموجود بينها. فهي، لا سيّما وقد شغلت سابقاً وزارة الخارجيّة بعد صدورها عن بيت سياسيّ مجرّب، تعرف أكثر ممّا يعرف باراك أوباما أهميّة وضع حدّ للحرب السوريّة يكون بدوره حدّاً لرئاسة بشّار الأسد ولتوسّع النفوذين الروسيّ والإيرانيّ. وهي، في أغلب الظنّ، أكثر استعداداً من أوباما للاستثمار في حلّ النزاع الفلسطينيّ – الإسرائيليّ انطلاقاً من ضبط الجموح الاستيطانيّ. والشيء نفسه يمكن قوله عن سائر نزاعات المنطقة وأزماتها التي أسقطتها «عقيدة أوباما» في سعيها إلى الهرب من «المشكلات» نحو مناطق آسيا والمحيط الهادئ.

في المقابل، ستكون كلينتون، في حال فوزها، أكثر اقتصاداً في التدخّل من جورج دبليو بوش، كما يُرجّح أن يبقى التدخّل البرّيّ المباشر من محرّمات عهدها، تبعاً لتحوّل هذا الموقف، منذ حرب العراق، إلى أحد الإجماعات الأميركيّة، بل الغربيّة.

بطبيعة الحال سيبقى هناك من يرفض العلاج الكلينتونيّ لأنّه يرفض كلّ علاج قادم من الولايات المتّحدة، مفضّلاً عليه استمرار الأمور على حالها، أو مفضّلاً «علاجاً شرقيّاً» قد يتوصّل إليه فلاديمير بوتين ورجب طيّب أردوغان ويباركه آية الله خامنئيّ. ولا بدّ أن نسمع نفس الأصوات إيّاها تأخذ على «الرئيسة» هيلاري كلينتون أنّها لن تحرّر فلسطين ولن تطيح الأنظمة غير الديموقراطيّة في المنطقة! بيد أنّ شيئين يبدوان مُلحّين اليوم على نحو حارق:

أوّلاً، أنّ التعامل مع أزمات الشرق الأوسط سيكون المحكّ الأوّل لأيّة سياسة خارجيّة أميركيّة في حقبة ما بعد أوباما، ومن خلال الشرق الأوسط سترتسم علاقات الولايات المتّحدة بأوروبا وروسيّا. هنا تحديداً تستطيع هيلاري أن تخطّ مساهمتها على صفحة أوباما البيضاء.

وثانياً، أنّ المنطقة لن تستطيع بذاتها، وهي حكماً لن تستطيع بروسيّا وتركيّا وإيران، أن تتوصّل إلى حلول معقولة لأزماتها وحروبها المفتوحة.

أمّا في ما خصّ «شريكنا الموضوعيّ» دونالد ترامب، فعلاجه سيكون بالتأكيد أشدّ استعصاء.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هيلاري كلينتون كضرورة عربيّة هيلاري كلينتون كضرورة عربيّة



GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 07:47 2021 الأحد ,05 كانون الأول / ديسمبر

تعيير «الليبراليّين اللبنانيّين» المسموم

GMT 08:18 2021 الأحد ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

في هجاء العصبيّة التي نرزح تحت وطأتها...

GMT 07:51 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تتغيّر سوريّا و«تعتدل»؟

GMT 08:13 2021 الأحد ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان الـ 2021 غير لبنان الـ 89

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia