رئيس الجمهوريّة وبائع السمك المطحون

رئيس الجمهوريّة وبائع السمك المطحون

رئيس الجمهوريّة وبائع السمك المطحون

 تونس اليوم -

رئيس الجمهوريّة وبائع السمك المطحون

بقلم : حازم صاغية

يوم أمس اختصرت الرقعةَ العربيّة صورتان: في المغرب طحنت شاحنة للنفايات، في منطقة الريف الأمازيغيّة شمال البلاد، جثّة شابّ اسمه محسن فكري وعمره 29 سنة.

 السلطات صادرت أسماكه التي يعتاش من بيعها ثمّ باشرت إحدى شاحناتها للنفايات طحنها، لكنّ محسن فكري لحق بأسماكه محاولاً إنقاذها فطحنته الشاحنة هو أيضاً.

أمّا الصورة الأخرى، ففي لبنان، حيث انعقدت جلسة انتخاب ميشال عون رئيساً جديداً للجمهوريّة.

العلاقة بين الحدثين والصورتين إنّما تصنعها هزيمة الثورات العربيّة وظفر الثورات المضادّة. فالانتخابات اللبنانيّة لا تعدو كونها ثمرة من ثمار الهزيمة والظفر المذكورين، وكذلك طحن محسن فكري الذي يدمي القلب بقدر ما يصفع الوجه ويتحدّى العقل والكرامة الإنسانيّة.

لنتذكّر فقط أنّ الشرارة التي أطلقت الثورات العربيّة كانت إضرام شابّ تونسيّ اسمه محمّد البوعزيزي النار في نفسه يوم 17 كانون الأوّل (ديسمبر) 2010، أمام مقرّ ولاية سيدي بوزيد، احتجاجاً على مصادرة السلطات البلديّة في تلك المدينة عربة كان يبيع عليها الخضار والفاكهة كسباً لرزقه ورزق عائلته.

ولأنّ هذه الشرارة أطفئت جزئيّاً، كما انطفأت جزئيّاً، بات ممكناً أن تحلّ عليه وعلينا مأساة محسن فكري الرهيبة، وأن يُنتخب ميشال عون رئيساً للجمهوريّة اللبنانيّة. 

فالصفحة التي فتحها البوعزيزي بجسده أغلقها فكري بجسده أيضاً، وهو الإغلاق الذي تكرّسه تحوّلات مؤسّساتيّة يراد لها تأبيد تلك الخلاصات المُرّة، على ما نشهد في لبنان.

شيء واحد قد يوفّر بعض العزاء، هو أنّ المجتمع المغربيّ ربّما كان من أكثر المجتمعات العربيّة ديناميّة، والدولة المغربيّة ربّما كانت (والعتبة، هنا، منخفضة دائماً) من أكثر الدول العربيّة قدرة على الاستجابة لما يحصل في المجتمع والتفاعل معه.

 وربّما رتّب اشتغال هذين العاملين معاً شيئاً من التصحيح يطاول المسألة الاجتماعيّة والحقوق السياسيّة. هذا التعويل، الضعيف والبالغ النسبيّة، هو ما يمكن أن يبلغه سقف الأمل اليوم في هذه الرقعة العربيّة الغارقة بدمها وذلّها، وبزواج معقود بين قسوتها وتخلّفها، تضحياتها وتفاهاتها، برمها بحاضرها وانسداد المستقبل في وجهها.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رئيس الجمهوريّة وبائع السمك المطحون رئيس الجمهوريّة وبائع السمك المطحون



GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 07:47 2021 الأحد ,05 كانون الأول / ديسمبر

تعيير «الليبراليّين اللبنانيّين» المسموم

GMT 08:18 2021 الأحد ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

في هجاء العصبيّة التي نرزح تحت وطأتها...

GMT 07:51 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تتغيّر سوريّا و«تعتدل»؟

GMT 08:13 2021 الأحد ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان الـ 2021 غير لبنان الـ 89

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia