القوات الإيرانية ـ العراقية تتدفق لاحتلال سوريا

القوات الإيرانية ـ العراقية تتدفق لاحتلال سوريا

القوات الإيرانية ـ العراقية تتدفق لاحتلال سوريا

 تونس اليوم -

القوات الإيرانية ـ العراقية تتدفق لاحتلال سوريا

غسان الإمام

عندما اجتاحت اليابان «ممتلكات» أميركا ووجودها في شرق آسيا وجنوبها، خلال الحرب العالمية الثانية، أمر الجنرال دوغلاس ماك آرثر الأميركيين المنسحبين بكتابة عبارة «سنعود» في كل مكان يغادرونه، حتى على علب الكبريت الفارغة، وذلك من قبيل الحرب النفسية.

وعندما عادت أميركا بقوة إلى المنطقة المذكورة، وضعتها تحت مظلتها إلى الآن. وكان على الرئيس هاري ترومان أن يقنع الجنرال، بعدم إعدام الإمبراطور هيروهيتو. وعندما ألح الجنرال على استخدام القنبلة النووية ضد الصين في الحرب الكورية، اضطر ترومان الذي استخدم هو نفسه القنبلة المخيفة ضد اليابان، إلى تسريح الجنرال العنيد. فجرى له استقبال شعبي حافل في نيويورك، إلى درجة راجت شائعات آنذاك، بأن الجنرال كان قادرا على القيام بانقلاب عسكري ضد ترومان.

هل كان الشاعر نزار متأثرا بدعاية «عودة» الأميركان، عندما روى حكاية حب لم يكن بطلها، في قصيدته الغنائية الشهيرة «ما أحلى الرجوع إليه»، تماما كما هي أميركا الراغبة في الرجوع إلى المنطقة العربية، و«براءة الأطفال في عينيها، وكأن شيئا لم يكن»؟!

في الجواب، فالشاعر مات ولم يسله أحد. المهم أن أميركا عائدة إلى الشرق الأوسط. فما أحلى الرجوع إليه! على الرغم من أنها ما زالت سيئة السمعة فيه. فقد شوهتها حليفتها إسرائيل، باحتلالها الدائم للفلسطينيين.

وانتهزت إيران الفرصة، فروجت ثقافة الكراهية لأميركا. لكن العرب الذين يمارسون كره أميركا علنا، يرغبون سرا بعودتها، لظنهم أن بإمكانها إنقاذهم من الفوضى والحروب التي تجتاحهم.

وإذا كانت حكايات الهجر والوصل في الحب، لا تروى غالبا في الصحافة العربية، لخصوصيتها الشديدة في مجتمعات محافظة. فما أسهل أن تروى حكايات الحب والكراهية في السياسة! فكل شيء فيها متاح ومباح. فهنا تلعب المصالح، لا العواطف، الدور في العلاقة بين دول عاجزة عن تمثيل وتقليد العشاق.

ما زالت الطبقة السياسية الحاكمة في الولايات المتحدة، هي التي تتخذ قرار الحرب والسلم. وهذه الطبقة هي الراغبة في العودة السياسية والعسكرية بقوة إلى المنطقة العربية، على الرغم من أن رجل الشارع الأميركي، وخصوصا طلبة الجامعات، لا يرغبون في توريط بلدهم مرة أخرى في المنطقة. ويقف الرئيس باراك أوباما إلى جانب الرأي العام. لكن أوباما في نهاية ولايته الثانية بطة عرجاء. كل ما تستطيع أن تفعله هو عرقلة العودة، ريثما يتم انتخاب رئيس جديد (2016 / 2017).

يفلسف أوباما استراتيجيته الفاشلة التي أعلن عنها في أوائل العام الحالي. وجدد تأكيدها في لقائه الأخير مع زعماء دول الخليج، بانهزامية واضحة. فيتحدث عن محدودية قدرة أميركا على صياغة الأحداث العالمية. ويقول إن أزمات الشرق الأوسط «ليست لها نهايات سريعة وسهلة».

لكن لا بد من الاعتراف بأن أوباما نجح في استخدام تقنية الحرب الحديثة (طائرة درون. وقوات الكوماندوس. والتنصت الإلكتروني) في دفن ابن لادن في البحر. وتهميش «قاعدته». بتصفية زعمائها في الصومال.

واليمن. وأفغانستان. وباكستان. باستثناء سوريا وليبيا، حيث تنشط جبهة «النصرة» وما يماثلها من التنظيمات «القاعدية». ثم إجبار الحوثية، تحت المطرقة السعودية الجوية، على الإعلان عن الانسحاب من المدن اليمنية. وحضور مؤتمر جنيف الدولي، في الشهر الحالي، للبحث في تسوية سياسية، تنقذ اليمن من التدخل الإيراني عبر الحركة الحوثية.

من هم دعاة التدخل الأميركي السريع في المنطقة العربية؟ إنهم المرشحون المتنافسون في الحملة الانتخابية الرئاسية. وأولهم هيلاري كلينتون أبرز المرشحين. وأكثرهم شعبية وحظا في الفوز. ثم هناك المنافسون الجمهوريون لها الذين يدعمهم السناتوران البارزان ليندسي غراهام. وجون ماكين.

جعل هؤلاء جميعا التدخل في الشرق الأوسط، قضية انتخابية إلى جانب القضايا الداخلية. وهم يضغطون بشدة على أوباما، لاستباق التدخل الإيراني، بإنزال قوات أميركية في العراق وسوريا مؤلفة من قوات العمل خلف الخطوط (كوماندوس). وهدفها أولا «داعش». التي أخفق القصف الجوي، في وقف تقدمها في البلدين.

يحدد ماكين وغراهام هذه القوات بعشرة آلاف جندي. لكن هذا العدد غير كاف لمواجهة التطورات الدرامية في المنطقة، بعد فشل الهجوم الشامل الذي شنته قوات بشار ومرتزقة «حزب الله». وتخليها عن إدلب.

وحلب. وتدمر. ودرعا، أمام التنظيمات الدينية المدعومة تركيا وخليجيا.

وهكذا، فقوة التدخل الأميركي قد تتحول إلى جيش أميركي خرج من الباب، ليعود من الشباك، ويواجه خطرين متناقضين: توسع «داعش». واحتمال احتلالها لحلب والحسكة، بعد احتلالها الرمادي في العراق. وتدمر في سوريا.

وأقول هنا إن استيلاء «داعش» على حلب يهدد بالخطر أقليتين مذهبيتين سوريتين: الأقلية الإسماعيلية في الوسط. والدروز في الجنوب. فضلا عن تدفق ألوف المقاتلين السوريين، ومن العالم الإسلامي، لمناصرة «داعش».

وفي المقابل، فعلى قوة التدخل الأميركي أن تواجه. أو أن تتفرج على تدفق القوات الإيرانية والميليشيات العراقية العميلة لإيران، على التدخل المباشر في سوريا، والاقتراب من الحدود السعودية والأردنية، بعد طرد قوات «داعش» من منطقة النخيب في جنوب صحراء الأنبار العراقية.

مصادر المعارضة السورية تقدر عدد القوات الإيرانية والعراقية المتدفقة على سوريا بنحو 15 ألف جندي وميليشيوي. وأمَّن نظام بشار إيواءهم في المنطقة العلوية على الساحل، وفي المخيمات الفلسطينية المجاورة لمقام السيدة زينب الشيعي في ريف دمشق، بعد طرد اللاجئين الفلسطينيين منها.

لم تبدأ، بعد، معركة استرداد ما خسره النظام السوري في الشمال (حلب وإدلب). وفي الشمال الشرقي (الحسكة) حيث تتنازع «داعش» مع الميليشيات الكردية على السيطرة على الحدود السورية مع تركيا. غير أن القتال على أشده بين «حزب الله» والتنظيمات السنية الدينية في منطقة القلمون السورية، حيث يحاول الحزب فصل هذه التنظيمات عن امتداداتها داخل لبنان السني (منطقة عكار وعرسال في الشمال).

وتقوم حكومة حيدر العبادي العراقية بالتغطية على التدخل الإيراني/ العراقي المباشر في سوريا. وتصل المغالطة إلى حد قول العبادي إن العراق ليس بوابة للتدخل الإيراني في سوريا. ولا علاقة له بالنزاع الإيراني/ السعودي، فيما يطالبه مؤتمر باريس الفاشل باستعادة الرمادي. ومصالحة السنة العراقية. وإشراكها مع الشيعة والأكراد في صناعة القرار السياسي.

ما أحلى الرجوع الأميركي إلى هذه المنطقة الخطرة، لا سيما إذا ما تدخلت تركيا عسكريا في سوريا، لمواجهة التدخل الإيراني، إذا امتد إلى حلب وإدلب المجاورتين لحدودها. وكل ذلك يعني أن المأساة السورية/ العراقية مرشحة إلى التصعيد والاستمرار، ربما سنين أخرى.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القوات الإيرانية ـ العراقية تتدفق لاحتلال سوريا القوات الإيرانية ـ العراقية تتدفق لاحتلال سوريا



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia