سلمان ملكا حكمة السياسة من موقع القوة

سلمان ملكا: حكمة السياسة من موقع القوة

سلمان ملكا: حكمة السياسة من موقع القوة

 تونس اليوم -

سلمان ملكا حكمة السياسة من موقع القوة

غسان الإمام

إذا سألت سعوديا عاديا في المدينة أو البادية: ماذا تعرف عن سلمان بن عبد العزيز؟ لأجابك فورا: إنه الإنسان. وهكذا عرفت أنا خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبد العزيز، قبل أن يغدو ملكا. فقد جعل خدمة الإنسان مؤسسة خدمة اجتماعية، في مفهومه للعلاقة بين المسؤول والشعب. وفي رؤيته للحكم. والأمن. والسلم المدني.

وإذا سألت أميرا أو سعوديا في موقع المسؤولية: ماذا عرفت عن تجربتك وصلتك مع سلمان بن عبد العزيز؟ لأجابك: الحكمة في العلاقة الإنسانية. والتواضع في موقع المسؤولية. والحزم والحسم في القرار السياسي والإداري.

الحزن ليس بثقافة رسمية أو دينية في هذه المملكة. إنه علاقة شخصية نبيلة بين السعودي المؤمن ومليك يرحل. لكن لا يغيب. فقد ظل العاهل عبد الله بن عبد العزيز سبعين سنة من عمره، على علاقة الولاء مع والده المؤسس. وعلى علاقة المحبة الصافية والتعاون، مع إخوته ملوكا وأمراء، حيثما كان هو في موقع المسؤولية وولاية العهد.

هذه العلاقة الأخوية الصافية ميزت أيضا نسيج الوفاء. والتعاون. والتنسيق. والمشورة، بين العاهل الراحل و«الأمير» سلمان بن عبد العزيز، في كل مواقع المسؤولية. فارتفعت فوق كل سلبيات التحليلات المغرضة. والتوقعات الإقليمية والأجنبية المعادية التي حاولت النيل من شرعية النظام. واستقرار الحكم. وهيبة السلطة. والسلم الأمني والمدني.

وعلى هذا المستوى الممتاز في تحمل المسؤولية داخل الأسرة المالكة يتم بيسر وسهولة انتقال شرعية الولاية. والسلطة. والإدارة، في إطار الولاء. والوفاء. والثقة المطلقة بالعاهل سلمان بن عبد العزيز، وبولي عهده الأمير مقرن بن عبد العزيز، على هدي علاقة الاحترام المتبادل. والمودة التي ربطت بينهما في المرحلة الأخيرة.

الإجراءات الإدارية الداخلية جاءت محلية وضيقة. وفرضها تولي القيادة الجديدة السلطة. لكن التعيينات في المراكز القيادية اقتضاها ملء الفراغ الواجب بأسرع وقت ممكن. وفي مقدمتها تعيين الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية وليا لولي العهد. ونائبا ثانيا لرئاسة مجلس الوزراء. أما اختيار الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز وزيرا للدفاع، فقد جاء منسجما مع وعيه. وكفاءته. وثقة والده الكبيرة به. وخبرته ومكانته داخل القوات المسلحة السعودية.

لا شك أن سلمان بن عبد العزيز خير من يعي دقة المرحلة الراهنة التي تمر بها المنطقة. وخير من يدرك مسؤولية المملكة العربية السعودية التي غدت القيادة القومية للعالم العربي، في مواجهة تحديات. وأزمات. وظروف إقليمية ودولية، لم يسبق أن واجهها العرب، ومسؤول في موقع السلطة والقيادة.

وأستطيع أن أقول إن السياسة السعودية تجاه هذه التحديات والظروف، سوف تتسم بحكمة العاهل السعودي الجديد التي تميزت بها تجربته الطويلة في تحمل المسؤولية. وفي قدرته على المحافظة على ثوابتها المستقرة وحاجاتها الإصلاحية. وفي علاقته الوثيقة بالمؤسسة الدينية السعودية، لضمان الأمن. والاستقرار. وسلام المملكة.

لقد هزت الانتفاضات العربية استقرار دول. وعصفت بأنظمة عربية وإقليمية. وأثبت النظام السعودي في استقراره، ووعي مسؤوليه ومواطنيه، قدرته على تجنب السلبيات الخطيرة لهذه الانتفاضات. وتجنيب الخليج ودول عربية مضاعفات الزلازل السياسية والاضطرابات الاجتماعية.

حكمة العاهل سلمان بن عبد العزيز تتجسد في قدرته على حفظ توازن القرار السياسي السعودي وعقلانيته، في عالم مضطرب. ومن شأن تعزيز هذا التوازن في عهده تخفيف التوتر الإقليمي، بما عرف عن المملكة، من كفاءة دبلوماسية في معالجة الأزمات الطارئة.

غير أن من يعرف الطبع الهادئ لدى سلمان بن عبد العزيز، وسلوكه المتعقل والمتوازن في التصرف، يدرك أن القرار السياسي. والأمني السعودي، في عهد الملك الجديد وولي عهده، لن ينقصه الحزم. والحسم. والسرعة. والمفاجأة.

وبمعنى آخر، فسياسة المملكة العربية السعودية تقوم وتنطلق من موقع القوة التي تعتمدها القيادة الجديدة، نفسيا. ومعنويا. وماديا. سلمان بن عبد العزيز يعي تماما مسؤولية السعودية، بعد انتقال مركز الثقل العربي السياسي والمادي إليها، من دون أن تطلبه. أو تنافس أي دولة عربية عليه.

وأعتقد أن التضامن بين القيادتين السعودية والمصرية، كما أرساه العاهل الراحل عبد الله بن عبد العزيز سوف يواصل تطوره الإيجابي في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز. وها هو الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نفسه يعلن من الخليج أن أمن الخليج خط مصري أحمر، لأن أمن مصر والخليج واحد. إنها راحة. وطمأنينة. وثقة بالنفس أن يسمع العرب ذلك، من رئيس أكبر دولة عربية، في هذا الوقت بالذات.

يبقى اليمن المشكلة الخطيرة الفورية التي يتعين على القيادة السعودية الجديدة مواجهتها، بعد التطورات الأمنية. والعسكرية. والسياسية هناك. اليمن امتحان كبير لسياسة وقرار سلمان بن عبد العزيز. بل أقول إن الرؤية الدولية والإقليمية لسياساته المستقبلية تعتمد على كيفية معالجته الأزمة اليمنية. لأنها تعطي إشارات واضحة لسياسة السعودية تجاه إيران المتورطة في انتهاك سيادة واستقلال بلد عربي، بعد تورطها المماثل في المشرق العربي.

حسمت السعودية التدخل الإيراني في البحرين. وحالت دون أن يتحول البحرين إلى لبنان أو يمن آخر، تهيمن عليه القوى الطائفية المسنودة إيرانيا. قدمت السعودية دعما سخيا للجيش اللبناني، لمواصلة مواجهته لقوى الإرهاب. ولعله يقف في مواجهة حزب الله الذي يتعمد مواصلة إفراغ الموقع الرئاسي الماروني، وتوريط لبنان في الحرب السورية.

أظن أن القيادة السعودية الجديدة سوف تواصل سياسة التهدئة وتخفيف التوتر مع الجارة البحرية إيران، بانتظار ما ستسفر عنه التسوية السرية بين إيران وأميركا. القنبلة خطر على الأمن القومي العربي. إطلاق أميركا يد إيران في المشرق العربي، لتجنيب إسرائيل خطر القنبلة الإيرانية، خطر آخر على العرب. فأي الشرين تختار إيران؟ استمرار تدفق النفط السعودي يزعج إيران. ويحد من قدرتها على تمويل مجهودها الحربي في سوريا واليمن. وهي تسعى مع روسيا لتأليب أميركا. والجزائر. والعراق. ودول أميركا اللاتينية ضد السياسة النفطية السعودية. فأي سياسة نفطية سوف تختار القيادة السعودية الجديدة؟ في النواح الإيراني على مساعد قاسم سليماني الذي صادته إسرائيل في الجولان، اتهام جديد للنظام العربي و«داعش»، بالتحالف مع إسرائيل ضد إيران! أعتقد أن القيادة السعودية الجديدة لا يفوتها غرض إيران من تعبئة «حزب الله» في الجولان. فهي لا تريد فتح معركة مع إسرائيل، إنما تريد فتح معركة النظام السوري لاستعادة درعا وسهل حوران من «جبهة النصرة»، وصولا إلى تأمين التماس مع الحدود الأردنية.

رحم الله الراحل الكبير عبد الله بن عبد العزيز. وأطال الله في عمر سلمان بن عبد العزيز. ووفقه ملكا وخادما لدينه. وبلده. وأمته.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلمان ملكا حكمة السياسة من موقع القوة سلمان ملكا حكمة السياسة من موقع القوة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia