التدخل الإسرائيلي يخدم نظام بشار

التدخل الإسرائيلي يخدم نظام بشار

التدخل الإسرائيلي يخدم نظام بشار

 تونس اليوم -

التدخل الإسرائيلي يخدم نظام بشار

غسان الإمام

في ثرثرته الطويلة مع جلسائه وزواره، المقربين، كان الرئيس حافظ الأسد يعتذر عن إبقاء الجولان جبهة صامتة، بالحديث عن «استراتيجية التوازن». فهو لن يخوض حربا مع إسرائيل، إلا عندما يتوفر التوازن العسكري معها، من حيث التسليح والتدريب. يضيف الأسد بأن الجولان تبادلتها الأيدي أكثر من مرة خلال حرب أكتوبر (1973). وكان بإمكان السوريين استعادتها بشن هجوم معاكس آخر. لكن قبلوا بوقف إطلاق النار باكرا، لإنقاذ القوات المصرية من الحصار. تطورت القوات السورية تسليحا وتدريبا منذ تلك الحرب. لكن التوازن الاستراتيجي لم يتحقق. وربما اختل لصالح إسرائيل، أكثر وأكثر بعد انهيار الاتحاد السوفييتي (1989 / 1991). في المقابل، انهارت نظرية الأمن الإسرائيلي. باتت إسرائيل تحسب بدقة حساب الحرب مع العرب. وحلت نظرية «الردع» محل نظرية «الأمن»، وذلك بالاكتفاء بوخز الإبر: عمليات تخريبية خاطفة خلف الخطوط، لا تستدعي بالضرورة حربا، أو ردا من الجانب العربي، حسب التصور الإسرائيلي. كانت نظرية التوازن من ابتكار الفكر «الاعتذاري» عند الأسد. وقد اعتدت إسرائيل مرارا على سوريا في عهد الأب والابن. وكان الرد بأن الاستفزاز (المهين) لن يجرهما إلى الاشتباك. وأنهما هما اللذان يحددان التوقيت. ولم يأت هذا التوقيت أبدا. وقد فضحت الثورة السورية التطوير والتسليح. فتبين أنهما كانا لضرب ملايين السوريين بالمدافع. والدبابات. والطيران. والصواريخ. وليس أبدا إسرائيل. في الأربعاء الماضي، هاجمت إسرائيل سوريا بشار. وهي المرة الرابعة التي تهاجم فيها إسرائيل سوريا، في عهد بشار. وتطوع بشار بالرد التقليدي إياه. في الحساب السياسي، كان النظام العلوي هو المستفيد من العدوان الإسرائيلي. فقد خرجت مزيكا فرقة الدعاية (حزب الله. إيران. روسيا. أنصار الممانعة) لتقول إن إسرائيل اعتدت، فيما كان النظام في ذروة الاشتباك مع الإرهابيين. بل ربما كان مجيء سعيد جليلي إلى دمشق وبيروت، قاطعا حضوره لمؤتمر الأمن في ميونيخ، لمفاتحة بشار بفكرة الرد هذه المرة. لأنها فرصة لشد عزيمة النظام، وإنقاذه أمام المسلمين والعرب من الانهيار التام. جليلي مدير مكتب الأمن الإيراني لدى خامنه ئي وحده يعرف ما إذا كانت إيران جادة في الرد. وقد فاجأت الغرب بالإعلان عن تجنيد مزيد من أجهزة الطرد المركزي، في إثراء مزيد من اليورانيوم. هل يتجاوب بشار؟ هل يغامر؟ إلى الآن، كان «حزب الله» هو الذي يغامر بالرد بأمر من إيران. في المغامرة الأخيرة (2006)، قتل 1200 شيعي لبناني. هذه المرة جاء الدور على بشار، حسب الترتيب الإيراني لفرقة مزيكا الممانعة، وهو على هذه الحالة من الضعف والاهتراء. بعد الحرب الإسرائيلية في لبنان (1982)، اعتمد نظام الأسد الصاروخ والكيماوي في التطوير الدفاعي للقوات السورية. وكدس في مستودعاته عشرات ألوف الصواريخ، من كل الأحجام والأنواع. وقبل الغارة الإسرائيلية الأخيرة، بدأ حشو صواريخ إس - 17 أرض / جو بالكيماوي. وقالت إسرائيل إنها كانت متوجهة إلى حزب الله في لبنان. هل كان بشار يعتزم تسليم حزامه الكيماوي إلى الحزب الإيراني، قبل أن ينهار نظامه؟ أم هو يريد استخدام الحزب مرة أخرى في ملهاة الممانعة؟ أم هو يعتزم مع الحزب إلهاب وتفجير المنطقة كلها، كما هدد ووعد، بعد انفجار الثورة؟ في ضرب الأخماس والأسداس، في متاهة الحرب واللاحرب الجارية حاليا، أترك أصحاب القنابل النووية والصواريخ الكيماوية، وأزور مُعاذ الخطيب شيخ شباب حارة «الائتلاف» السوري المعارض، لأسأل فضيلته، عما إذا كان جادا هو الآخر، في عرضه التفاوض مع نظام بشار؟ إذا كان جادا، فهل تجوز في شرع فضيلته توبة بشار؟ هل يغفر له بعد سقوط أكثر من 60 ألف شهيد بينهم أطفال؟ هل يمكن التوصل إلى اتفاق ينزع قبضة العائلة. والطائفة، عن الجيش. والحزب. وأجهزة الأمن. والإدارة الحكومية؟ هل يمكن بناء دولة ديمقراطية مسالمة. شريفة. ونزيهة، مع بقاء هذا النظام طرفا في اتفاق جاد؟ هناك اعتراض عاصف في تنظيمات الثورة السياسية والمسلحة، في الداخل والخارج، على مبدأ التفاوض. هل الثورة في انحسار. في جمود، بعد الهجوم المضاد الأخير للقوات النظامية؟ أمر غريب والثورة تستكمل في مارس (آذار) المقبل عامها الثاني، من دون أن يصدر ميثاق ثوري، إن لم يجمع التنظيمات الثورية، فهو على الأقل، يحدد نظريا الأهداف. والأدوات. ويحسم المواقف! هل فضيلة الشيخ الخطيب متفائل. متشائم. متشائل، على طريقة الفلسطيني الراحل إميل حبيبي؟ بعد لقاءات الشيخ الأخيرة مع الأصدقاء والوسطاء البيض. والخضر. والسمر، ماذا كانت النصيحة؟ وماذا كانت النتيجة؟ لماذا رحب الفرنسي فابيوس. والتركي داود أوغلو. والروسي لافروف. والأردني ناصر جودة، بحكاية التفاوض؟ إذا سمح لي فضيلته، فسأتمهل قليلا عند الوزير ناصر جودة. أعرف أنه رجل الثقة. وقد خبرت اهتمامه. وشكرت اتصاله. وجوابه عن شكوى قديمة لي. أريد أن أسأله: - لماذا نصب مخيم الزعتري في ذلك المكان الموحش القريب من الحدود؟! فهو حريق في الصيف. غريق في الشتاء. ربما كان أسهل إقامة. وأرخص كلفة. وأرحب ضيافة، لو أنه حل في ظاهر المدن الأردنية. واستفاد من خدماتها. هناك اليوم أكثر من 300 ألف لاجئ سوري في الأردن. اللاجئون الحوارنة ليسوا بغرباء. فهم يمتّون بقرابة العشيرة للأردنيين. وأحفاد العوائل التجارية الدمشقية التي شاركت، منذ مائة عام، في تأسيس الدولة الأردنية، يملأون أسواق عمان والمدن الأردنية، كجزء لا يتجزأ من المجتمع الأردني، وكمواطنين أردنيين أصلاء. أعرف، يا سيادة الوزير، أن الأردن بلد فقير. لكنه سمح. مضياف. فهو عربي أصيل. شارك في تحمل نكبات العرب. ولا أدري لماذا هذا الخلل في سوء الخدمات المقدمة لهؤلاء اللاجئين، مع أن معظم المساعدات آت من دول شقيقة في الخليج. هؤلاء البؤساء في الزعتري لم يأتوا من الصحراء. أتوا من مدن مزدهرة. وبيوت عامرة هدتها أيدٍ آثمة. وما زال ألوف من شبابها يقاتلون في شوارعها. لم تلحقني، بعد، موجة التعصب. الأردن في قلبي. كما الشام. والخليج. والعراق. ولبنان... لا ألوم، يا سيدي، ولا أسألك في السياسة. ولا لماذا يرحب الأردن أو يرفض تفاوض الشيخ الخطيب مع بشار. إنما أسألك عن أهلك. عن 300 ألف إنسان هم في محنة. ولا أقول في مذلة. وأنشد جوابا منك، ليس بدبلوماسية وزير للخارجية، إنما بصراحة ناصر جودة عندما كان وزيرا للإعلام.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التدخل الإسرائيلي يخدم نظام بشار التدخل الإسرائيلي يخدم نظام بشار



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia