رئاسة أوباما الثانية تفرز مفاجأة جديدة

رئاسة أوباما الثانية تفرز مفاجأة جديدة

رئاسة أوباما الثانية تفرز مفاجأة جديدة

 تونس اليوم -

رئاسة أوباما الثانية تفرز مفاجأة جديدة

أمير طاهري

قبيل فوزه بفترة رئاسة ثانية، التقطت الميكروفونات الرئيس باراك أوباما وهو يتحدث ويهمس في أذن الرئيس الروسي، وقتها، ديمتري ميدفيديف. ودار محور الحديث الهامس بينهما الذي تناقلته وسائل الإعلام الأميركية لاحقا حول تعهد أوباما بأن يبدي «مرونة أكبر» خلال فترة رئاسته الثانية.

وربما لا نعلم قط ما الذي كان يقصده الرئيس تحديدا بهذه العبارة الغامضة. إلا أن الكثير من القوى الانتهازية والدول المارقة اعتبرت أن هذه العبارة تعني أن أوباما ينظر لمهمته خلال رئاسته الثانية باعتبارها «كبح جماح» الولايات المتحدة، بدلا من استغلال مواردها الهائلة في فرض رؤية أميركية على النظام العالمي.

ولم تهدر روسيا، المتلقي الأساسي لوعد الرئيس، وقتا، حيث سارعت بالتحرك على جبهات عدة، بل وتخلت عن المحادثات الرسمية بخصوص أوستيا الجنوبية وأبخازيا، وهما إقليمان من الأراضي الجورجية غزتهما روسيا واحتلتهما عام 2008. ثم جاءت الضغوط الروسية على قرغيزستان لإغلاق قاعدة أميركية على أراضيها. وكانت الخطوة التالية محاولة ضم أوكرانيا إلى دارة سيطرتها عبر فرض مرشح موسكو رئيسا للبلاد. وعندما لم يفلح ذلك، أقدمت روسيا ببساطة على غزو القرم وضمته في هدوء. ومثلما أشارت صحيفة «موسكو تايمز» في مقال افتتاحي لها، فإن فلاديمير بوتين شعر بأن يده مطلقة في التلاعب بأية نيران تحلو له.

وكان من شأن الرؤية، التي تعتبر أوباما إما معاديا لفكرة بسط الهيمنة الأميركية أو أسيرا لأوهامه، أن شجعت نظام الأسد على اللجوء للمذابح الجماعية كوسيلة للحكم في الوقت الذي عملت فيه على تعزيز علاقاتها بموسكو وطهران.

أيضا، لم تفوت كوريا الشمالية رسالة أوباما، حيث سارعت هي الأخرى نحو الإعلان عن مشروعها النووي الذي ظل شبه سري حتى ذلك الوقت عبر إجراء تجارب مرتفعة الخطورة لمواد انشطارية والرؤوس الحربية اللازمة لحملها.

أما ملالي إيران، فزادوا من سرعة العمل ببرنامجهم النووي. وبينما عكف أوباما على صياغة «خطابات شعرية» لـ«المرشد الأعلى» علي خامنئي، زاد الملالي من أعداد معدات الطرد المركزي العاملة من قرابة 800 إلى 12 ألفا.

أما الصين، ورغم حرصها المعتاد، فقد قررت هي الأخرى اختبار الوضع الجديد عبر ضم جزيرة فيتنامية إليها، وأعلنت عن مناطق عزل داخل أجزاء من شرق وجنوب بحر الصين، ودخلت في مصادمات مع اليابان وعززت من وجودها في مضيق مالاكا.

في كل الحالات، لم يحبط أوباما خصوم الولايات المتحدة، فعندما استدعت الضرورة «أن يفعل شيئا»، اختار إلقاء واحدة من خطبه التي لا معنى لها أو فرض سلسلة من العقوبات. وقد وصف هذا المزيج بأنه «النهج الدبلوماسي للقرن الـ21».

في وقت سابق من هذا الشهر، كشف النقاب عن مثال آخر جلي ينتمي لهذا التوجه عندما أعلن عن عزمه إنهاء ما يزيد على 50 عاما من التوتر مع كوبا. وعبر عن أمله في أن يتم افتتاح سفارة أميركية في هافانا قبل انتهاء فترة رئاسته الثانية عام 2016.

وفي تبريره لهذه الخطوة، ادعى أوباما أن الحظر الذي فرضه الرئيس جون كيندي عام 1962 «فشل». ونظرا لأن أوباما لم يحدد ما الذي يعتقد أنه كان الهدف من الحظر، لا يمكن أن نعلم ما إذا كان أخفق أم لا، إذا كان الهدف هو إسقاط عائلة كاسترو، إذن نحن في مواجهة فشل بالفعل، لكن، إذا كان هدفه رسم خطوط فاصلة واضحة بين واشنطن ونظام استبدادي، فإن الحظر كان ناجحا. وعلى امتداد نصف قرن، كانت الولايات المتحدة النظام الديمقراطي الغربي الوحيد الذي لم يتخل عن معارضته لنظام قمعي اتسم دوما بأسوأ سجل لحقوق الإنسان في أميركا اللاتينية.

أما المبرر الثاني الذي ساقه أوباما لاستعادة العلاقات مع كوبا، فهو أن حاشية كاسترو ستساعد عملية خيالية لبث روح الليبرالية في هذه الجزيرة الأسيرة. بيد أن هذه تحديدا الخرافة التي عززتها كثير من الأنظمة الديمقراطية الغربية، خاصة كندا وفرنسا، على مدار نصف القرن المنصرم. وبالفعل، وطدت باريس وأوتاوا علاقاتمها مع هافانا، لكنهما أخفقتا في إقناع عصبة كاسترو للتسامح مع أي صورة من صور الانشقاق. على أية حال، الواضح أنه بعد نصف قرن من العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، لم يتحقق كثير فيما يخص ترويض كيم يونغ أون.

خلال الخطاب الذي ألقاه بخصوص كوبا، طرح أوباما سردا للعلاقات الأميركية مع أميركا اللاتينية يرمي لإرضاء آل كاسترو، حيث تحدث عن «الاستعمار» كما لو أن الولايات المتحدة بعثت ملايين «المستعمرين» للاستقرار في أميركا اللاتينية رافعين اسم إمبراطورية لا وجود لها. في الواقع، إن الولايات المتحدة هي التي كانت وما زالت «مستعمرة» من قبل الملايين من شتى أرجاء العالم، بينهم 14 مليونا من أميركا اللاتينية.

أيضا، في خضم سعيه لإرضاء آل كاسترو، أعلن أوباما بلغة إسبانية ضعيفة: «نحن جميعا أميركيون». ومن بين الأهداف وراء هذه الجملة العجيبة بناء تكافؤ أخلاقي بين واشنطن وهافانا.

ويتمثل هدف آخر في التخلي عن الادعاء الأميركي القديم بـ«الخصوصية»، التي تشير إلى «القيم الأميركية» و«الحلم الأميركي». ودارت رسالة أوباما حول أن الديمقراطية والاستبداد هما وجهان لعملة واحدة، وبالتالي جاء الادعاء بالتكافؤ الأخلاقي.

إلا أن أوباما نسي أن يذكر الكوبيين بأن جزيرتهم تدين بفضل استقلالها للولايات المتحدة التي، بعد انتصارها في حرب ضد إسبانيا، اختارت تفكيك الإمبراطورية الإسبانية بدلا من ضم مستعمراتها إليها.

ولا شك أن اختيار أوباما لعبارة إسبانية للتقرب لآل كاسترو سيبدو غريبا للكثيرين داخل ما يطلق عليه «العالم الجديد»؛ حيث تعد إسبانيا اللغة الأصلية لقرابة 32 في المائة من السكان. وتنتمي الكتلة اللغوية الأكبر للإنجليزية قبل الإسبانية بفارق بسيط، ثم البرتغالية والفرنسية والهولندية والألمانية ولغات أخرى. وفي كل الأحوال، لا ينظر أحد في أميركا اللاتينية من الناطقين بالإسبانية لكوبا باعتبارها رائدة على أي من الصعيدين السياسي أو الثقافي.

المؤكد أن هذه الإشارة من قبل أوباما لن تؤدي لشيء يذكر. وقد يزور هافانا لالتقاط صورة وهو يحتضن الأخ راؤول في واحدة من تلك الصور التي يعشقها.

ومع ذلك، تبقى الحقيقة أنه باعتباره من مخلفات الحرب الباردة، فإن نظام كاسترو محكوم عليه بالفناء بسبب فشله الاستراتيجي. ولن يفيد هذا الدعم الذي وجهه إليه أوباما إلا في إطالة عمره لسنوات قليلة أخرى.

وانتظروا مفاجآت أخرى في فترة رئاسة أوباما الثانية، فقد يلقي خطابا يحوي عبارة «كلنا إيرانيون» بلغة فارسية ضعيفة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رئاسة أوباما الثانية تفرز مفاجأة جديدة رئاسة أوباما الثانية تفرز مفاجأة جديدة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia