إيران في طريقها إلى الوقوع في شباك نووية

إيران في طريقها إلى الوقوع في شباك نووية

إيران في طريقها إلى الوقوع في شباك نووية

 تونس اليوم -

إيران في طريقها إلى الوقوع في شباك نووية

أمير طاهري

إذا سارت الأمور وفقا للبرنامج الموضوع، فمن المتوقع أن تعلن الجمهورية الإسلامية عن اتفاق مؤقت آخر يتعلق ببرنامجها النووي. رغم الضجة الكبيرة التي صاحبت التسويق لـ«الاتفاق» الأول، الذي تم الكشف عنه في جنيف، فإنه لم يتم التوقيع عليه وبذلك لا يمكن اعتباره ملزما. بل تحول الاتفاق إلى «خطة عمل مشتركة» بدلا من أن يكون معاهدة دولية، بمعنى أنه ليس إلا قائمة بوعود.
علق الرئيس حسن روحاني آمال فترته الرئاسية على نجاح المفاوضات مع مجموعة دول 5+1 بقيادة الولايات المتحدة. ويبدو أنه يعتقد أن عقد اتفاق حول القضية النووية سوف يحل بجرأة مشكلة علاقات إيران مع العالم الخارجي. ولكن يعد ذلك بصورة ما أول خطأ في استراتيجيته.
إن السبب في سوء العلاقات بين إيران والقوى العظمى، ومنها روسيا التي كانت تعد مؤخرا حليفا استراتيجيا لنظام الخميني، ليس نابعا من القلق بشأن عزم إيران الحقيقي أو المتصور على تصنيع قنبلة نووية. تنظر القوى العظمى إلى نظام الخميني بارتياب منذ البداية. يذكر أنه قبل استحواذ الملالي على الحكم، قام قادة جميع القوى العظمى بزيارة إيران. وكان من بين الزائرين في فترة السبعينات رئيسان أميركيان ورئيسان للاتحاد السوفياتي وثلاثة مستشارين ألمان ورئيس فرنسي ورئيسا وزراء بريطانيان ورئيس صيني.
بعد أن تولى الملالي الحكم، توقفت تلك الزيارات لفترة طويلة قبل أن تكشف الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن أن إيران لديها برنامج نووي سري قد تكون له أبعاد عسكرية. وهكذا حتى وإن كانت مسألة البرنامج النووي ملفقة، وهو أمر غير ممكن، فلا يوجد ضمان لأن تغير القوى العظمى من موقفها العدائي.
في الواقع، من الممكن الدفاع عن اتباع استراتيجية بديلة تعالج بموجبها إيران المخاوف الأخرى لدى القوى العظمى قبل أن تطرح المسألة النووية على طاولة المفاوضات.
إذا وجدت تلك القوى أن إيران جديرة بالثقة في قضايا أخرى، فلن يكون هناك سبب لكي ترتاب الدول في نواياها في الملف النووي. وقد كانت إيران تملك برنامجا نوويا طموحا قبل حكم الملالي، ولم يعترض أحد. في الحقيقة، تتنافس دول 5+1 من أجل الحصول على حصة في برنامج إيران النووي.
الخطأ الثاني الذي ارتكبه روحاني هو اعتبار المباحثات النووية وسيلة لإسكات المعارضين. وكان قد صرح يوم الأحد: «نعد تلك (المباحثات) خطوة تجاه نزع السلاح عن خصومنا». قد يعلم طلاب العلوم السياسية أنه من الخطأ أن تفعل شيئا ما أملا في الوصول إلى غرض ليس له علاقة بما تفعله.
الخطأ الثالث الذي يشوب استراتيجية روحاني هو تسرعه من أجل تحقيق شيء ما.
ربما ينتهي به الحال بزيادة تعقيد الموقف المعقد بالفعل. يكرر روحاني أن إيران لن «تتراجع خطوة واحدة في مجال الأبحاث النووية». بيد أن الخلاف لا يتعلق بالأبحاث. يستطيع أي شخص أن يجري أبحاثا، ولو عن طريق الإنترنت.
المهم هو ما يفعله المرء بالأبحاث، أي «التطوير». يجب على المرء أن يختبر الفرضية التي توصل إليها البحث. ويعني ذلك أن تفعل أشياء مختلفة عما كنت تفعل من قبل. بمعنى أنك تحتاج إلى صناعة نووية تقوم على أساس واسع من أجل إجراء بحث مفيد.
يعني الاتفاق الذي تلقى فريق روحاني تعليمات بالتفاوض حوله تراجع وإنهاء الأساس الصناعي للبرنامج النووي الإيراني. جدير بالذكر أن متوسط عمر التكنولوجيا في العالم الحديث يتراوح ما بين أربعة إلى خمسة أعوام، لذلك سيكفي أن تجري إيران أبحاثا على مدار أربعة أو خمسة أعوام من دون تطوير صناعي حتى يتم منعها من الحصول على أي قدرات نووية ذات فائدة سواء سلمية أو لا.
أما الخطأ التالي الذي ارتكبه روحاني فهو رفضه لموقف «الطرف الآخر»، ثم على الفور اتخاذه محورا للمفاوضات. اتهم روحاني مجموعة 5+1 بـ«الكذب» في تأكيدها على أن إيران تقيم مشروعا عسكريا. ثم أكد أن هدفه هو «مخاطبة تلك المخاوف».
ولكن كيف يثبت المرء أمرا منفيا؟
هنا وقع روحاني في شرك صنعه بنفسه. فبدلا من أن يطالب «الطرف الآخر» بدعم مخاوفه بأدلة، وافق على تبديد هذه المخاوف «غير المبررة» بتقديم تنازلات في مجالات أخرى. وفي ظل مثل هذه الخطة تصبح الكلمة الأخيرة للدول 5+1.
في البداية ادعت مجموعة الدول 5+1 أنها أرادت منع إيران من الوصول إلى «عتبة» التطوير النووي الذي يصبح من الممكن بعده تصنيع قنبلة. ولكن لا يوجد ما يمنع دول 5+1 من الادعاء بأن إيران تتجه نحو هذه «العتبة» في أي وقت. كما تستطيع تلك الدول وقتما تشاء أن تزعم أن إيران لم تلتزم ما عليها من بنود الصفقة.
في الوقت ذاته، تملك مجموعة 5+1 الحق في أن تحدد لإيران كيفية إنفاق جزء من عائدات نفطها فيما يشبه مشروع «النفط مقابل الغذاء» الذي تم فرضه على العراق في عهد صدام حسين. بموجب هذا الاتفاق، تحدد دول 5+1 وليس الجمهورية الإسلامية هوية الشركات المسموح لها بالتعامل تجاريا مع إيران في جزء من برنامج تخفيف العقوبات.
في البداية كان هناك نزاع فني - قانوني بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأدى ارتباك القادة في طهران إلى تحول هذا الخلاف إلى نزاع دبلوماسي تدخلت فيه الأمم المتحدة.
ومرر مجلس الأمن ستة قرارات تطالب إيران باتخاذ عدد من الإجراءات المحددة. وكان من الممكن أن يكون في مصلحة إيران تنفيذ طلب الوكالة الدولية، أو، إذا لم تفعل، أن تلتزم قرارات مجلس الأمن. ولكن بدلا من ذلك، تورطت إيران في إجراء غير مسبوق في الدبلوماسية الدولية؛ إذ يتفاوض الاتحاد الأوروبي، بطلب من الأمين العام للأمم المتحدة، مع إيران بشأن تنفيذ قرارات مجلس الأمن.
وفي مزيد من التعقيد، انضمت روسيا والصين، صاحبتا المقعدين الدائمين وحق الفيتو في مجلس الأمن، إلى الأطراف الدرامية. ولكن لا تتعلق المفاوضات بالقرارات. بل اتخذت المفاوضات مسارا مختلفا يهدف إلى وضع قطاع كبير من استراتيجيات إيران الصناعية والأمنية تحت وصاية أجنبية.
في الوقت الحالي، تملك أي دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 192 دولة حق إقامة صناعة نووية من بينها امتلاك «العتبة» النووية. وبمقتضى معاهدة منع انتشار السلاح النووي التي وقعت عليها إيران، لا يجب على أي دولة تخطي هذه العتبة. ولكن المباحثات الحالية لا تتعلق بـ«تخطي» هذه العتبة ولكن مجرد «الاقتراب» منها.
وبهذا تصبح إيران أول دولة في العالم، وأول عضو في معاهدة منع الانتشار النووي، تحصل على قدر أقل من الحرية في مجال الأبحاث والتطوير والصناعة من جميع الدول الأخرى.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران في طريقها إلى الوقوع في شباك نووية إيران في طريقها إلى الوقوع في شباك نووية



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 19:19 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

مراهق فلبيني يدخل فرّامة كفتة لتنتهي حياته

GMT 20:36 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

أفضل أنواع وتصميمات الأحذية الرياضية وطرق العناية بهما

GMT 05:00 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

مجلس الشيوخ الأميركي يقر تعيين أول مسؤول في إدارة بايدن

GMT 05:13 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

نظام غذاء سري لأكبر أنواع أسماك القرش في العالم

GMT 06:08 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يعزز صدارته بفوز شاق على شيفيلد يونايتد

GMT 12:01 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

رونار وفكر الثوار

GMT 19:05 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 10:09 2021 الجمعة ,02 إبريل / نيسان

Isuzu تتحدى تويوتا بسيارة مميزة أخرى

GMT 18:28 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

مجلس الشعب السوري ينفي إصدار بطاقات هوية جديدة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia