أوباما وبوتين خطوة اثنين في رقصة موت

أوباما وبوتين: خطوة اثنين في رقصة موت

أوباما وبوتين: خطوة اثنين في رقصة موت

 تونس اليوم -

أوباما وبوتين خطوة اثنين في رقصة موت

أمير طاهري

هل يعمل فلاديمير بوتين لصالح باراك أوباما؟ على الرغم من أسلوبه الاستفزازي، فالسؤال ليس غريبا. حينما يواجه قرار سياسة خارجية صعبا، يميل أوباما للتذبذب وعدم القدرة على اتخاذ القرار بسهولة. لذلك الاتجاه ثلاثة أسباب: الأول هو أنه على الرغم من خلفيته الأفريقية والآسيوية والأميركية، لا يفهم أوباما بدرجة كبيرة كيف تعمل السياسات الدولية. أما السبب الثاني، فيتمثل في أن أوباما قد شكل مسيرته المهنية حول موضوع انعزالي بتصوير تحرير أفغانستان والعراق في ظل حكم الرئيس جورج بوش الابن على أنه نسخة سياسية من الخطيئة الأساسية. في النهاية، تعكس كراهية أوباما لـ«المغامرات» الخارجية المزاج العام في الولايات المتحدة؛ حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أن السواد الأعظم من الأميركيين سئموا من العالم الخارجي ولا يرغبون في أن يقحمون في نزاعات شعوب أخرى - تلك النزاعات التي غالبا ما لا يفهمونها. ومع ذلك، فإن المشكلة التي يواجهها أوباما هي أن الولايات المتحدة تظل قوة عظمى لها مصالح أساسية أو مهمة عبر مختلف أنحاء العالم، لا يمكنها التراجع ببساطة إلى درع سلحفاة انعزالية. إذن، كيف سيبدو أنه يحافظ على وضع أميركا الممثل في زعامة العالم من دون القيام بأي عمل خطير ولو على مسافة بعيدة؟ أدخل كلمة بوتين لتجهيز إجابة. أوباما يضع «خطوطا حمراء» ويتحدث حديثا جيدا عن هذا الموضوع أو ذاك، ولكن ينتهي به الحال إلى عدم اتخاذ أي إجراء بسبب حق النقض الذي يملكه بوتين أو، حري بنا أن نقول، التهديد باستخدام حق الفيتو. الرجلان يستفيدان من خطوة الاثنين في الرقصة. بإمكان أوباما أن يظهر نفسه في صورة زعيم صاحب مبدأ، على استعداد لاستخدام قوة الولايات المتحدة في دعم القضايا العادلة، ولكن، من المؤسف، أنه تحبطه إساءة استغلال روسيا لموقعها في مجلس الأمن. من جانبه، قد يظهر بوتين في صورة الزعيم الذي استعاد جزءا من المكانة الرفيعة التي حظيت بها روسيا في عهد الاتحاد السوفياتي السابق. تسيطر على بوتين رغبة جامحة في تكافؤ المكانة الرفيعة بين الولايات المتحدة وروسيا. وهو يعلم أنه لا يمكنه القيام بهذا من حيث القوة الملموسة. لا يمكن مقارنة إجمالي الناتج المحلي لروسيا البالغ 2.2 تريليون دولار بذلك الخاص بالولايات المتحدة، البالغ 16 تريليون دولار. وفيما يتعلق بإجمالي الناتج المحلي لكل شخص سنويا، تحل روسيا في المرتبة السابعة والسبعين، في حين تأتي الولايات المتحدة في المرتبة الرابعة عشرة. من الناحية العسكرية، لن تتمكن روسيا من المنافسة مع القدرات العالمية الأميركية بفضل الإمدادات البحرية الأميركية وشبكة القواعد المنتشرة في أكثر من 60 دولة حول العالم. لكن الأسوأ هو أن روسيا لا تزال محصورة في اتجاه ديموغرافي هابط، في الوقت الذي تتمتع فيه الولايات المتحدة بواحدة من أصح معدلات النمو السكاني في العالم. وقد استخدم بوتين الخطابة لسد جزء من هذه الفجوة؛ ففي حديثه الذي أجراه أخيرا مع إحدى القنوات الفضائية التي يسيطر عليها من خلال الكرملين، عرض بوتين جانبا من كراهيته العميقة للولايات المتحدة، عندما تحدث عن الولايات المتحدة باعتبارها نتاج التطهير العرقي الذي نفذ ضد قبائل الهنود الحمر الأصليين في أميركا، وأشار إلى «ويلات العبودية» قبل الاعتراف على مضض، بأن الأميركيين «أنشأوا نوعا من الديمقراطية»، لأنه كان على «المستوطنين من أوروبا» البحث عن وسيلة للعيش معا. ثم طرح بوتين وجهة نظر كانت أكثر إثارة للدهشة، عندما قال، إن ستالين، لم يستخدم القنبلة النووية ضد ألمانيا كما فعلت الولايات المتحدة ضد اليابان في المرحلة قبل الأخيرة من الحرب العالمية الثانية. وبعبارة أخرى، كان ستالين أكثر إنسانية من الرئيس هاري ترومان الذي أمر بشن هجمات نووية ضد هيروشيما وناغازاكي. أحد جوانب معاداة الولايات المتحدة عند بوتين قد يكون مرده إلى عجز نسبي. لكن من الممكن أنه يعتقد أنه فقط من خلال توليه قيادة تكتل روسيا المناهض للولايات المتحدة يمكن استعادة المكانة الدولية المفقودة لبلاده. ومن خلال إظهار القوة، يمكن لبوتين إخفاء حقيقة أن روسيا لا تملك تقريبا أي نفوذ في الشرق الأوسط، اليوم، ولا حتى في سوريا. كما يحاول بوتين استغلال ما يسميه الاستراتيجيون «قدرة الإنكار»، أي إنكار ميزة حقيقية أو متخيلة لخصمك حتى وإن تحصل على فائدة ترجى منها. وبالتالي، فحتى لو تمكن الأسد من تحقيق الفوز والاستمرار في حكم سوريا، لن تجني روسيا أي فائدة تذكر. لكن حقيقة أن انتصار الأسد، واستمراره قد يمثل انتكاسة للولايات المتحدة وحلفائها، أمر كاف لإرضاء كرملين يتوق إلى المجد. سواء أكان ذلك بقصد أو من دون قصد، فأوباما وبوتين يكمل كل منهما الآخر. وربما كان هذا هو السبب في موافقتهما على مشروع ساخر: مؤتمر جنيف حول سوريا. عبثية المشروع بديهية وليست بحاجة إلى أدلة. لماذا يجب على قوتين لا تستطيعان الاتفاق على أبسط القرارات في مجلس الأمن، إنجاز شيء في جو من الشكوك يسيطر على مؤتمر جنيف يشكلان فيه مجرد لاعبين بين عشرات آخرين؟ ولكن ماذا يحدث إذا ما أجبر أوباما على «القيام بشيء ما» في استجابة لما تطالب به المؤسسة الأميركية؟ تخميني هو أن بوتين سيغض الطرف عن عدوانية أوباما ما دام ذلك لم يؤد إلى تغيير النظام في دمشق. فإذا أطلق أوباما بضعة صواريخ كروز ضد أهداف لا معنى لها، كما فعل بيل كلينتون ضد السودان وأفغانستان، فسوف يثير بوتين بعضا من الجلبة. لكن أفضل سيناريو بالنسبة له، هو أن يلجأ أوباما إلى التهديد باستخدام السلاح، بدعم من نوبات خطابية من ذلك النوع الذي انتهجه جون كيري هذا الأسبوع، ولكن من دون شيء يمكن أن يرجح كفة الميزان لصالح الثوار السوريين. هناك، بطبيعة الحال، احتمال أن يلجأ أوباما وبوتين، الشريكان في رقصة الموت هذه، إلى استخدام التهديد بالقيام بعمل عسكري أميركي لإقناع الثوار السوريين بحضور «جنيف الثاني» في نفس الوقت الذي يفتح فيه متجر الأمم المتحدة الكبير للحديث أبوابه للموسم الجديد الشهر المقبل. حينئذ سيتحدث الناس في جنيف ونيويورك، كان الناس يتحدثون ويتحدثون والسوريون يقتلون ويقتلون.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوباما وبوتين خطوة اثنين في رقصة موت أوباما وبوتين خطوة اثنين في رقصة موت



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia