ضّم الدب إلى صدرك لكن لا تعانقه

ضّم الدب إلى صدرك لكن لا تعانقه

ضّم الدب إلى صدرك لكن لا تعانقه

 تونس اليوم -

ضّم الدب إلى صدرك لكن لا تعانقه

بقلم :أمير طاهري

قد تكون درجة التفاعلات الحالية بين الروس والإيرانيين مفاجئة لمن يتابع تطور العلاقات الروسية ­ الإيرانية. منذ بداية العام الحالي، نظم الجانبان ما لا يقل عن 40 زيارة رسمية رفيعة المستوى منها زيارات على المستوى الوزاري، والرئاسي. كذلك كانت هناك تفاعلات على عدة مستويات بين قادة عسكريين من الجانبين، وإن لم يكن ذلك في إطار رسمي.
ومن أجل إبراز التطور الجديد في العلاقات، بدأت روسيا تسليم أنظمة دفاع «إس 300 «المضادة للطائرات، والتي طلبتها إيران ودفعت ثمنها منذ نحو عقد، مما يمثل نهاية لحصار غير معلن على توريد أسلحة متطورة للجمهورية الإسلامية.

كذلك منحت روسيا إيران قروضا بقيمة 5 مليارات دولار، وهو مبلغ رمزي إلى حد كبير، لكنه يعد أكبر مبلغ حصلت عليه إيران من دول جوارها الشمالي. في غضون أقل من عام وّقع البلدان على أكثر من 30 اتفاقية أو مذكرة تفاهم لزيادة حجم التبادل التجاري، والعلمي، والثقافي، والرياضي. وباتت موسكو هي العاصمة المفضلة بالنسبة إلى طهران حالًيا. وسمح الكرملين لطهران بفتح فرعين لجامعة الإمام الخميني في روسيا من أجل الترويج للفكر الشيعي. وحظيت إيران بامتيازات في الاستثمار في دار باند، في داغستان، المدينة الروسية الوحيدة ذات الأغلبية الشيعية.

دفعت زيارة الرئيس فلاديمير بوتين المهمة إلى طهران، والتي تجاهل خلالها الرئيس حسن روحاني، وتوجهمن المطار مباشرة إلى مكتب «المرشد الأعلى» آية الله علي خامنئي لعقد محادثة طويلة خاصة معه، بالعلاقات الثنائية إلى مستوى أعلى. لم يقّدر بوتين تصريح روحاني بأن العالم الحديث مثل قرية «عمدتها» هو الرئيس الأميركي.

وأعلن خامنئي عقب تلك الزيارة عن استراتيجية «النظر نحو الشرق» التي تستهدف إقامة «علاقات استراتيجية مع روسيا». كذلك كّلف علي أكبر ولايتي، مستشاره للشؤون الدولية «بالإشراف على وتعميق»
تلك الشراكة.

وتم إرسال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، المدعوم من خامنئي، إلى موسكو مرتين على الأقل من أجل تنسيق السياسات الخاصة بسوريا.

وفي المقابل، التزمت إيران الصمت حيال القرار الروسي بتجاهل ثلاث معاهدات على الأقل تقضي ببقاء بحر قزوين، وهي بحيرة داخلية تطل عليها الدولتان، منطقة منزوعة السلاح. في الواقع لقد نشرت روسيا أسطولا بحريا داخل البحيرة، لاستخدامه في إطلاق صواريخ على أهداف في سوريا.

الأهم من ذلك هو أن إيران قد سمحت للقوات الجوية الروسية باستخدام قاعدة شاروخي الجوية الواقعة بالقرب من همدان، غرب طهران، في شّن مجموعة من الهجمات الجوية ضد أهداف في سوريا. ورغم التكهنات الكثيرة باتخاذ روسيا لقواعد دائمة، لم يستمر الوجود الروسي في همدان لأكثر من أسبوعين؛ ولا تزال مجموعة صغيرة من المخططين الروس موجودة هناك، تحسًبا لأي حاجة إلى استخدام القاعدة في المستقبل. مع ذلك لم تستقر أي طائرة روسية هناك.

وبالمثل، لم تسفر زيارة فريق عسكري روسي إلى شبه جزيرة جاسك، شرق مضيق هرمز، عن منح موسكو منشآت عسكرية في ذلك الموقع الاستراتيجي على خليج عمان.

نظًرا لما تتسم به كلتا الدولتين من انتهازية، حاولت القوتان استغلال الفرص، التي أتاحها الانسحاب الأميركي خلال فترة حكم الرئيس أوباما، على الوجه الأمثل. وأيا ما كانَمن سيخلف أوباما في منصبه، تعتقد طهران وموسكو أن الإدارة الأميركية المقبلة لن تسدي إليهما معروًفا مثل ذلك المعروف الذي أسداه لهما أوباما منذ انتخابه. وقال ناصر هاديان، محلل من طهران: «لقد كان أوباما فرصة العمر». الفكرة هي استغلال تلك الفرصة بأقصى درجة ممكنة لدعم وترسيخ وضعيهما في منطقة الشام؛ مما يعني إبقاء بشار الأسد في سدة الحكم لأطول مدة ممكنة، وتعزيز الوضع الإيراني في لبنان، والعراق، وإقامة تحالفات أينما يكون متاًحا.

في ذلك السياق، تخطط روسيا للانضمام إلى مشروع «مركز» شاهبهار التجاري والأمني على ساحل مكران لمواجهة «المركز» الصيني، الذي بني باتجاه الشرق، في غاوادار بباكستان.

وقد انضمت كل من الهند، وأفغانستان، وتركمانستان، بالفعل إلى المشروع الإيراني، ليكونوا بذلك نواة تحالف إقليمي جديد يمكن لروسيا ممارسة نفوذها من خلاله خارج دائرة نفوذها التقليدية.

قد تكون الخطوة التالية هي انضمام إيران إلى الاتحاد الاقتصادي الأوراسي بقيادة روسيا، والذي يهدف إلى تحقيق حلم بوتين بإعادة إحياء الإمبراطورية السوفياتية بشكل جديد.

مع ذلك قد يكون هناك أمر ما مخفي في شهر العسل بين بوتين وخامنئي. ماذا لو أن بوتين قلق من إعادة إيران بناء علاقتها مع القوى الغربية لأسباب أنانية بحتة؟ في الوقت الحالي الورقة الوحيدة، التي يستطيع بوتين لعبها، ضد قوى حلف شمال الأطلسي، وحلفائها في أوروبا، هي التحكم الروسي في مصادر الطاقة، خاصة الغاز الطبيعي.

وتستطيع إيران، التي تمتلك ثاني أكبر احتياطي للغاز الطبيعي على مستوى العالم، أن تكون موّردا لأوروبا بدلا من روسيا عبر خطي الأنابيب، اللذينُبنيا خلال فترة حكم الشاه، واللذين ينتهيان في ميناء يومورتاليك التركي. كذلك تستطيع إيران أن تصبح ممًرا لعبور صادرات الطاقة من حوض بحر قزوين، من خلال اتفاقيات تبادل مع كازاخستان، وتركمانستان، وأذربيجان، محطمة بذلك حلم بوتين بأن تكون كافة خطوط الأنابيب في روسيا.

على عكس النفط الخام، الذي يمكن بيعه في أي مكان في العالم، يحتاج الغاز الطبيعي إلى عقود طويلة

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضّم الدب إلى صدرك لكن لا تعانقه ضّم الدب إلى صدرك لكن لا تعانقه



GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:17 2021 السبت ,04 كانون الأول / ديسمبر

بديل بايدن في الأمم المتحدة

GMT 08:18 2021 السبت ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

من يبقي على عزلة إيران؟

GMT 08:24 2021 الإثنين ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين: رجل الضريح ورجل النهضة

GMT 09:15 2021 السبت ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا: القومية تطل برأسها من جديد

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia