الاتحاد الأوروبي يزيد الضغط على إيران

الاتحاد الأوروبي يزيد الضغط على إيران

الاتحاد الأوروبي يزيد الضغط على إيران

 تونس اليوم -

الاتحاد الأوروبي يزيد الضغط على إيران

بقلم : أمير طاهري

في الشهر الماضي عندما دعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى إعادة التفاوض بشأن ما يسمى الاتفاق النووي الإيراني، جاء الرد الإيراني، والأوروبي، والروسي، والصيني رافضاً تماماً لذلك الاقتراح، ووصفوا خطوة الرئيس ترمب بأنها غير مقبولة على الإطلاق.

ولقد ضبط الرئيس ترمب عقارب الساعة على فسحة زمن جديدة، بمقدار 120 يوماً يتيح خلالها المجال للأطراف المعنية بالاتفاق النووي للخروج بجدول أعمال واضح بشأن إعادة التفاوض. ومع مرور الوقت، فإن صرخات الرفض المدوية «كلا! كلا!»، قد تحولت إلى همسات هادئة «حسناً، ربما!»

وفي الأسبوع الماضي، فاجأ مفوض الاتحاد الأوروبي، يوهانس هان، الجميع بإعلانه أن المفوضية الأوروبية، ومن خلال التشاور مع بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، تدرس عن كثب بيان الرئيس دونالد ترمب وتداعياته.

الأهم من ذلك، كشف السيد هان عن أن الاتحاد الأوروبي قد أثار مسألة إجراء المفاوضات الجديدة خلال زيارة موجزة إلى بروكسل قام بها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف. وسوف يجري التركيز بشكل خاص خلال المحادثات المتوقعة حول: التوترات في منطقة الشرق الأوسط، ومشروعات الصواريخ الباليستية الإيرانية، والاحتجاجات الشعبية التي انطلقت نهاية العام الماضي.

ومن اللافت أن استجابة الاتحاد الأوروبي على بيان الرئيس ترمب جاءت من المفوض هان وليست من فيديريكا موغريني، الناطقة الرسمية باسم سياسات الاتحاد الأوروبي الخارجية، التي تعتبر المناصر المتحمس للجمهورية الإسلامية في إيران.

ولقد تعزز الانطباع بأن الاتحاد الأوروبي يسير نحو موقف الرئيس ترمب، وإن كان بصورة غير كاملة، عندما قام سيغمار غابرييل، وزير الخارجية الألماني، وفقاً لصحيفة «فاينانشيال تايمز»، بالاتصال بنظيره الأميركي ريكس تيلرسون للإشارة إلى استعداد الاتحاد الأوروبي للدخول في محادثات مع الجانب الإيراني بشأن المشروعات الصاروخية والطموحات الإقليمية لدى طهران. ولقد ذهب غابرييل إلى أبعد من ذلك، معرباً عن استعداد إيران لخوض جولة جديدة من المحادثات أثناء زيارة ظريف إلى بروكسل.

وعلى الرغم من نفي القيادة الإيرانية هذه التقارير الإخبارية، فإنها لم تستدعِ السفير الألماني إلى إيران بشأن «توضيحات» حول الأمر، وهو الإجراء الروتيني في المجال الدبلوماسي في مثل هذه الحالات. كما نالت التقارير الإخبارية المزيد من الزخم عندما رفض وزير الخارجية الألماني دحض صحتها.

يقول فريد فاشاني، محلل العلاقات الخارجية الإيرانية: «أتيح للعالم ثلاثة أشهر للوصول إلى حل توافقي. وقال ترمب إنها قد تكون المرة الأخيرة التي يوقّع فيها على المصادقة على الاتفاق النووي. وقد يرجع في كلامه ويعيد الكرّة مرة أخرى بعد ثلاثة شهور. لكن هذا يبدو غير مرجح. أما الجانب الأوروبي، وروسيا، والصين فلا بد أن يمنحوه شيئاً في المقابل حتى لا يقذف بالأمر برمته خارج النافذة».

لكن، ما الذي يمكن للاتحاد الأوروبي، والآخرين، أن يمنحوا ترمب؟

إن البند الأول سوف يكون إعادة التأكيد على أن الاتفاق النووي، والمعروف إعلامياً باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، هي عبارة عن تفاهم شفهي ضمني لا يستند إلى أساس قانوني، وبالتالي فهو قابل لعدد لا يحصى من التفسيرات وإعادة التفسيرات.

ولقد أشير إلى ذلك الأمر بشيء من التفصيل في المقالة الافتتاحية التي نشرتها صحيفة «فاتان إمروز» اليومية في طهران. وقالت الصحيفة: إن إجمالي العقوبات التي وافقت الولايات المتحدة على تعليقها تمثل جزءاً يسيراً من العقوبات الكلية المفروضة على إيران من قبل الكونغرس الأميركي والمراسيم الرئاسية. وفي الوقت نفسه، ليس هناك التزام واضح بعدم فرض عقوبات جديدة على البلاد.

ومن ثم، فإن البند الثاني على قائمة الامتيازات التي قد يقدمها الاتحاد الأوروبي برفقة روسيا والصين لإثناء ترمب عن إدانة خطة العمل الشاملة المشتركة هي فرض حزمة جديدة من العقوبات على إيران ذات صلة بالقضايا التي لا ترتبط مباشرة بالمشروع النووي الإيراني.

ووفقاً للتقارير الإعلامية التي أذاعتها قناة «مانوتو» الفضائية الشعبية الإيرانية، فإن الاتحاد الأوروبي قرر بالفعل حظر الرحلات الجوية كافة لشركة «ماهان إير»، وهي ثاني أكبر شركة طيران إيرانية، وذلك بحلول مارس (آذار) المقبل. وتواجه الشركة الاتهامات بنقل الآلاف من «المتطوعين لأجل الشهادة» الأفغان والباكستانيين من إيران للقتال في سوريا. وهذا يعتبر انتهاكاً واضحاً في بروتوكول وكالة النقل الجوي الدولية، الذي بموجبه يُحظر استخدام الناقلات المدنية في خدمة الأغراض العسكرية. ومن شأن حظر رحلات« ماهان إير» الجوية أن يسفر عن تقليل قدرة إيران على نقل القوات والمرتزقة إلى سوريا وشحن الأسلحة إلى الفرع اللبناني من تنظيم «حزب الله».

وعلى الرغم من الثناء الغنائي الذي تفصح عنه موغريني حيال الجمهورية الإسلامية، يستعد الاتحاد الأوروبي لاتخاذ المزيد من التدابير ضد إيران.

فلقد علقت ألمانيا تطبيق قواعد ضمان الصادرات، والمعروفة باسم هيرميس، للتجارة مع إيران، كما شددت فرنسا من قواعدها التجارية مع طهران والمعروفة باسم قواعد كوفيس. وبموجب الإجراءات الجديدة، فإن قاعدة الاستخدام المزدوج المعروفة سوف تنسحب على كافة المعاملات التجارية مع الجمهورية الإسلامية. ومن شأن ذلك أن يمنع إيران من الحصول على الدراية الفنية والمعدات التي قد تخدم الأغراض العسكرية. ولكن تأثيرها الحقيقي سوف يكون لإبطاء الشحنات المرسلة إلى إيران وارتفاع التكلفة.

ومن جانب المملكة المتحدة، فلقد تراجعت لندن عن وعدها السابق بالإفراج عن نحو نصف مليار دولار من الأصول الإيرانية المجمدة، في إشارة على وجود «صعوبات فنية» بشأنها.

وفي الأسبوع الماضي، سمحت سلطة الرقابة المالية في لوكسمبورغ لشركة «كلير ستريم» الاستثمارية بتجميد نحو 4.9 مليار دولار من الأصول الإيرانية حتى إشعار آخر. وذكرت الشركة، أن نحو 1.9 مليار دولار من الأموال المعنية قد تم تسليمها بالفعل إلى إحدى المحاكم الأميركية لسداد تعويضات عائلات ضحايا 241 جندياً من مشاة البحرية الأميركية الذين قتلوا في هجوم انتحاري شنه تنظيم «حزب الله» اللبناني الموالي لإيران في بيروت عام 1983.

وعلى نطاق أوسع، قام الاتحاد الأوروبي بتعليق عدد من العقود التي تم التوقيع عليها بالفعل مع إيران في صورة مذكرات للتفاهم. وأكبر هذه التعاقدات هو صفقة بمبلغ 5 بلايين دولار مع شركة «توتال» النفطية الفرنسية العملاقة بشأن تطوير حقل غاز طبيعي قبالة السواحل الإيرانية. وترغب المفوضية الأوروبية في إعادة النظر في تفاصيل هذه الصفقة النفطية.

ورفضت الحكومة النمساوية تقديم ضمانات لقرض بقيمة مليار دولار تم التفاوض بشأنه عن طريق أحد المصارف الخاصة في فيينا مع إيران، والتأكد من عدم نقل تحويل أي أموال في المستقبل المنظور. ومن المرجح لصفقة أخرى مماثلة بين طهران ومجموعة من المصارف الإيطالية أن تلقى المصير نفسه.

كما فرض عدد من أعضاء الاتحاد الأوروبي قيوداً صارمة على عدد التأشيرات الصادرة للمواطنين الإيرانيين للعمل أو السياحة. ولقد تخيرت بريطانيا تقليص الحد الأقصى من التأشيرات الممنوحة إلى 2000 تأشيرة فقط في الشهر، بما في ذلك مئات التأشيرات الصادرة لصالح مسؤولي الجمهورية الإسلامية وأسرهم. ولم تفرض اليونان أي قيود تذكر، لكنها لا تزال قيد التحقيقات التي تفيد بأن قنصليتها في طهران كان تبيع تأشيرات «شنغن» الأوروبية للرعايا الإيرانيين؛ الأمر الذي يسمح بالسفر إلى 19 دولة أوروبية مقابل سداد 3000 دولار أميركي عن التأشيرة الواحدة.

ويبدو أن الاستراتيجية الأوروبية الجديدة تهدف إلى إقناع الرئيس ترمب بالحفاظ على خطة العمل الشاملة المشتركة قيد العمل، ولو من الناحية الاسمية على أقل تقدير، مع جعل تنفيذها مشروطاً بمجموعة موازية من المحادثات التي تهدف إلى وقف مشروع الصواريخ الإيرانية، ووضع حد للتدخلات الإيرانية في شؤون الشرق الأوسط، وتحسين احترام حقوق الإنسان داخل إيران.

من شأن المهلة الزمنية التي حددها الرئيس الأميركي أن تنتهي في مارس المقبل؛ الأمر الذي يتزامن مع التاريخ المحدد لمراجعة خطة العمل الشاملة المشتركة من قبل وزراء خارجية الدول السبع المعنية بالأمر. وفي ذلك الوقت، سوف يُتاح لإيران خيار إما قبول مجموعة جديدة من القيود على سياساتها العسكرية، والاقتصادية، والمحلية، أو إغلاق الباب تماماً والخروج في حالة من الغضب الظاهر؛ وهو الأمر الذي قد لا يزعج ترمب على الإطلاق.

المصدر ـ جريدة الشرق الأوسط

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاتحاد الأوروبي يزيد الضغط على إيران الاتحاد الأوروبي يزيد الضغط على إيران



GMT 12:03 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة العشرين: مفترق المستقبل

GMT 11:38 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إردوغان يعادي الغرب في معركة «هم ونحن»!

GMT 10:05 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

رسائل تهدئة" تركية في أكثر من اتجاه

GMT 09:30 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

(السياسة البريطانية في مهب الريح)

GMT 04:18 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

الهجرة من بريطانيا

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 18:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:11 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان الخميس29 -10-2020

GMT 14:42 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

أفكار جديدة وملفتة لديكورات ربيع 2019

GMT 15:25 2019 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

انتحار طالب داخل لجنة للثانوية العامة في الغربية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia