عيون وآذان يتجاهلون السبب

عيون وآذان (يتجاهلون السبب)

عيون وآذان (يتجاهلون السبب)

 تونس اليوم -

عيون وآذان يتجاهلون السبب

جهاد الخازن

  الإرهاب هو الإرهاب سواء ارتكبه جيش الاحتلال الإسرائيلي أو مسلم متطرف من الفئة الضالة لا يعرف دينه. خلال ماراثون بوسطن في 15 نيسان (أبريل) انفجر وِعاءا طبخ مفخخان قرب خط النهاية فقتل ثلاثة أشخاص وجرح 284 آخرون، وتبين أن وراء هذا العمل الإرهابي أخوَين من الشيشان هما جوهر وتامريان تسارنيف، وأصيب الأول في مطاردة الشرطة وقُتِل الثاني. وفي 22 من الشهر الماضي صدم إرهابيان من أصل نيجيري هما مايكل اويبالجو ومايكل اديبوالي جندياً بريطانياً بسيارتهما في أحد أحياء لندن ثم إنهالا عليه بالسواطير وقتلاه. وجُرِح الإرهابيان برصاص البوليس وهما الآن يواجهان محاكمة. ما حدث في بوسطن ثم لندن إرهاب فظيع أدينه بالمُطلق، فلا عُذر ولا مبرر، والإسلام بريء منه حتى لو زعم شيشاني أو نيجيري غير ذلك. وهو من نوع إرهاب القاعدة والجماعات المتعاونة معها الذي يقتل الأبرياء ويسيء إلى الإسلام والمسلمين. تغطية الميديا العالمية الإرهاب في الولايات المتحدة ثم بريطانيا كانت إغراقية، ضمت ألوف الأخبار في الصحف والراديو والتلفزيون، وبما أنني أقرأ مع الصحف العربية الصحف الأميركية والبريطانية فإنني أستطيع أن أقول بالموضوعية الممكنة أنني لم أجد بين الأخبار والتعليقات والتحقيقات التي اخترتها إشارة واحدة إلى سبب استشراء مرض الإرهاب المجنون المدمر. رئيس الوزراء ديفيد كاميرون تعهد بأن تجفف حكومته المستنقع الذي يختفي بداخله المسلمون الراديكاليون ويروجون لأفكارهم المتطرفة ويسممون عقول المسلمين الشبان. هذا مطلوب ويجب أن يؤيده المسلمون قبل غيرهم، ولكن رئيس وزراء بريطانيا والمسؤولين في حكومته وأيضاً المسؤولين الأميركيين لا يقولون لماذا ينجح الدعاة المتطرفون في استمالة شباب مسلمين إلى الإرهاب. لا يمكن الشفاء من مرض إذا لم تُعالج أسبابه. أتوقف لأعرض بعض الخلفية، ولن أعود إلى سايكس-بيكو ووعد بالفور، أو قتل أوروبا المسيحية ستة ملايين يهودي ثم إرسال الناجين من المحرقة النازية لاحتلال فلسطين. أتجاوز كل هذا لأقول أنني وقد عاصرت القضية الفلسطينية منذ دخلت مرحلة الوعي السياسي، وعرفت قادتها كافة من مختلف التنظيمات، أسجل أن القضية لم تعرف انتحارياً واحداً منذ النكبة قبل 65 سنة، وعبر السبعينات كلها. في تلك الأيام لم تكن هناك حماس أو الجهاد الإسلامي أو حزب الله، غير أن حرب 1967 ثم حرب 1973 واجتياح لبنان، وغياب أي أمل بحل سلمي سهلت عمل المتطرفين وهم يشيرون إلى دعم الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، دولة الجريمة التي اسمها إسرائيل. ثم كان أن جاء إرهاب 11/9/2001، وخاض الأميركيون حروباً خاسرة في أفغانستان والعراق وضد الإرهاب، وأصبح دعاة الإرهاب يستطيعون أن يشيروا بوضوح إلى الطرف الذي قتل مليون عربي ومسلم ولا يزال يقتل. الإرهاب ليس الحل بل هو جريمة ضد الإنسانية، إلا أنه أصبح ممكناً ومنتشراً بالنظر إلى ما يواجه المسلمين في كل بلد في زمن الإمبريالية الجديدة. إذا كان للغرب أن يهزم الإرهاب، وهو زاد تدريجاً في العقدَيْن الأخيرَيْن، فان عليه أن يعالج الداء الذي أطلقه أي السياسة الخارجية الغربية التي تعاونت مع كل طاغية، ودعمت إسرائيل ولا تزال، واحتلت العراق لأسباب نفطية وإسرائيلية، ولا تزال تتدخل في كل بلد عربي أو مسلم على حساب مصالح شعبه. وأكتفي بمَثل ليبيا، بعيداً من فلسطين والعراق وغيرهما، فقد تعامل الغرب مع معمر القذافي وهو ديكتاتور نصف مجنون مقابل عقود نفطية، وعندما ثار شعبه عليه، أيَّد الغرب الثوار شرط بقاء العقود النفطية، أما ليبيا فتُرِكت لمصيرها بعد ذلك لتعاني من إرهاب داخلي ولتصدِّر الإرهاب إلى الجيران. مرة أخرى، الإرهاب لن يُهزَم إذا لم تتغير السياسة الغربية إزاء العرب والمسلمين، فإنكار المشكلة لن يحلها وإنما سيزيدها، كما حدث حتى الآن، وسندفع جميعاً الثمن في النهاية، ربما على شكل إرهاب بأسلحة دمار شامل. لا أحد في الغرب اليوم يتحدث عن سبب الإرهاب، وإنما يتحدثون عن كل شيء ويتجاوزون السبب، كأنه سيغرق من تلقاء نفسه في المستنقع الذي حكى عنه ديفيد كاميرون. هذا لن يحدث، ومَنْ يَعِش يرَ. نقلا عن جريدة الحياة 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيون وآذان يتجاهلون السبب عيون وآذان يتجاهلون السبب



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia