عيون وآذان لم يبقَ غير السخرية
أخر الأخبار

عيون وآذان (لم يبقَ غير السخرية)

عيون وآذان (لم يبقَ غير السخرية)

 تونس اليوم -

عيون وآذان لم يبقَ غير السخرية

جهاد الخازن

قال لي إنه لا يستطيع أن يتكهن كيف سيكون شكل العالم العربي في المستقبل لأنه لم يعدْ يعرف شكله الحاضر. كنا مجموعة أصدقاء في أحد مقاهي بيروت بدأنا حديثاً جدياً عن الأوضاع العربية، والربيع المزعوم والفصول الثلاثة الأخرى، ثم وصلنا الى قناعة واحداً بعد الآخر هي أننا لم نتوقع ما حدث، ولا نعرف ما يحدث، ونجهل ما يخبئ لنا المستقبل، فانتقلنا من الخلفيات والمعطيات والحيثيات الى السخرية. رأى واحــد أن الســـياسة العربية هي تسخير المصلحة العامة لخدمة المصلحة الخاصة. ونصحنا آخر بألا نقلق إذا تحسنت الأوضاع في هذا البلد العربي أو ذاك، لأن الوضع الحسن لا يمكن أن يستمر في بلادنا. سمعت أن الربيع العربي ترك زميلاً يفكر في أن الثورات قامت، لأن الحكم في كل بلد عربي فاشل وغير منتج ولا يلبي حاجات الناس، وأثبت الثوّار صواب موقفهم والحكم الجديد أيضاً فاشل وغير منتج ولا يلبي حاجات الناس. والآن هناك ثورة على كل ثورة، وسيأتي حكم آخر من نوع ما سبق. شكا زملاء من تغطية الميديا العربية الأخبار، وقال صحافي إن الصحف تكذب على نفسها وعلى الناس، وتنقل الأخبار كما يتمنى كاتبها أن تكون لا كما هي. وقال آخر إن التلفزيون يعتقد أن شعوبنا جميعها من القاصرين، لذلك فهو يرى أن كل تلفزيون عربي تلفزيون أطفال. الأخوان شكوا من كل شيء. التعليم في بلادنا سيئ، ومَنْ لا يستطيع أن يعمل يعلِّم، ولكن مَنْ يعلِّم المعلمين... الأوضاع الاقتصادية في الأرض، ومع ذلك لا تزال البنوك تحاول سرقة الناس أو سرقة ما ليس موجوداً. وواحد قال إن المجرم في بلادنا رجل لا يملك رأس مال يكفي لتأسيس بنك. الأنظمة والشعوب سيئة وأسوأ والطرفان «يستاهل» أحدهما الآخر. هناك فساد هائل، وشرّ ما فيه أننا لم نحصل على حصة منه. الحاكم العربي اكتشف أخطاء كل مَنْ سبقوه وقرر ارتكاب أخطاء جديدة، والمواطن العربي إذا عرضت عليه مشكلة يختار حلاً يجعل المشكلة إثنتين. قال آخر إنه لو عُرِضَت على المواطن العربي مئة طريق للخروج من أزماته الحالية لاختار الطريق الوحيد المسدود من بينها. أحد الزملاء قال إنه قرر أن يعتزل العالم العربي، ويعيش ناسكاً على رأس جبل. وشعاره مُقتَبَس من قول سمعه: «لا تسِر ورائي لأنني لست مستعداً أن أقود. ولا تسِر أمامي لأنني لست مستعداً أن أتبع. ولا تسِر جنبي لأنني أفضِّل أن أُترَك وحدي». كنت خلال جلسة الأصدقاء أستمع من دون أن أتكلم، ثم انتبه واحد الى صمتي فاتهمني بأنني جاسوس أسجّل ما يقول الجلساء لأنقله الى مباحث أمن الدولة. قلت إنني ساكت لأنني مصاب بوسواس، أو ما نسمّيه في لبنان «سرساب»، وأخشى إذا تكلمت عن السلبيات، مع عدم وجود إيجابيات، أن يصيبني طرف منها. لم يبدُ أن الإخوان اقتنعوا بحجتي، فقلت إننا جميعاً نفعل ما نشكو منه والأنظمة لم تأتِ من فراغ، وإنما خرجت من هذه الشعوب، فهي نحن. إذا كان ما سبق صحيحاً، فإنني أقترح أن نزيد على الوصايا العشر وصية حادية عشرة، فبعد الوصية: لا تشتهِ إمرأة جارك، نزيد: إذا وقعت يا فصيح لا تصيح (مَثَل سعودي ينطبق على الجارة والحكومة). وعادت بي الذاكرة الى شيء من دراستي الأدب العربي في الجامعة هو: أهلك الرجال الأحمران، اللحم والخمر. وأهلك النساء الأصفران، الذهب والزعفران. والشاعر قال: الأبيضان أبردا عظامي / الماء والفتّ بلا إدام. أما الشاعر الآخر فقال: ولكنه يمضي في الحول كله / وما لي إلا الأبيضين شراب، والمقصود هنا شحم وشباب. أما ايليا أبو ماضي فقال: جعت والخبز وفير في وطابي / والسنا حولي وروحي في ضباب. الإخوان قالوا: دخيلَك، لِحَد هون وبسْ، السياسة العربية أهون من سيبويه صاحبك. هربنا منه في المدرسة، فتبعنا الى الجريدة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيون وآذان لم يبقَ غير السخرية عيون وآذان لم يبقَ غير السخرية



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 13:45 2019 الخميس ,28 آذار/ مارس

بريشه : هاني مظهر

GMT 08:41 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

رامي عيّاش يؤكّد أن بعض الممثّلين آدائهم هزيل أمام تيم حسن

GMT 13:27 2021 الخميس ,18 شباط / فبراير

أبرز 10 سيارات مدمجة صغيرة في الأسواق لعام 2021

GMT 13:21 2021 الخميس ,11 شباط / فبراير

مانشستر سيتي يحقق إنجازا إنجليزيا غير مسبوق

GMT 17:11 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد يفكر في إعادة التونسي العكايشي للفريق

GMT 14:27 2019 الجمعة ,05 إبريل / نيسان

صلاح خارج قائمة جائزة أفضل لاعب لشهر آذار

GMT 13:07 2021 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

ولاية صفاقس التونيسية 10 وفيات بكورونا في 24 ساعة

GMT 03:16 2020 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

تقرير يستعرض أبرز المعلومات عن المتحف المصري الكبير

GMT 21:19 2020 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على "أقدم" السيارات الرياضية على مستوى العالم
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia