عيون وآذان انتصاراً للورق

عيون وآذان (انتصاراً للورق)

عيون وآذان (انتصاراً للورق)

 تونس اليوم -

عيون وآذان انتصاراً للورق

جهاد الخازن

أكتب انتصاراً للصحف الورقية وأقول الحرفين «16، 17» في الميديا الجديدة والإنترنت كلها. قبل سنوات كانت لجريدة «القبس» الكويتية نسخة تطبع في إنكلترا للتوزيع في أوروبا، وكنت أسعد بقراءتها مع الصحف الأخرى كل صباح، لأن أخبار الكويت كانت قليلة في الميديا العالمية تلك الأيام، فالأخبار المنشورة هي عادة أخبار سيئة، وكانت الكويت في راحة وأمان. جاء الاحتلال العراقي فتوقفت «القبس» عن الصدور في لندن، وأصبح عندنا «صوت الكويت» التي رأس تحريرها خلال الاحتلال العراقي الصديق الدكتور محمد الرميحي. وانتهى الاحتلال في ثمانية أشهر، وحُرِّرت الكويت، وغابت جريدة المقاومة «صوت الكويت» عن لندن، إلا أن «الوطن» صدرت في لندن، وسعِدْتُ بها، فقد أعادت إليّ أخبار الكويت كما أحب أن أقرأها، حبراً على ورق. وكما كان لي أصدقاء من آل الصقر في «القبس» قبلها، وجدتُ أصدقاء في «الوطن»، مثل مدير مكتبها في لندن آنذاك الأخ سالم الدوسري، ثم توقفت «الوطن» عن الصدور من لندن وحُرِمتُ أخبار الكويت اليومية مرة أخرى. بين هذا وذاك، أصدرت «الأهرام» -عميدة الصحف العربية- طبعة في لندن للتوزيع في أوروبا، وأصبحت أقرأها كل صباح، فمصر الوطن الثاني لكل عربي، وبما أن أخبار مصر مهمة، فقد بدأت أحتفظ بأعداد «الأهرام» إلى جانب أعداد «الحياة» في مكتبي، فإذا ارتفع عمود الصحف أنقل القديم إلى غرفة أخرى للحفظ والمراجعة في حال الحاجة. وهكذا كان، وفجعتُ قبل أسابيع بإيقاف «الأهرام» طبعة لندن، واتصلت برئيس تحريرها الأخ عبدالناصر سلامة، محتجاً شاكياً، فأكد لي أنه يشاركني الشعور نفسه وسيعمل جهده لإعادة إصدار طبعة لندن. أنا من جيل الصحافة الورقية، وأنكر أنني من جيل صحف الحائط المنقوشة بالهيروغليفية أو النقوش على جدران مصر القديمة والصين. وفي حين أنني أستعمل الكمبيوتر وأقرأ الصحف الأميركية عليه كل صباح، فإنني أعتبر ذلك عملاً، في حين أن الجريدة الورقية تجمع لي بين العمل والرغبة الشخصية والهواية. لست غريباً عن «أورشليم» الميديا الجديدة، فقد كنت أول رئيس تحرير لـ «الشرق الأوسط»، فكانت أول جريدة في العالم سنة 1978 تبث بالأقمار الصناعية من قارة إلى قارة («وول ستريت جورنال» كانت تبث نسخة إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة، ولكن داخل البلد نفسه). وعندما عادت «الحياة» إلى الصدور كانت أول جريدة تنفذ الطباعة الإلكترونية على ورق من القطع الكبير، ونقلت عنها صحف عربية كثيرة أخذت الحرف نفسه الذي نستعمله. بكلام آخر، ليس لي موقف عربي صميم ضد الميديا الجديدة أو التقدم، وإنما لا أزال أرى أن الصحيفة الورقية أجمل من صحيفة إلكترونية على الإنترنت. لو عاش المتنبي معنا لعله كان يقول «وخير جليس في الزمان جريدة»، فإذا كان البطيخ يحلّي (كفاكهة) ويسلّي (بقزقزة اللب) ويُطعم الحمار (بقشره)، فإن الجريدة تفيد بالأخبار المفيدة وتسلي بالأخبار الأخرى ثم نلف السندويش بورقها، الذي توجد استعمالات أخرى له. وقعت في حب الصحافة الورقية صغيراً، وبقيت مخلصاً لها، وكانت لي معها تجربة رافقتني العمر، فعندما كنت أودع المراهقة وجدت عملاً مع وكالة الأنباء العربية (رويترز بعد ذلك) في بيروت، ورئيسة الدائرة المالية فيها كانت سيدة بريطانية عجوز اسمها مسز جيليت، وهي كانت من الحزب الليبرالي البريطاني، فكانت جريدة «الغارديان» تُرسل إليها في بيروت، وتتلقاها في اليوم التالي بانتظام، وكذلك تتلقى «الأوبزرفر» الأسبوعية. وهي قررت أن من المفيد لي أن أقرأ الجريدتين، ففعلت في البداية مُرغماً، ثم وجدت أنهما مفيدتان ولا أزال أقرأهما من دون انقطاع حتى اليوم. اليوم أقرأ أن الصحف الورقية ستنقرض مثل الديناصور وطائر الدودو، فأرجو إذا حدث هذا أن أكون انقرضت قبلها، لأنني لا أتصور يوماً لي من دون قهوة الصباح في السرير وبيدي «الحياة».

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيون وآذان انتصاراً للورق عيون وآذان انتصاراً للورق



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia