عيون وآذان المستبد المستنير

عيون وآذان (المستبد المستنير)

عيون وآذان (المستبد المستنير)

 تونس اليوم -

عيون وآذان المستبد المستنير

جهاد الخازن

ربما كان رجب طيب أردوغان أفضل رئيس وزراء تركي في العصر الحديث، والاحتجاجات التي بدأت من بعض أنصار البيئة وواجهتها الحكومة التركية بقوة مفرطة، انتشرت في مدن تركية عدة واستهدفت شخص رئيس الوزراء. أقول رُبَّ ضارة نافعة، لأن نجاح حزب العدالة والتنمية نجاحاً فاق كل التوقعات جعل أردوغان يتصرف كحاكم فردي متكبر لا يقبل النقد أو الآراء المعارِضة، وجاءت التظاهرات لتردّه إلى أرض الواقع، فربما نرى منه شيئاً من التواضع في المستقبل. لا خطر إطلاقاً على أردوغان أو حزبه، فرئيس الوزراء يتمتع بشعبية هائلة جعلته يقول إنه قادر على تنظيم تظاهرة من مليون شخص تأييداً له، والحزب له قاعدة ثابتة من الأتراك المسلمين المحافظين جعلته يفوز بثلاثة انتخابات نيابية متتالية، كان آخرها سنة 2011. أتابع أيام التظاهرات والتعليقات الخارجية عليها، وأقول إن أردوغان ربما يقول في سره: جزى الله الشدائد كل خير/ عرفْتُ بها عدوي من صديقي أو هو لا يحتاج إلى تحدٍّ لحكمه حتى يعرف العدو من الصديق. وعندي نماذج على الإناء الذي يفيض بما فيه: - مجلة «كومنتري» الليكودية تقول إن السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني سيفشل. لماذا؟ لأنها وليكود إسرائيل يتمنون ذلك، فأقول: موتوا بغيظكم. - والمجلة تشير في مقال آخر إلى بناء مسجد (كأن بناءه خطيئة أو خطأ) وإبعاد بيع الخمور عن المساجد مئة متر، ولا تتطرّق إلى إن القرار يبعد بيعها عن المدارس أيضاً. - وهي تقارنه بحسني مبارك، وتنسى أن مبارك كان تجاوز الثمانين، ومريض يعمل نصف ساعة في اليوم، وأن تركيا تحت قيادة أردوغان زاد اقتصادها 100 في المئة خلال عشر سنوات، ورفعت دخل الفرد من ثلاثة آلاف دولار في السنة إلى 11 ألفاً. - أحد رموز ليكود أميركا دانيال بايبس، كتب مقالاً حقيراً مثله، بعنوان «أخبار طيبة من تركيا». الخبر الطيب لي هو أن يحاكَم بايبس مع أركان حكومة بوش الابن وأنصارهم الذين تسببوا بموت مليون عربي ومسلم في حروبهم. - موقع إلكتروني ليكودي يتحدث عن «صيف تركي»، ويتهم أردوغان بأسلمة تركيا تدريجياً، لذلك يواجه انفجار بركان. أقول: سوف يخمد خلال أيام فيما لا يزالون يزمجرون. - «تركيا تُتَّهم بفاشستية إسلامية في التعامل مع بيع الخمور» كان عنوان خبر في جريدة «الديلي تلغراف»، قرأته ووجدت أن الكلام منسوب إلى مالك متجر لبيع الخمور، وهكذا أصبح صاحب خمارة مرجعاً في الفاشستية الإسلامية المزعومة... كانت هناك عناوين منصفة، أو تعكس الوضع كما هو لا كما يتمناه ليكودي أو يميني أو أوروبي، مثل: «أزمة؟ هي ستنتهي»، و «رئيس وزراء تركيا الواثق من نفسه يطير إلى شمال أفريقيا»، وأيضاً «ابقوا هادئين. تركيا لن تنهار». أتجاوز المتحامِل والمنصف لأقول إن على القيادة التركية أن تتعامل مع التظاهرات بما يبدد مخاوف أتراك كثيرين من حكم إسلامي فردي يحاول فرض قناعاته على العلمانيين الكثيرين في تركيا. وأنصار أردوغان استقبلوه بالهتاف لدى عودته إلى تركيا، وبدا أنه لا يزال يتخذ موقفاً معانداً، وكنت أفضل موقفاً مهادناً. عندما رأيت رجب طيب أردوغان قبل أسابيع، كان جو الحديث بعيداً من التظاهرات، التي لم يتوقع حجمَها أحد، خصوصاً أن أسبابها محدودة جداً. كانت مصادر رئيس الوزراء تتحدث عن تحويل تركيا إلى دولة رئاسية، مثل الولايات المتحدة، فتنقل سلطات كثيرة من رئيس الوزراء إلى رئيس الجمهورية، ويخوض أردوغان انتخابات الرئاسة السنة القادمة واثقاً من أن الشعب سيؤيده. ربما تحتاج هذه الطموحات إلى مراجعة بعد أحداث ميدان «تقسيم» والتظاهرات في أنقرة والمدن التركية الأخرى. وإذا كان المتظاهرون شَكَوْا من انعزال أردوغان عن الرأي الآخر وتفرُّدِه في الحكم، فإن أردوغان أمامه فرصة ليتجاوب مع طلبات المتظاهرين ويثبت أنه ليس ديكتاتوراً، ولن يكون. جمال الدين الأفغاني قال إن المسلمين بحاجة إلى الحاكم «المستبد المستنير»، وابتُلينا قرناً من الزمان بمستبدين لا يعقلون، صُمٍّ عن مشاكل الناس، بُكْمٍ عن الحوار معهم، عُمْيٍ عن مصائبهم. أقول: نريد حكماً مستنيراً من دون استبداد، في تركيا وكل بلد عربي وإسلامي. نقلاً عن جريدة " الحياة "

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيون وآذان المستبد المستنير عيون وآذان المستبد المستنير



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia