العراق في نفق مسدود

العراق في نفق مسدود

العراق في نفق مسدود

 تونس اليوم -

العراق في نفق مسدود

جهاد الخازن

ما كنت أتصور يوماً أن أصِفَ العراقي بأنه أسوأ حظاً من الفلسطيني.
الفلسطيني ضحية غُزاة أجانب، إلا أن العراقي ضحية غُزاة من بلده، وهو عالق بين سندان حكومة طائفيّة ومطرقة إرهاب مجرم فالت من كل عقال.
«على الورق» كما يقولون بالإنكليزية، وما يعادل «نظرياً» عندنا، كتلة نوري المالكي خرجت فائزة من انتخابات البرلمان في 30 نيسان (أبريل) التي أعلنت نتائجها في مطلع هذا الشهر. تحالف دولة القانون نال 92 مقعداً من أصل 320 مقعداً في البرلمان، وله حلفاء يحتلون حوالى 30 مقعداً لنواب من السنّة، والبقية للمستقلّين.
الأرقام تقول إن من حقّ المالكي أن يعود رئيساً للوزراء للمرة الثالثة، إلا أن «الإنجازات» في ولايتيه الأوليين تلغيان هذا الحقّ، فهو رأس حكومة طائفيّة عزلت السنّة من العراقيين، بل إنه لفّق تهماً لبعض زعماء السنّة من منافسيه ليبعدهم عن الحكم، والنتيجة هي ما رأينا في الأسابيع الأخيرة، فجماعات إرهابيّة تسيطر على ثلث البلاد في الغرب وتقتل المدنيين، مع العسكر، وتفاخر بقتلهم وتوزّع أشرطة فيديو عن القتل.
الأكراد استقلّوا في شمال العراق، وحققوا حلمهم بدخول كركوك، ورئيسهم الأخ مسعود بارزاني قال لوزير الخارجية الأميركي جون كيري إن في العراق الآن حقيقة جديدة أو واقعاً جديداً.
العراق وقع، وسأظلّ أؤيّد الأكراد الذين ظُلِموا على مدى عقود، ثمّ أقول للأخ مسعود الذي أعرفه جيّداً أن يُصدّر النفط إلى من يشاء، باستثناء إسرائيل، فهي دولة احتلال وجريمة. ربما هو يعتقد إنها سَتُفيده مع الأميركيين، وهذا صحيح، إلا أنها ستبيع الأكراد بأبخس ثمن إذا ناسبها ذلك.
ما هو المخرج في العراق؟ لا أملك كُرة بلّوريّة، ولكن أقول مرّة أخرى إن الإرهابيين من داعش سيُهزمون فمكانهم مزبلة التاريخ وهم يحاولون أن يعودوا بالعراق إلى عصور الظلام، ظلام العقل والقلب.
الدولة الإسلاميّة في العراق والشام اسم آخر للقاعدة في بلاد الرافدين، وبعد أبو مصعب الزرقاوي هناك الآن أبو بكر البغدادي.
كلّ ما عند كيري والإدارة الأميركيّة من خلفه هو طلب تشكيل حكومة ائتلافيّة لا تستثني أحداً من أطياف الشعب العراقي. القارئ وأنا نعرف هذا إلا أننا لا نملك القدرة العسكريّة الأميركيّة، وهي قدرة إدارة أوباما مصمّمة على عدم استخدامها، فقد أخرجت القوات الأميركيّة من العراق ولن تُعيدها. بكلام آخر، الإدارة الأميركيّة عندها اقتراحات لا يسندها عمل عسكري.
شخصيّاً، أُعارض أي دور أميركيّ في العراق وكلّ بلد عربي. هم ليسوا أوصياء علينا، وإنما يتدخّلون كَذباً باسم الحرية وتقرير المصير والديموقراطيّة وسياستهم مجرّد استعمار جديد أو نيو إمبرياليّة.
الاحتلال الأميركيّ قتل حوالى مليون عربيّ ومسلم، وهو رقم يزيد أضعافاً على ضحايا صدّام حسين والقاعدة في بلاد الرافدين وداعش مجتمعين. أقول للقارئ ألا يصدّق أن الأميركيين قتلوا الزرقاوي، فبعد أرهاب الفنادق في عمّان في 2005 رَصَدَ الأمن الأردنيّ نشاط الزرقاوي، وحدّدَ مكان إقامته، وسلّم المعلومات إلى الأميركيين فقُتِلَ في غارة جويّة. الأميركيون قتلوا أسامة بن لادن بعد أن تقاعد وقَصُرَ «جهاده» على زوجتين، وهم لا يريدون أن يعثروا على أيمن الظواهري لأن جرائم القاعدة تبرّر تدخلهم.
اليوم ربما كان المخرَج في العراق حكومة ائتلافيّة يقودها رجل أقلّ جدليّة وعدوانيّة وانغلاقاً طائفيّاً من المالكي. ولكن هل يعود رجال السياسة في العراق إلى رُشدهم؟ هل يقبل المحافظون الجدد أنصار إسرائيل أن يستقر العراق؟ هل توافق إيران على حكومة لا تمثّل تبعيّة كاملة لها؟ هل تدرك الدول العربيّة أن ما يحدث في العراق سيفيض عن حدوده ليصل إليها؟
لا أرى ضوءاً في نهاية النفق العراقي.

 

 

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العراق في نفق مسدود العراق في نفق مسدود



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia