السلطان أردوغان من دون ثياب

السلطان أردوغان من دون ثياب

السلطان أردوغان من دون ثياب

 تونس اليوم -

السلطان أردوغان من دون ثياب

جهاد الخازن

 هل يعرف القارئ خرافة «الإمبراطور من دون ثياب»؟ هي عادت إليّ مرة بعد مرة وأنا أتابع النشاط السياسي للرئيس رجب طيب أردوغان بعد انتخابات البرلمان التركي في السابع من الشهر الماضي، ووجدت نفسي أقول (لنفسي): السلطان أردوغان من دون ثياب.

باختصار شديد، أقنع حائكان الإمبراطور بأن يرتدي ثياباً لا يراها إلا الأذكياء والذين يصلحون لعملهم. ولم يأتيا له بأي ثياب فلم يقل شيئاً حتى لا يُتَّهَم بالغباء، وسار في موكب وزعم الناس أنهم يرونه في ثياب حتى لا يتهموا بدورهم، إلا أن ولداً صغيراً قال لأبيه: الامبراطور من دون ثياب، وردد الناس كلامه حتى وصل الى الامبراطور المدَّعي.

حزب العدالة والتنمية خسر في الانتخابات الغالبية البرلمانية التي حكم بها تركيا على مدى السنوات الثلاث عشرة الأخيرة، رغم بقائه أكبر الأحزاب، فله 258 مقعداً في برلمان من 550 مقعداً. هذا يعني أن تشكَّل حكومة إئتلافية ذات غالبية برلمانية للحكم، وهناك حزب الشعب الجمهوري وله 132 مقعداً، وحزب الشعب الديموقراطي وحزب العمل الوطني ولكل منهما 80 مقعداً.

الغالبية للحكم هي 330 مقعداً، وتحالف الحزب الحاكم مع أي من الأحزاب الأخرى سيضمن للحكومة الائتلافية غالبية مريحة، إلا أن كلاً من أحزاب المعارضة له مواقف تختلف عمّا نعرف عن مبادئ حزب العدالة والتنمية، ثم أن هذه الأحزاب يختلف أحدها عن الآخر كثيراً، والى درجة أنها كانت تستطيع مجتمعة منع فوز مرشح الحزب الحاكم لرئاسة البرلمان، فلم تفعل وفاز وزير الدفاع السابق عصمت يلماظ بالمنصب في نهاية الشهر الماضي.

لن أدخل في تفاصيل الخلافات السياسية الداخلية في تركيا، فتغطية «الحياة» للانتخابات والمشكلات التالية كانت وافية، وأكتفي بتسجيل خوف حزب العدالة والتنمية من الأكراد ونجاحهم العسكري الذي ضمن لحزب الشعب الديمقراطي، وهو تحالف من الأكراد والليبراليين، نجاحاً غير مسبوق أو متوقع في البرلمان.

خشية الحزب الحاكم من نجاح الأكراد أدت الى تردد أخبار كثيرة عن اعتزام تركيا دخول شمال سورية في عملية عسكرية تؤدي الى إنشاء قاعدة لعمل المعارضة المسلحة ضد النظام في دمشق. هناك حشود عسكرية تركية على الحدود، وإذا نُفِّذَت العملية فهي ستؤدي من ناحية الى علاقات أفضل مع الولايات المتحدة ودول التحالف من الخليج وغيرها الذي يشن غارات جوية على تلك الدولة الاسلامية المزعومة، أي داعش. وتركيا قد تستطيع إعادة اللاجئين السوريين من أراضيها الى بلادهم. إلا أن الحملة العسكرية، من ناحية أخرى، ستعني زيادة استعداء النظام السوري وروسيا وإيران وداعش على تركيا، فتكسب هذه من جهة، وتخسر من جهة أخرى.

الدستور التركي ينص على أن يشكل رئيس الوزراء المكلف حكومته خلال 45 يوماً من تكليفه، وثمة أخبار عن أن أردوغان سيطلب اليوم من أحمد داود أوغلو تشكيل حكومة جديدة. غير أن أخباراً أخرى تزعم أنه يريد تعطيل تشكيل هذه الحكومة حتى تمضي فترة التشكيل المنصوص عليها في الدستور ويدعو الرئيس الى انتخابات جديدة.

لا أدري، إن كان هذا الكلام صحيحاً، لماذا يعتقد أردوغان أن حزبه سينتزع غالبية برلمانية في انتخابات قادمة، فالنجاح الاقتصادي غير المسبوق للحزب الحاكم تقابله مواقف غير ديموقراطية للرئيس، أحياناً تخالف الدستور علناً، كما حدث في تأييده حزبه في الانتخابات في حين يفترض أن يبقى الرئيس على الحياد بين الأحزاب المتنافسة.

قرأت تقريراً عن الربع الثاني من هذه السنة يتحدث عن التضييق على الحريات الصحافية، فقد وجهت اتهامات الى 29 صحافياً كما يُحاكم 19 آخرون. في الوقت نفسه يدعو الرئيس الصحافة للتجول في قصره الجديد وسط غابة في أنقرة. هو مجمّع مساحته 750 ألف متر مربع ويضم 1150 غرفة، ما يليق بإمبراطور أو سلطان، لا رئيس بلد ديموقراطي، لذلك أعود وأقول إن السلطان أردوغان من دون ثياب.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السلطان أردوغان من دون ثياب السلطان أردوغان من دون ثياب



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia