الحرب الأهلية في لبنان تنذكر ما تنعاد

الحرب الأهلية في لبنان: تنذكر ما تنعاد

الحرب الأهلية في لبنان: تنذكر ما تنعاد

 تونس اليوم -

الحرب الأهلية في لبنان تنذكر ما تنعاد

بقلم : جهاد الخازن

في مثل هذه الأيام قبل 41 سنة، انطلقت شرارة حرب أهلية في لبنان استمرت 15 سنة، ما جعل بعض اللبنانيين ينسى حرب صيف 1958 التي أصبحت مجرد مقدمة أرهصت للحرب التالية.

كثيرون زعموا أنهم توقعوا الحرب الأهلية وعرفوا أنها ستستمر سنوات، وأن لبنان سيخسر 150 ألفاً من أبنائه، مع تشريد عشرات الألوف، واختفاء حوالى 17 ألفاً لا يزال مصيرهم غامضاً حتى اليوم.

لست من هؤلاء، فقد توقعت بعد حادث «بوسطة عين الرمانة» في 13/4/1975 أن تكون هناك ردود فعل، ثم يعود المسلحون، كلٌ الى خندقه. لم أقدِّر إطلاقاً أن تطول الحرب، وأقنعت نفسي بعد كل حادث بأنه الأخير. كنت أرأس تحرير «الديلي ستار» وأكتب أحياناً لـ «الحياة» وقد عدتُ قبل أيام من مقابلة السلطان قابوس في عُمان، وعندي عمل إضافي مع غسان تويني، رحمه الله، ورياض نجيب الريّس، أعاد الله اليه الصحة، هو نشرة سياسية خاصة بالانكليزية. حرب أهلية كانت ستعطل عملي، فرفضتُ أن أعترف بها. نفد الورق في مقر دار «الحياة» في الخندق الغميق، وكان عندنا مستودع كبير في الضواحي، وقُتِل سائق سيارة الشحن التي حملت الورق الى المقر، وتوقفنا عن العمل من دون رغبة منا أو إعلان.

ذهبت وزوجتي الى لندن في آخر أسبوع من تلك السنة، في ما اعتبرتُ أنه إجازة قصيرة، ودخلت الآن السنة الحادية والأربعين من إجازة قسرية لم أحسب لها حساباً، شملت العمل فترة قصيرة في جدة، ثم لندن وبعدها واشنطن وجامعة جورجتاون ولندن مرة أخرى.

كنت أعتقد أن اغتيال الملك فيصل بن عبدالعزيز، رحمه الله، تلك السنة «آخر الدنيا» ووجدتُ بعد ذلك أن دنيا العربي لا آخر لها، فقد توالت المصائب، وقُتِلَ زميلي في الجامعة نجيب عزام، وقتِل حارس في الجريدة هو حسن عبود. واليوم هناك حرب أهلية عربية عامة، سلمت منها بلاد، ووقعت في أتونها بلاد أخرى. هل تستمر الحرب التي بدأت في 2011 خمس عشرة سنة؟ لا أعرف.

لم يكن لبنان الحرب الأهلية أو لبنان اليوم هو لبنان الذي زعمت الأغنية أنه «قطعة سما». كنت صغيراً أصطاد ببندقية 9 مللم وخرطوش فرنسي اسمه «جيفولو». وكبرت وأصبح عندي بندقية صيد أو بنادق، وصرتُ أصطاد في جنوب لبنان وفي منطقة القصر قرب الهرمل حتى الحدود مع سورية. كنا دائماً محل ترحيب السكان المحليين، وكنت مع أصدقائي في جوار قانا عندما غزا الإرهابيون الإسرائيليون المنطقة، وتبعنا دباباتهم حتى حدود فلسطين المحتلة. في جرود الهرمل تعرفنا إلى حسن دندش، أشهر «الطـُفـَّار»، أو المطلوبين للعدالة في لبنان، وفي مقاهي نبع العاصي أكلنا مع أهل المنطقة وتابعنا مباريات في الزجل، أو الشعر الشعبي.

هل يعود يوم وأصطاد في بلدة القصر، أو أذهب والأصدقاء الى العباسية ودير قانون النهر ودردغيا والنفـّاخيّة حتى تل النحاس؟ لا أكتب عن نفسي، وإنما أكتب عن جيلي من المشردين، زملائي في الجامعة الأميركية في بيروت، الأهل والأصدقاء الآخرين. شاهدت وأصدقاء الألعاب الأولمبية في روما ومدينة المكسيك وميونيخ، حيث شاهدتُ بعد سنتين كأس العالم في كرة القدم. بعض الأصدقاء مات في الغربة مثل عماد شحادة، وبعضهم عاد الى لبنان مكسور الجناح. وبعضهم ضاع عني أو ضعتُ عنه.

«لبنان يا أخضر حلو». لا أعرف كيف أغني إلا أنني مستمع جيد. أقول مع إيليا أبو ماضي: اثنان أعيى الدهر أن يبليهما/ لبنان والأمل الذي لذويه. لا أزال آمل بأيام أفضل، أيام شهدت مثلها صغيراً ومراهقاً وشاباً. كل شيء ضاع ولم يبقَ عندي سوى الأمل.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب الأهلية في لبنان تنذكر ما تنعاد الحرب الأهلية في لبنان تنذكر ما تنعاد



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 23:18 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

«مو ضروري» لـ ماجد المهندس تحصد 35.2 مليون مشاهدة

GMT 06:41 2014 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

السير المعوج

GMT 02:18 2017 الخميس ,15 حزيران / يونيو

يسرا تكشف سبب اعتذارها عن مسلسل "الزيبق"

GMT 12:07 2020 الأحد ,20 أيلول / سبتمبر

وفاة نائب رئيس حكومة أوزبكستان بفيروس كورونا

GMT 00:31 2021 الجمعة ,22 كانون الثاني / يناير

دراسة تؤكد أن الكلاب لا تفهم البشر جيدًا

GMT 13:32 2014 الإثنين ,03 شباط / فبراير

إغلاق بورصة الأردن على تراجع بنسبة 0.18%
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia