هيئة الإذاعة البريطانية نموذج يحتذى

هيئة الإذاعة البريطانية نموذج يحتذى

هيئة الإذاعة البريطانية نموذج يحتذى

 تونس اليوم -

هيئة الإذاعة البريطانية نموذج يحتذى

بقلم : جهاد الخازن

كان هناك العربي الذي قال يوماً: افتح لنا «بي بي سي» لنعرف ماذا يجري في بلادنا.

«السيدة العجوز» عمرها الآن 94 سنة، إلا أنها اعتُبِرَت عجوزاً منذ عقود، وأذكر يوم أن دخلتُ مبنى هيئة الإذاعة البريطانية القديم في «أولدويتش» للمشاركة في برنامج، وقرأت على جدار عند المدخل «بي بي سي كان عمرها 60 سنة عندما وُلِدَت».

هيئة الإذاعة البريطانية هي ميديا عالمية تتمتع بثقة المستمع أو المتفرج في كل بلد، وبعضٌ من نوع العربي الذي بدأتُ به يصدِّق أخبارها بمقدار ما لا يصدق ما تبث ميديا بلاده من أخبار.

الآن تحيط بهيئة الإذاعة البريطانية ضجة محلية وخارجية بعد صدور «ورقة بيضاء» أعدها وزير الثقافة جون ويتنغديل لإعادة تنظيم هذه المؤسسة العريقة.

كنت أخشى أن يكون رئيس الوزراء ديفيد كامرون، وهو آخر المحافظين الجدد وراء المشروع، إلا أنني قرأت وقرأت، ووجدت أنه أيَّد المدير العام للهيئة توني هول في نقاط الخلاف مع الوزير ويتنغديل، وكذلك فعل وزير الخزانة جورج أوزبورن.

التغيير الأهم هو إلغاء مجلس الأمناء الذي ترأسه رونا فيرهيد والاستعاضة عنه بمجلس موحد. مجلس الأمناء تنتهي مدته في تشرين الأول (أكتوبر) 2018 عندما ينتهي التعاقد مع فيرهيد. المجلس الجديد سيتألف من 12 الى 14 عضواً، والحكومة تعين رئيس هذا المجلس ونائبه وأربعة أعضاء.

قدرة الحكومة على لعب دور في جهاز هو في الواقع مجلس إدارة «بي بي سي»، أثار جدلاً لم يُحسَم بعد نشر «الورقة البيضاء» الأسبوع الماضي. كتّاب اليمين هاجموا بي بي سي بتهمة أنها يسارية، وكتّاب الوسط واليسار ردّوا بمهاجمة اليمين ومحاولاته «تطويع» هيئة الإذاعة البريطانية. وشعرت ببعض الطمأنينة وأنا أقرأ في جريدة «الغارديان» الرصينة الليبرالية تأييداً للنتائج، كما فعلت «الديلي ميرور»، فقد كان رأيها أن «بي بي سي فازت».

أرجو ألا أكون مخطئاً، ولكن راجعت كل المادة المتوافرة وتعليقات الصحف، وانتهيت إلى قناعة بأن التغييرات خُفِّضَت كثيراً ورئيس الوزراء يؤيد رئيس «بي بي سي» في الخلافات على صيغة «الورقة البيضاء». هذا لم يمنع ممثلين محليين ومسؤولين كباراً سابقين في «بي بي سي» من مهاجمة التغييرات واعتبارها خطراً على حرية عمل تلك المؤسسة العريقة التي قرأت أنها الجوهرة في تاج الثقافة البريطانية. وكانت الملكة إليزابيث تلقي خطاب الحكومة في البرلمان عندما هتف النائب اليساري دنيس سكينر «ارفعوا أيديكم عن بي بي سي».

هي إما جوهرة أو يسارية منحازة، اعتماداً على توجهات كاتب التعليق أو قناعاته. حتى لورا كونسبرغ، المحررة السياسية لهيئة الإذاعة البريطانية، لم تسلَم من الانتقاد، وقرأت أن انحيازها إلى رئيس حزب العمال جيريمي كوربن بلغ حدود «البروباغاندا». هذا ذكرني بالحزب الوطني الإسكتلندي الذي وزع منشورات في الانتخابات العامة سنة 2015 غيرت اسم «بي بي سي» إلى «هيئة التحامل البريطانية».

كل ما سبق مهم، ولكن أهم منه أن «بي بي سي» ذات شهرة عالمية في صدق الأخبار والمهنية. وكم مرة لجأت إليها وأنا صغير لأتأكد من خبر أذاعته إذاعة عربية أو محطة تلفزيون. كان رأيي أن الخبر صحيح إذا نشرته «بي بي سي».

هناك موضوعية في بعض الميديا العربية، ولكن مع وجود غالبية «ذات قضية»، وقضيتها رضا الحكومة حتى لا تُمنَع. ربما يأتي يوم يكون لإعلامنا صدقية «بي بي سي». ربما، إلا أنني اليوم أراه يوماً بعيداً.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هيئة الإذاعة البريطانية نموذج يحتذى هيئة الإذاعة البريطانية نموذج يحتذى



GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia