عيون وآذان أوكرانيا بين شرق وغرب

عيون وآذان (أوكرانيا بين شرق وغرب)

عيون وآذان (أوكرانيا بين شرق وغرب)

 تونس اليوم -

عيون وآذان أوكرانيا بين شرق وغرب

جهاد الخازن

ربما كنا نشهد في أوكرانيا آخر فصول الحرب الباردة، وفي حين أن الصراع ليس بين المعسكرَيْن الاشتراكي والرأسمالي، فانه يبقى بين شرق وغرب، حتى أن هذه القسمة موجودة داخل أوكرانيا نفسها، فشرق البلاد يتطلع شرقاً، وغربها يفضِّل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بعده. الرئيس فكتور يانوكوفيتش غامر، أو قامَر، وخسر فالأزمة التي انتهت بتركه العاصمة بدأت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي عندما قدَّم الاتحاد الأوروبي عرض شراكة وتجارة رفضه الرئيس واختار الاعتماد على المساعدة الروسية. ربما رأى يانوكوفيتش أن العرض الأوروبي، على المدى القصير، سيؤدي إلى ارتفاع البطالة مع تضمنه شرط إغلاق الشركات والمصانع الخاسرة، وهو كان يستعد ليرشح نفسه لولاية ثانية في 2015، والبطالة ستؤثر سلباً في شعبيته. النتيجة يعرفها القارئ فقوات الأمن استهلكت واستنفدت، وتخلت عن وسط العاصمة كييف للثوار من الشعب، وعقد اتفاق بين الطرفين نصَّ على العودة إلى دستور 2004 الذي يقلص من سلطات الرئيس ويوجد توازناً أفضل بين الرئيس والحكومة والبرلمان، وعلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في أيار (مايو) المقبل بدل الانتظار سنة أخرى. المعارضة ليست أفضل من يانوكوفيتش فهي لم تكد تسيطر على كييف حتى خرجت على الاتفاق وعزلت الرئيس الذي انتقل إلى شرق البلاد ويصر على أنه يبقى الرئيس المُنتَخَب شرعياً. روسيا عندها أوراق كثيرة تستطيع استعمالها في أوكرانيا ووزير خارجيتها سيرغي لافروف اتصل بوزراء الاتحاد الأوروبي الذين عقدوا الاتفاق محتجاً، وقال إن المعارضة الأوكرانية مثل المتطرفين الإرهابيين في كل مكان، ووعد، أو أوعد، بأن بلاده لن تسكت. وفي حين حذر الغرب روسيا من التدخل العسكري في أوكرانيا، فإنني لا أجد هذا الاحتمال قائماً، وإنما لروسيا أسلحة كثيرة تستعملها. هناك غالبية من الأوكرانيين من أصل روسي في شبه جزيرة القرم حيث جرت تظاهرات تؤيد روسيا ويانوكوفيتش، وفي جنوب أوسيتا وأيضاً مولدوفا. وهناك حديث علني الآن عن انفصال إقليم شبه جزيرة القرم. يانوكوفيتش لم يستخدم القوات المسلحة في المواجهة مع المعارضة لأنه على ما يبدو لم يكن يثق بولاء الجيش وخشي أن ينضم بعض أفراده ووحداته إلى المعارضة. أو هو خشي حرباً أهلية يطلقها التدخل العسكري. غير أن الوضع الآن ينذر بحرب أهلية إذا لم ينفذ الاتفاق الذي رعاه وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي كما هو، وليـــس كما انتهكت المعارضة بنوده، فشــعب أوكرانيا منقسم على نفسه، وبذور الحرب الأهلية موجودة في تكوينه، وشرق البلاد مع تأييد روسيا لن يقبل هزيمة أمام غربها. ربما استطاع الرئيسان باراك أوباما وفلاديمير بوتين الوصول إلى تفاهم ينتهي بلا غالب أو مغلوب. وكان الرئيس أوباما ألغى الصيف الماضي اجتماعاً مع الرئيس بوتين وذلك للمرة الأولى في السنوات الخمسين الأخيرة من العلاقات بين البلدين. غير أنه هذه المرة اتصل بالرئيس الروسي في نهاية الأسبوع ودامت المحادثة بينهما ساعة ركزت على أوكرانيا ثم تجاوزتها إلى قضايا أخرى، وقال مسؤولون أميركيون إن الحديث كان إيجابياً. العلاقات بين أميركا وروسيا ليست طيبة هذه الأيام فقبل أوكرانيا كانت هناك خلافات على سورية وإيران، وعلى إعطاء ادوارد سنودن لجوءاً في روسيا بعد أن سرَّب أسرار وكالة الأمن القومي. بل إن البلدين غير متفقين على الخطوة التالية في برنامج نزع التسلح النووي. الرئيس بوتين قادر على التصرف بحرية، فعنده برلمان طيِّع، أما الرئيس أوباما فمقيَّد مع وجود جمهوريين متطرفين في مجلسي الكونغرس على استعداد لتخريب اقتصاد البلاد، بل برامج الرعاية الصحية والاجتماعية، لمنع باراك أوباما من النجاح رئيساً. في مثل هذا الوضع لا أطلب لأهل أوكرانيا أكثر من تجنب حرب أهلية لينجوا من مصير شعبنا في سورية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيون وآذان أوكرانيا بين شرق وغرب عيون وآذان أوكرانيا بين شرق وغرب



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia