عيون وآذان نصف قرن بعد كنيدي

عيون وآذان (نصف قرن بعد كنيدي)

عيون وآذان (نصف قرن بعد كنيدي)

 تونس اليوم -

عيون وآذان نصف قرن بعد كنيدي

جهاد الخازن

في مثل هذا اليوم قبل 50 سنة اغتيل الرئيس جون كنيدي. كنت قد ودعت المراهقة، بعد أن عملت في وكالة الأنباء العربية (رويترز) في بيروت سنة مترجماً وسنة محرراً، وأصبحت رئيس نوبة مسؤولاً عن الشرق الأوسط كله، باستثناء مصر، وعمري 22 سنة. عندما سألني رئيس التحرير الإقليمي الأستاذ الياس نعواس، رحمه الله، بعد نجاحي في امتحان لبدء العمل عن عمري لم أقل 19 سنة وإنما قلت: 24 سنة، على أساس أن هذه سن رجل أو كهل. وقال الأستاذ الياس: أف، أنت ولد. ولزمني لقب الولد حتى استقالتي بعد سنوات لأتفرغ لرئاسة تحرير الـ «ديلي ستار». كانت نوبات العمل اليومية في الوكالة ثلاثاً، قبل الظهر وبعد الظهر وفي الليل، وكنت أفضل أن أعمل في الليل لأذهب إلى الجامعة في النهار، فكنت أحياناً أستلم نوبة المساء، وأنا مترجم، لأن الزملاء الآخرين، وكل منهم تجاوز الأربعين أو الخمسين وله زوجة وأولاد، يفضل أن يكون معهم مساء. في ذلك اليوم التاريخي كنت رئيس النوبة بالوكالة ومعي مترجمان، أحدهما جوزف فاخوري، الملحن الموسيقي اللبناني المشهور، وأيضاً محرر إنكليزي للأخبار إن لم تخني الذاكرة فقد كان اسمه بيتر كيلنر الذي بكى عندما تأكد موت الرئيس الأميركي. كنا نتلقى الأخبار من لندن بـ «التلبرنتر» على شريط «مثقب» ونختار منها ما يناسب المشتركين في الشرق الأوسط للترجمة والتوزيع. في حوالي الثامنة مساء نظرت إلى الشريط ورأيت كلمة لم أكن رأيتها من قبل هي Flash مكررة عدة مرات، وبعدها جملة واحدة من دون مصدر أحفظها حتى اليوم بالإنكليزية، وترجمتها إلى العربية: الرئيس كنيدي أصيب بالرصاص وهو في موكب. الجملة لم تذكر المكان الذي أصيب فيه الرئيس بالرصاص، وإن كان قد توفي. ومضت دقيقة أو نحوها، وجاء Flash آخر يقول إن الرئيس كنيدي قتل برصاص قناص في دالاس، بولاية تكساس. كانت نوبة العمل في المساء تبدأ الساعة السادسة مساء وتنتهي بعد منتصف الليل بنصف ساعة، إلا أنني في ذلك اليوم بقيت في المكتب حتى الصباح، وكل خبر ترجم ووزع في الشرق الأوسط حمل صفة «مستعجل جداً»، وتعلمت معنى Flash، بعد أن كنت على مدى ثلاث سنوات من العمل رأيت صفتين للأخبار المهمة هما urgent و snap، بمعنى مهم ومهم جداً. ذلك المساء لم يعد هناك خبر آخر من الوكالة غير اغتيال كنيدي الذي تبعه بسرعة خبر إصابة حاكم تكساس جون كونالي بالرصاص ثم اعتقال القاتل لي هارفي اوزوالد. في حوالي التاسعة مساء تلقيت من رئاسة الوكالة في لندن طلب ردود الفعل العربية، ولم أعرف كيف أحصل عليها، فالدوائر الرسمية في كل بلد عربي أغلقت قبل ساعات. واستعنت بالزميل عزت شكري، مراسل الأخبار المحلية والمدير المسؤول للوكالة، وهو تمكن من الحصول على تعليق لبناني وآخر أردني. كنت أحرر أخبار المترجمين وأصحح وأزيد وأختصر، واخترت لنفسي أن أترجم نبذة عن حياة جون كنيدي فقد كان وزوجته جاكلين يتمتعان بشعبية كبيرة حول العالم، بما في ذلك بلادنا. وأتبعت ذلك بمعلومات عن القاتل، وعن حاكم تكساس، وروايات ناس كانوا يتفرجون على موكب الرئيس ويصفقون له. ربما كنت نسيت تفاصيل ألف يوم آخر من عملي في الوكالة، إلا أن 22/11/1963 الذي يوافق عيد استقلال لبنان لازم الذاكرة وكأن أحداثه تعود إلى أمس فقط. ورأيت بعد ذلك كلمة «فلاش» وهي تتصدر تفجير القنبلة النووية الصينية وسقوط نيكيتا خروشوف وموت جمال عبد الناصر. تركت مكاتب الوكالة في بناية «اونيون» في الصنائع وقد بدأت تباشير الصباح، وسرت نحو مبنى «النهار»، وأخذت الجريدة لأرى المانشيت بحرف كبير هو: قاتل كنيدي كاستروي شيوعي. كان عنواناً مثيراً وخاطئاً، والحقيقة عن ذلك اليوم التاريخي موضع تنازع وخلاف ونظريات مؤامرة حتى اليوم.  

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيون وآذان نصف قرن بعد كنيدي عيون وآذان نصف قرن بعد كنيدي



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia