بقلم : جهاد الخازن
الأخبار عن المملكة العربية السعودية في الميديا العالمية نوعان، واحد صحيح يسجل معلومات، والآخر كاذب مصدره أعداء معروفون أو هواة جهَلة.
المشكلة مع الأخبار الكاذبة أن الكاتب مثلي لا يستطيع أن يكشف زيفها، أو يفضح مَنْ يقف وراءها، من دون أن يدخل في تفاصيلها ما يعني الترويج لها، وهذا ما لا يريده كاتب عربي يحاول الموضوعية والاعتدال.
بين الأخبار الصحيحة أن البنوك العالمية تتسابق، أو تتنافس، للحصول على أسهم في شركة النفط السعودية أرامكو بعد الإعلان في كانون الثاني (يناير) الماضي أن السعودية تفكر في طرح أسهم في أرامكو للبيع. البنوك الأجنبية تقدِّر قيمة الشركة السعودية بأكثر من تريليوني دولار، وحجمها ربما كان أكبر الآن مع اختيار البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي وتراجع الحركة المالية العالمية.
الأخبار من نوع ما سبق تعني الحديث عن «رؤية» الأمير محمد بن سلمان، ولي عهد ولي العهد السعودي، لعصر ما بعد النفط. كانت زيارته الولايات المتحدة قبل أيام فرصة للأميركيين تمكنهم من الاطلاع على حقيقة تفكيره، وفرصة له لدرس حجم ما بقي من التحالف القديم بين بلاده والولايات المتحدة. الزيارة كانت ناجحة، قابل الأمير محمد خلالها الرئيس باراك أوباما والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وزار «وادي السيليكون» في كاليفورنيا، وقرأت تفاصيل عن اجتماعه مع مارك زوكربرغ، رئيس «فايسبوك».
قرأت هل يستطيع الأمير محمد أن يشغل محرك السعودية أو يدفع بالعربة في وادٍ. هذا الكلام يتجاهل أن السعودية تملك أكبر مخزون نفطي، وأنها البلد الأول المصدِّر للنفط في العالم، وأن النفط لا يزال في أساس عمل الاقتصاد العالمي، والسعودية تستطيع خفض إنتاجها أو زيادته، من دون استئذان الولايات المتحدة، وهو ما فعلت في السنوات الخمس الأخيرة.
بعض الأخبار سأل هل تخوض المملكة العربية السعودية حرباً مع إيران، ولا أراها ستفعل، فهناك حروب في المنطقة موقف السعودية منها نقيض الموقف الإيراني كما في سورية واليمن.
منظمة العفو الدولية وجماعة حقوق الإنسان طالبتا في بيان مشترك سحب عضوية السعودية في مجلس حقوق الإنسان بسبب دورها في حرب اليمن. أصرّ على أن السعودية لم تبدأ حرباً، وإنما إيران موّلت الحوثيين وسلحتهم لخوض حرب أهلية بعد إطاحة علي عبدالله صالح من الرئاسة. إيران فعلت هذا وهي تعلم أنه يستحيل أن تقبل السعودية أو دول الخليج العربية الأخرى وجوداً لإيران على حدودها. الحرب ستستمر إذا استمر التدخل الإيراني، وكل حديث آخر عبث أو جهل.
أقرأ أن السعودية تخفف القيود على النساء، وهذا جميل، فهو موقف قديم مستمر نشط فيه الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، واستمر مع الملك سلمان بن عبدالعزيز. إلا أنني أقرأ الأخبار في الميديا العالمية، وأجد مَنْ يحاول أن يخترع أسباباً للإجراءات السعودية، بدل شكر أهل الحكم على النهضة النسائية المستمرة.
مرة أخرى، بعض الأخبار صحيح وموضوعي، إلا أن أخباراً كثيرة تصاغ وفيها ما نسميه في بلادنا «الشعرة في العجين» فبدل التعامل مع الجانب الإيجابي الواضح، يبدأ الكاتب بالبحث عن أسباب أو أسرار، وقد يحاول اختراع أخطاء أو خطايا للتقليل من أهمية الخبر.
كل اقتصاد يتعرض لهزات، وقد رأينا جميعاً الكارثة الاقتصادية الأميركية سنة 2008، لكن الاقتصاد السعودي قاعدته ثابتة ومتينة لذلك لا خوف عليه اليوم أو غداً. أما بعد غد فالرؤية التي عرضها الأمير محمد بن سلمان قد تكون الجواب عن عالم ما بعد النفط.