بقلم: جهاد الخازن
هل كنا في حاجة إلى تقرير بريطاني رسمي لنعرف أن توني بلير تآمر مع جورج بوش الابن لشنّ حرب على العراق (بعد أفغانستان) زُوِّرَت أسبابها عمداً ما أدّى الى قتل حوالى مليون عربي ومسلم مع مئات من الجنود الشباب البريطانيين وألوف الجنود الأميركيين؟
أكتب ظهر الأربعاء والتقرير الذي يقع في 2.600.000 كلمة صدر قبل ساعات قليلة بعد أن أمضى السير جون تشيلكوت وفريقه سبع سنوات في جمع المعلومات له، ولا أرى سبباً لتأخير النشر غير محاولة لتخفيف وطأة المادة بحكم مرور وقت طويل على ارتكاب الجريمة.
ما نعرف بالدليل القاطع هو أن توني بلير اجتمع مع الرئيس بوش في البيت الأبيض في 31/1/2003، وقال بوش لبلير إنه اتخذ قراراً نهائياً بغزو العراق على رغم فشل البلدين في إصدار قرار ثانٍ من مجلس الأمن ضد العراق، لأن المحققين الدوليين لم يجدوا أي دليل على امتلاك أسلحة دمار شامل. العراق دمّر هذه الأسلحة بعد تحرير الكويت سنة 1991 (مسؤول عراقي فرّ من بلاده سنة 1995 هو حسين كامل نقل الى وكالة الاستخبارات المركزية معلومات مؤكدة عن تدمير الأسلحة). بلير خرج من اجتماعه مع بوش وقال للصحافيين إنهما لم يتفقا على أي شيء مهم، وهو واجه البرلمان البريطاني بعد أيام وكرر الكذب أمامه.
قبل ذلك الاجتماع بسنة كاملة أرسل وزير الخارجية في حينه كولن باول مذكرة الى الرئيس بوش يبلغه فيها إن «توني بلير سيكون معنا إذا اخترنا العمل العسكري».
هل يحتاج القارئ الى مزيد؟ حسناً، في 7/3/2003 قدّم المدعي العام البريطاني اللورد غولدسميث مذكرة الى توني بلير تقول إن الحرب تخالف القانون الدولي. وأمر بلير وزراءه بإخفاء المذكرة أو حرقها. وتعرض اللورد غولدسميث الى ضغوط رسمية هائلة، فأصدر مذكرة ثانية تجد مبررات للحرب. وقد وجد تقرير تشيلكوت أن الأساس القانوني للحرب «غير مرضٍ».
أيضاً وأيضاً بلير اجتمع في 5/4/2002 مع بوش في مزرعته في تكساس، وكانا وحدهما إلا أن السفير البريطاني لدى الولايات المتحدة في حينه كرويستوفر ماير قال إنه لا يعرف تماماً ما حدث إلا أنه أضاف أن اتفاقهما ربما صيغ بالدم في مزرعة كروفورد.
أسرة ضابط بريطاني قتِل في العراق تطالب بمحاكمة توني بلير وجورج بوش الابن. طالبتُ بمحاكمتهما في السابق وأضم صوتي اليوم الى ماي - هيلين فروسبرغ التي كانت في الشهر الخامس من الحمل بابنها من الميجور جيسون وارد عندما قُتِل، وهي أصيبت بسرطان والطفل رضيع. هناك 600 قصة بريطانية، أو مأساة من هذا النوع، وبلير لم يُحاكَم وإنما خرج من الحكم ليمارس العلاقات العامة ويثرى. بل إنه كان يوماً الوسيط في عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.
رأيي أن توني بلير وجورج بوش يجب أن يوضع كل منهما في زنزانة ويلقى المفتاحان في البحر الى أن يموتا. هما في سجلي الشخصي مجرما حرب أسوأ كثيراً من صدام حسين الذي اقتصر أذاه يوماً على الكويت ويوماً على شعب بلده، في حين أن الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء البريطاني تسببا في قتل مليون إنسان من العراق الى أفغانستان، من دون أن يشكل عراق صدام حسين أي خطر على السلام العالمي.
أرجو أن يمثلا أمام محكمة جرائم الحرب الدولية، وسأقبل حكمها إدانة أو براءة.