قبل سنتين أو نحوهما وجدت في مكتبة البيت ديواناً للصديق الراحل غازي القصيبي وكتبت عنه مختاراً بعضاً من الشعر فيه. قبل أسبوع كنت أعيد ترتيب المكتبة ووجدت ديواناً آخر للعزيز الراحل عنوانه «الحمى».
القصيدة الأولى تحمل عنوان الكتاب وأختار منها:
تعبت من جدّي ومن مجوني
من كل ما في عالمي المشحون
برمت بالمسرح... أخرجيني
مرّي بكفيك على جبيني
وقبل أن أرقد... ودعيني
القصيدة تحمل التاريخ ١٩٧٩، وقرأت بعدها قصيدة تحمل اسم «بيروت» وتاريخها ١٩٧٨ أختار منها:
بيروت ماذا يقول الناس هل ذبحت
بيض الأماني... وغال الطفلة الذيب
وهل توارى مليح كان يأسرني
وهل قضى قبل يوم الوعد محبوب؟
هو يكمل قائلاً:
بيروت لا تصفي لي الجرح... أعرفه
فإنه في دمائي الحمر معصوب
أنا الذي أسرته الروم ما لحقت
به العراب... وخانته الأعاريب
بيروت نحن الألى ساقوكِ عارية
للموت يصرخ في عينيك تعذيب
قرأت للشاعر الحبيب قصيدة بعنوان «الموت وجلاجل» عن انهيار مدرسة في البلدة وموت عدد من الطالبات الصغيرات تحت الأنقاض. أختار منها:
بسط الموت يا جلاجل كفيه
فماذا أعطيته يا جلاجل
كل هذي الزهور؟ ما أفجع الزهر
صريعاً على نيوب المناجل
كل هذا العبير من طيب مريول
ومن خفقة الصبا في الجدائل
كل هذا الجمال؟ ما رأت الأحلام
أبهى من الصبايا الغوافل
بسط الموت يا جلاجل كفيه
فكان العطاء من غير باخل
القصيدة كلها مؤثرة وأنصح كل قارئ قادر على قراءتها.
أكمل بقصيدة تحمل العنوان «أمتي» نظمها الشاعر سنة ١٩٧٩ وفيها يقول:
وداعا... وداعا
فهذا هو القدس ضعنا وضاعا
وداعا... وداعا
فها هي ذي ضفة النهر في يدهم
أمة اشتروها وباعا
وداعا... وداعا
فهذا تراب فلسطين يقطر دمعا
ويندي التياعا
للشاعر الراحل قصيدة أخرى يذكر فيها فلسطين عنوانها «لا تهيئ كفني» ومطلعها:
لا تهيئ كفني... ما مت بعد
لم يزل في أضلعي برق ورعد
أنا إسلامي... أنا عزّته
أنا خيل الله نحو النصر تعدو
هو يكمل:
لا تهيئ كفني... يا سيدي
لي مع الثأر مواثيق وعهد
أومأت لي عِزَّة مجروحة
ودعتني من خيام الأسر هند
وبدا لي مسجد مكتئب
دنسته بوحول البغي ربْد
ذكر الإسراء فاهتز أسى
ولإسرائيل في المِحْراب جند
أيها المسجد يا مسرى الهدى
إن وعد الله حق لا يُصد
وهو ينهي القصيدة قائلاً:
إن ما ضيع في ساح الوغى
في سوى ساحتها لا يسترد
أقول إن شاء الله وأدعو كل قارئ قادر إلى طلب الديوان «الحمى».