منغصات العيش عندهم وعندنا

منغصات العيش عندهم وعندنا

منغصات العيش عندهم وعندنا

 تونس اليوم -

منغصات العيش عندهم وعندنا

بقلم : جهاد الخازن

ما هي منغصات الحياة؟ استطلاع للرأي العام في بريطانيا سجل 50 سبباً وجدت أن بعضها من نوع ما عندنا مثل الحاجة إلى المال، وأرجّح أنه عندنا أول المنغصات إلا أنه عندهم يحتل الرقم 11.

أول أسباب الضيق أو الملل عندهم هو زحمة السير، وهي من الأسباب في كل بلد عربي، واسألوا سكان القاهرة عما يعانون في شوارع مدينتهم.

ثاني الأسباب هو الوقوف في صف، أو طابور، وهذا مشترك. وهم زادوا الوقوف في مكتب البريد، ويعادله عندنا الوقوف في دائرة رسمية لإنجاز معاملة.

هم شكوا من الانتظار على الهاتف قبل أن تصل الى الشخص المطلوب، وأيضاً من البريد الدعائي غير المهم (جَنْك ميل بلغتهم) ودعايات التلفزيون. كلنا يشكو من مثل هذا والفرق أن الشكوى في بلادنا مبررة جداً.

أغرب مما سبق أنهم يشكون من سماع السياسيين. أرى أن هؤلاء في كل بلد طلقوا الحقيقة، أو ربما هم لم يتزوجوها أصلاً، وعندنا أسباب أكثر للشكوى من سياسيين يعدون مواطنيهم بسمك في البحر.

أشعر أحياناً بأنني أستحق أن أكون «عاطلاً بالوراثة»، وكنت أعتقد أن هذا شعوري وحدي، إلا أنني وجدت أنهم في بريطانيا يكرهون العمل مثلي أو أكثر، ويعترضون على العمل ساعات إضافية من دون أجر إضافي. في بلادنا المشكلة الأجر الأصلي، لأن الإضافي من نوع سابع المستحيلات، وهل يتلقاه العامل في آخر اليوم أو الأسبوع أو الشهر، أو يُقال له «بعدين».

بين المستحيلات المشتركة أن يجد السائق مكاناً يوقف فيه سيارته في وسط المدينة، أو يتغير ضوء المرور الى أخضر، ويبقى في مكانه «نانو ثانية» (أقل جزء من الوقت) لأن أبواق السيارات خلفه ستنطلق كأن ركابها في طريقهم الى حفلة زفاف.

أبواق السيارات عندهم أهون من الشتائم عندنا، وعادة ما يكون قليل الأدب كبير الحجم، ومواجهته في الشارع ستعني أن يُضرَب الشاكي مع دفعة جديدة من الشتائم.

هم مثلنا ينتظرون موسم التنزيلات لشراء حاجاتهم الخاصة، ويعتبرون الجهد لتخسيس الوزن (رجيم) مؤامرة، لأن الذي يمارسه يجوع ويزيد وزنه. الحكومة البريطانية قالت في تقرير طويل قبل أشهر إن نوادي الرياضة نصب واحتيال لأنها لا تنفع في خفض الوزن، وأكد التقرير أن الذي يريد أن يخفف وزنه يجب أن يخفف مما يأكل.

هناك منغصات عندنا لا يعرفونها في بريطانيا، مثل الشرطة على باب البيت، إلا أنني لن أدخل في تفاصيل التعامل مع أجهزة الأمن حتى لا أرى الشباب غداً على باب بيتي وأنا أواجه تهمة عقوبتها الشنق.

طبعاً هناك الطرق وما يميزها في بلدان عربية كثيرة هي المطبات، فيصل الراكب الى حيث يريد وقد اختلط عقله، ولم يعد يعرف أين هو. ولا أنسى أن عندنا أطعمة فاسدة تُباع في السوبرماركت وبعضها احترف تغيير مدة انتهاء صلاحية المأكولات.

أهم من كل ما سبق أن في بعض بلادنا إرهاباً مجرماً فالتاً من كل عقال، وفي بلدان أخرى أنصاراً للإرهاب يطلبون من الناس التبرع للإرهابيين. وربما عندنا بلد أو اثنان يمارس النظام فيهما الإرهاب ضد المواطنين، كما فعل معمر القذافي يوماً.

ماذا بقي؟ عندهم ضمانات صحية واجتماعية، وإذا سافر مواطن فهدفه السياحة. المسافرون من بلادنا في غربة قسرية، وبعض يجد نفسه في بلد، وأولاده وبناته في جامعات بلد آخر، والأهل لا يزالون في الوطن.

آخ يا وطن. العربي في بعض بلادنا (بعضها لا كلها) يفكر في مستقبل أولاده في بلدان لا مستقبل لها، ولكن ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.

المصدر : صحيفة الحياة

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منغصات العيش عندهم وعندنا منغصات العيش عندهم وعندنا



GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 19:19 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

مراهق فلبيني يدخل فرّامة كفتة لتنتهي حياته

GMT 20:36 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

أفضل أنواع وتصميمات الأحذية الرياضية وطرق العناية بهما

GMT 05:00 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

مجلس الشيوخ الأميركي يقر تعيين أول مسؤول في إدارة بايدن

GMT 05:13 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

نظام غذاء سري لأكبر أنواع أسماك القرش في العالم

GMT 06:08 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يعزز صدارته بفوز شاق على شيفيلد يونايتد

GMT 12:01 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

رونار وفكر الثوار

GMT 19:05 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 10:09 2021 الجمعة ,02 إبريل / نيسان

Isuzu تتحدى تويوتا بسيارة مميزة أخرى

GMT 18:28 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

مجلس الشعب السوري ينفي إصدار بطاقات هوية جديدة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia