بقلم : جهاد الخازن
أتابع عاصفة من الاحتجاج على اللاساميّة هدفها هذه المرة السياسي البريطاني كن لفنغستون، رئيس بلدية لندن الأسبق وعضو حزب العمال منذ أكثر من نصف قرن.
أريد قبل أن أكمل أن أسجل أنني أدين اللاساميّة إدانة مطلقة. أسجل أيضاً أنني أدين حكومة بنيامين نتانياهو والإرهابيين من أعضائها إدانة مطلقة أيضاً، فهؤلاء المجرمون هم السبب في عودة اللاساميّة بما يرتكبون من جرائم ضد الفلسطينيين.
ماذا قال لفنغستون؟ قال إن هتلر أيّد الصهيونية قبل أن «يجن». هو أشار الى «اتفاق هافارا» الذي وقعه الصهيونيون مع الحكومة النازية سنة 1933 وشمل إعادة توطين اليهود في فلسطين، وهذا قبل أن يبدأ النازيون حملتهم لإبادة اليهود.
لفنغستون قال أيضاً إن النازيين باعوا الصهيونيين سلاحاً، وأقاموا معسكرات تدريب لهم لتمكينهم من الانتقال الى بلد آخر والإقامة فيه. هو قال إن هذا التعاون استمر حتى بدء الحرب العالمية الثانية.
كانت عضوية لفنغستون في حزب العمال أوقفت خمس سنوات، ثم عاد. إلا أنه أوقِف 11 شهراً هذه المرة. هو لم يعتذر وإنما قال إنه أشار إلى مادة تاريخية وزاد إنه لو قال إن هتلر كان صهيونياً لاعتذر.
رئيس حزب العمال جيريمي كوربن تعرض لحملة هائلة من نواب في الحزب وأعضاء في مجلس اللوردات طالبوا بطرد لفنغستون، وأعلن منتسبون إلى حزب العمال قرارهم الاستقالة منه. كوربن لم يفعل وإنما شكل لجنة تحقيق جديدة. وانتهزت رئيسة الوزراء تيريزا ماي الفرصة وهاجمت كوربن لأنه «خان الجالية اليهودية» بإنقاذ لفنغستون.
أكتب بصفتي الأصلية، أي كمواطن عربي، وأقول إن الخيانة الأولى هي أن تعِد بريطانيا قبل مئة سنة جماعة صهيونية بوطن قومي في فلسطين. الصهيونيون في بال من أصول قوقازية، ولم يكونوا يهوداً قبل هربهم من المواجهة بين الدولة العثمانية والدولة البيزنطية. بريطانيا لم تملك بلادنا لتبيعها وفلسطين يسكنها شعب سامي منذ ألوف السنين، ولم يكن لليهود في بلادنا كلها أي دولة إطلاقاً، فالحكم قديماً كان لليونان والرومان، ثم جاء الإسلام والفتح، والخليفة عمر بن الخطاب طرد اليهود من القدس وسلمها للنصارى بقيادة البطريرك صفرونيوس، وهو ما يُعرف عندنا باسم العهدة العمرية. هذا تاريخ صحيح مسجل، أما التاريخ اليهودي في فلسطين فيعتمد على خرافات توراتية لا آثار على الأرض تؤيدها في بلاد العرب كلها.
الصحافة الأميركية، وفيها يهود كثيرون من أنصار الجريمة التي اسمها إسرائيل، يقولون إن دونالد ترامب لا يقاوم اللاساميّة بل إنها زادت في ولايته التي لم تكمل المئة يوم الأولى منها. هناك في المقابل يهود عادلون معتدلون يريدون سلاماً مع الفلسطينيين، وجهدهم لا يُعلى عليه.
أنصار إسرائيل ينسون، أو يتناسون، أن ترامب عيّن زوج ابنته جاريد كوشنر مستشاراً له وكلفه إصلاح الاقتصاد، بل إنه يريد منه أن يتابع العملية السلمية في الشرق الأوسط وإيجاد حلول لها. كوشنر يهودي أرثوذكسي يلبس قبعة اليهود (يارمولكا) على رأسه وأسرته تتبرع للمستوطنات، ثم يسافر مع أركان القوات الأميركية إلى العراق ويتقدم عليهم كأنه سيجترح حلاً عجز عنه السياسيون والعسكريون.
أصر على أن اللاساميّة الأشد هي ضد الفلسطينيين، وأن المسؤولين عنها يُستقبَلون في البيت الأبيض بدل أن يمثلوا أمام محكمة جرائم الحرب الدولية في لاهاي.
المصدر : صحيفة الحياة