بيروت تغيّرت، وكذلك نحن

بيروت تغيّرت، وكذلك نحن

بيروت تغيّرت، وكذلك نحن

 تونس اليوم -

بيروت تغيّرت، وكذلك نحن

بقلم : جهاد الخازن

إما أن بيروت تغيّرت، أو أنني تغيرت، أو لعل التغيير أصابنا معاً. ما سبق لا يمنعني من أن أبقي على أمل بأن المدينة التي بدأت الدراسة والعمل فيها هي المدينة التي سأعود إليها... يوماً.

كنت في بيروت للمشاركة في توزيع جائزة محمود كحيل، وهي في الواقع جوائز. الرسامة المصرية دعاء العدل فازت بفئة الكاريكاتور السياسي، وكان بين الفائزين الآخرين فنانون من مصر وتونس ولبنان. وسرني أن الصديق حبيب حداد فاز بجائزة «قاعة المشاهير لإنجازات العمر».

أختنا رادا معتز الصواف رحبت بالحضور بخطاب مؤثر جمع بين العامية والفصحى، والدكتورة لينا غيبة أعلنت أسماء الفائزين بالجوائز، وعندما ذكرت إسمي اعتقدت أنني فزت بجائزة وأسرعت لأقف إلى جانبها على المنصة وأنا أحمل الجائزة. وجدت فوراً أن الجائزة فاز بها مؤسسا «كايرو كومكس» وأن عملي أن أسلم شعار الفوز لهما.

معلهش يا زهر. مررت بخيبات أمل أكبر فالعمر من خيبة إلى أخرى، وليس من نصر إلى آخر.

سرت من بيتي إلى شارع بلس، لأدخل الجامعة الأميركية من البوابة الرئيسية. الشارع ليس ما كنت أعرف، فهو مليء بمطاعم الأكل السريع، أو متاجر صغيرة فقيرة. أين مكتبة خياط؟ أين مطعم فيصل أمام البوابة الرئيسية؟ أين مقهى «الأنكل سام» عند بدء شارع جان دارك؟ أين أساتذتي الذين كانوا يعطون الدروس ثم نراهم في مكتبة أو مطعم في الجوار؟ لا أنسى أستاذي في الماجستير إحسان عباس. لا أنسى أستاذي في التاريخ يوسف إبش. أين الدكتور كيركوود، رئيس الجامعة وصديقي الذي عملت معه لإنهاء إضراب الطلاب بعد رفع أقساط الدراسة. كان بين الأساتذة المجتمعين في بيت رئيس الجامعة الدكتور شارل مالك. هل هناك مثله اليوم؟ أشك في ذلك. هو كتب في «الديلي ستار» وأنا أرأس تحريرها وزرته في دارته في التلال المطلة على بيروت. كلهم قضى ونحن على الطريق.

سرت في شارع الحمراء لأستعيد ذكريات اختفت آثارها. دور السينما أغلِقت، والشوارع لا تضم أصدقاء وإنما متسولين ومتسولات. واحدة تلبس ثياباً أنيقة وتجر طفلاً في عربة استوقفتني لتطلب مالاً. لم تكن تبدو شحاذة، وإنما سيدة من الطبقة المتوسطة.

لا يزال هناك أصدقاء كثيرون، يوسف ولينا، خلدون واعتدال، برهان وضحى، عماد ونهى، وكنت أتمنى أن أرى الشيخ فؤاد الخازن وميرنا بستاني، أو سمير ولورا لحود فقد كنا جيراناً في لندن، إلا أن وقتي ضاع مع جائزة محمود كحيل.

سرت من شارع الحمراء إلى دار «النهار» القديمة. أذكر داراً لـ «النهار» قبلها قرب «البركة» في سوق سرسق. «النهار» انتقلت إلى جوار ساحة الشهداء، وأكملت السير إلى حديقة الصنائع، فبقربها بناية «الأونيون» حيث قضيت الشباب «رئيس نوبة» في وكالة الأنباء العربية ثم رويترز، قبل أن أنتقل إلى رئاسة تحرير «الديلي ستار». اخترت ألا أدخل المبنى خشية أن يثير فيّ عواطف مكبوتة، وإنما عدت إلى البيت كأنني كنت في جنازة.

ما سبق لا يلغي أنني وجدت الناس أكثر تفاؤلاً بالمستقبل، فهناك رئيس وحكومة، ورأيت بعض الزوار العرب من سعوديين وغيرهم، ولم أستطع زيارة فقرا أو جبل صنين، وهي من عادات الشتاء عندي لأن زيارتي كانت لأسباب أهم.

لا شيء أجمل من أن أمشي على كورنيش المنارة ثم أدخل الجامعة الأميركية في بيروت من بوابة البحر، وأصعد إلى الحرم الجامعي الذي أحببت مع أصدقاء العمر. أرجو أن يعود لبنان، وأن ينتهي القتال في سورية وغيرها. هل أرى دمشق مرة أخرى؟ ما فكرت يوماً أن أسأل هذا السؤال.

المصدر : صحيفة الحياة

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بيروت تغيّرت، وكذلك نحن بيروت تغيّرت، وكذلك نحن



GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia