قادة مجلس التعاون في قمتهم السابعة والثلاثين في البحرين يحاولون أن يبنوا سوقاً اقتصادية واحدة، وربما عملة واحدة، واتحاداً ضريبياً واحداً على الواردات. وخطابات الافتتاح تحدثت عن خطر الإرهاب من تنظيم «داعش» وغيره وضرورة مواجهته وقمعه. وألقت تيريزا ماي، رئيسة وزراء بريطانيا، خطاباً في الجلسة المشتركة مع قادة مجلس التعاون تحدثت فيه عن العلاقات التاريخية بين الجانبين من سياسية واقتصادية وأمنية، ودانت الإرهاب من داعش وغيره. ووعدت ببناء علاقات أقوى بين الجانبين، خصوصاً بعد انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وردّ الشيخ صباح الأحمد مرحباً بكلمتها بالنيابة عن الوفود المشاركة، وتعهد أيضاً بناء علاقات أوثق بين مجلس التعاون وبريطانيا (التفاصيل في الجريدة). هذا ما سمعت داخل قاعة القمة، فماذا أسمع من الخارج؟
جماعة مراقبة حقوق الإنسان، وهي أميركية، وجماعة العفو (ولا أعرف لها أصلاً)، ومؤسسة البحرين للحقوق والديموقراطية، وهي عميلة للخارج، تزعم أن البحرين هاجمت حرية الرأي والاجتماع ما أضعف احتمال حل سياسي للأزمة في البحرين.
هذا كذب. كنت في البحرين فور بدء المشاكل سنة 2011 وقابلت ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد، وكتبت ما قال لي في هذه الزاوية. كان واثقاً من أن الحل سيأتي في أسبوع، وهو عرض لي مطالب المعارضة وقال إنه سيفاجئ المعارضين بقبول ثلاثة أرباع طلباتهم.
كان هذا قبل خمس سنوات، وذهبت إلى ميدان اللؤلؤ في ليلتين متتاليتين وسمعت خطيبين كل منهما هتف «يسقط النظام»، وردد المستمعون هتافه. النظام قال يسقط عملاء الخارج وهم سقطوا سقوطاً لا قيام بعده.
بعض قادة المعارضة في البحرين خونة وعملاء للخارج، وجماعات حقوق الإنسان في الغرب، وهي تجمع بين حسن النية والجهل إلى درجة الغباء، تريد من تيريزا ماي أن تثير موضوع حقوق الإنسان مع دول مجلس التعاون.
بريطانيا في طريق الخروج من الاتحاد الأوروبي، وهي تبحث عن بدائل. صادراتها إلى دول الخليج السنة الماضية كان حجمها 22 بليون جنيه إسترليني، أي أكبر من الصادرات البريطانية إلى الصين وحوالى ضعفي الصادرات إلى الهند، وهما أكبر بلاد العالم في عدد سكان.
جماعات حقوق الإنسان تريد من تيريزا ماي أن تغامر بمصالح بريطانيا لتطلب من حكومة البحرين الإفراج عن معتقل أو اثنين. في البحرين مئات ألوف المواطنين وعميل واحد للخارج أو اثنان لا يمثلان شيئاً إزاء المجموع. إلا أن السذّج، في منظمات تصدق ما تسمع ولا تطلب رأي الجانب الآخر، يعتقدون بأنهم يدافعون عن حقوق الإنسان فيما هم يحاولون تسليم البحرين أو غيرها إلى نفوذ خارجي.
عندي ثقة أكبر بكل قائد من دول الخليج فأنا أعرفهم معرفة مباشرة، وقد سمعت منهم في مجالس خاصة ما لن يعرفه طلاب الحقوق الأجانب في مئة سنة. الملك سلمان والشيخ صباح الأحمد والسلطان قابوس والشيخ خليفة بن زايد والملك حمد بن عيسى والشيخ تميم بن حمد يعملون لخير بلادهم، ولا يحاولون نسخ قيم غربية أو شرقية فعندهم من القيم ما يكفي ويزيد.
الديموقراطية الأثينية عظيمة وأرى أن دول الخليج تسير في طريق توسيع الحريات وتعزيز دور المرأة وبناء اقتصاد متكامل يلبي حاجات شعوبها، والاستعداد لمرحلة ما بعد النفط. فالرؤية السعودية الأخيرة للاقتصاد وقبلها البرنامج الكويتي ثم الإماراتي للاقتصاد تهدف إلى تهيئة البلاد لموازنات لا يشكل النفط الجزء الأكبر من الدخل فيها بل بعضاً من المجموع المطلوب للسير بالشعوب الخليجية إلى الأمام.
أكتب من البحرين التي عرفتها مراهقاً وشاباً و «شيبة». العاصمة المنامة مدينة عصرية مزدهرة تنافس أي مدينة عصرية في العالم، وأراها تقدمت في 50 سنة ما لم تفعله مدن أخرى في مئة عام أو مئتين.
مرة أخرى أكتب عن معرفة وأستطيع أن أعمل دليلاً لجماعات حقوق الإنسان في المنامة أو أبو ظبي أو مدينة الكويت أو مسقط أو غيرها ليروا مدى تقدم دول الخليج بعد زوال الاستعمار.
أرحب برئيسة الوزراء تيريزا ماي، وأقول للآخرين من معارضين عملاء إن كيدهم سيرتد إلى نحرهم.