بقلم : جهاد الخازن
بضعة أسابيع يدخل بعدها دونالد ترامب البيت الأبيض ويواجه قضايا ومشكلات وأزمات تلف العالم. وهو لا يعرف عن أي واحدة منها غير اسمها، ثم يُنتظر منه أن يحلها.
هو متّهَم باللاسامية، وهناك أسباب معروفة أطلقت هذه التهمة، إلا أنه في القضية الفلسطينية يريد أن يعيِّن زوج ابنته جاريد كوشنر، وهو يهودي أرثوذكسي ملتزم، مبعوثاً إلى الشرق الأوسط، وقد ضم أخيراً دنيس روس إلى فريقه الانتقالي.
روس كان عضواً بارزاً في عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، وأراه مثّل إسرائيل قبل «بلاده» الولايات المتحدة، وهو بعد تعليق عملية السلام كتب مقالات منشورة في الميديا الأميركية تميل جميعاً إلى إسرائيل. تعيينه جاء بعد أن كتب مقالاً في «نيويورك تايمز» يقول أن ترامب قد يفاجئ العالم في النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، وأرى أن المفاجأة ستكون استسلامه لليكود السياسة الأميركية.
تكليف يهود ملتزمين بإحياء عملية السلام يعني وأدها قبل أن تبدأ. وقرأت في ميديا إسرائيل كلاماً عن مقاطعة قادة فتح الإسرائيليين مع أن فتح، في رأي هذه الميديا، شريكة إسرائيل في عملية السلام منذ أوسلو وبعدها. هذه الميديا تتجاوز أن في إسرائيل حكومة إرهابية تقتل ألوف الفلسطينيين يوماً، ثم تقتلهم أفراداً يوماً آخر. أنا أرفض أن أكلم أي إسرائيلي قبل قيام دولة فلسطينية مستقلة في 22 في المئة فقط من أرض فلسطين التاريخية. إسرائيل خرافة أو خدعة أو بدعة غير موجودة قديماً إلا في التوراة.
ما سبق كله صحيح ولا يبشر بخير فلعل الدول الأوروبية القادرة تحث ترامب على انتهاج طريق يقود إلى محادثات جديدة. فرنسا وبريطانيا وألمانيا تريد حلاً إلا أن أمثال روس في السياسة الأميركية والكونغرس وجماعات اللوبي تنتصر لدولة الاحتلال والقتل.
بدأت بالقضية الفلسطينية لأنها أهم لي من قضايا العالم الأخرى مجتمعة، إلا أن ترامب ليس من رأيي فيها وثمة مشاكل أخرى بانتظاره. هل يتدخل في سورية وهل يحارب «داعش» ليقضي عليه؟ هو زعم أنه سيكلف الجنرالات الأميركيين تدميرَ «داعش» في شهر. أقول لو كان الكلام يكفي لكنت حررتُ فلسطين في يوم وليلة.
ما أعرف هو أن ترامب قال يوماً أنه يعرف عن «داعش» أكثر من الجنرالات، وأنه لمّح إلى أنه سيتخلى عن دعم المعارضة السورية وربما تحالف مع روسيا التي تدعم بشّار الأسد.
ومن سورية والعراق إلى إيران، فقد تعهد ترامب علناً بتمزيق الاتفاق النووي معها، وهذا مطلب ليكود أميركا وإسرائيل. هو اختار مستشارين له في موضوع الاتفاق مع إيران من أشد معارضيه. أرجح أن شركاء الولايات المتحدة في الاتفاق النووي، وهم روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، سيرفضون العودة إلى فرض عقوبات جديدة على إيران.
الاتفاق مع إيران «نووي»، ما يجعلنا ننتقل إلى كوريا الشمالية التي تسعى إلى امتلاك سلاح نووي، وخبراء يقولون أنها تستطيع إنتاج عشرات من القنابل النووية ولديها صواريخ لإيصالها إلى كوريا الجنوبية واليابان والصين. منع كوريا الشمالية من تحقيق حلمها بامتلاك سلاح نووي يتطلب تعاوناً مع الصين، إلا أن ترامب يهدد الصين كل يوم لأسباب تجارية ولا أراه سيضمها إلى خطة ضد البرنامج النووي الكوري الشمالي.
الرئيس المقبل تحدث عن إلغاء اتفاق التجارة في أميركا الشمالية، وعن الخروج من الشراكة عبر المحيط الهادئ، وعن محاربة الصين تجارياً، وعن عودة الصناعة الأميركية إلى الولايات المتحدة من دول العمالة فيها أرخص كثيراً، وعن سور ومنع دخول لاجئين مسلمين وطرد الموجود منهم، وأكثر اللاجئين في الولايات المتحدة من أميركا الوسطى.
أقول أن الحكي سهل أو رخيص، والتنفيذ صعب إن لم يكن مستحيلاً.