وطن ومواطن لا يحب أحدهما الآخر

وطن ومواطن لا يحب أحدهما الآخر

وطن ومواطن لا يحب أحدهما الآخر

 تونس اليوم -

وطن ومواطن لا يحب أحدهما الآخر

جهاد الخازن
جهاد الخازن

هل الأمر في لبنان أن المواطنين لا يحبون وطنهم، أو أن الوطن لا يحب أبناءه، أو أن الوطن والمواطن مسؤولان عن الانهيار المتسارع الخطى؟

لا جواب عندي وإنما سؤال آخر: هل يستطيع إنسان أن يطلّق وطنه؟ سألت هذا السؤال قبل سنوات وقررت أن الإنسان يستطيع أن يطلّق، زوج زوجته أو زوجة زوجها، إلا أن الوطن قِران من المهد إلى اللحد.

توقفت في بيروت نصف يوم في طريقي من لندن إلى القاهرة لأرى الأهل والأصدقاء. كان الدخول سهلاً من مطار رفيق الحريري الدولي، فالدخول في أمر، أو وطن، دائماً أسهل من الخروج منه.

في اليوم التالي وقفت أمام حاجز أمني خارج المطار، ثم وقفت في صفوف التفتيش 40 دقيقة كاملة، ووقفت للتفتيش مرة ثانية قبل الوصول إلى صالة المغادرة 18 دقيقة. كان هناك أطفال وشيوخ، ونساء، والكل يحمل حقائب أو أمتعة.

بين هذا وذاك تجولت في وسط المدينة. أعتذر إذا كنت اليوم أكرر شيئاً قلته من قبل فقد زاد إغلاق المتاجر في الشوارع المحيطة بساحة البرلمان (الساعة) والمتاجر المفتوحة خاوية، وهي قلة قليلة لا تتجاوز العشرة في المئة. في الأسواق الجديدة المتاجر مفتوحة، ملابس، حقائب، أحذية، مجوهرات، ساعات، ولكن لا زبائن. كان هناك ناس في المطاعم ظهراً، ولو استطاعوا لصاموا، والعدد قليل فنصف الطاولات أو أكثر خالٍ من الزبائن.

لا ضيوف عرباً على الإطلاق فقد أباحت لهم دولهم أن يطلّقوا لبنان، وبعضها فرض على مواطنيه الطلاق لحمايته.

لبنان في مقالي اليوم مَثَل أقدمه، و»الحال من بعضه» في دول عربية كثيرة، فلعل اللبناني ينظر حوله ويقول: على الأقل نحن لسنا في سورية. هي بلدي أيضاً ولا أريد أن أصدق ما يجري فيها رغم أنه يصفعني كل يوم في وجهي.

قبل أسبوعين وصلت إلى بيروت يوم الإرهاب الذي ضرب الأبرياء في برج البراجنة. وقبل يومين انتقلت من بيروت إلى القاهرة بعد مهاجمة أشقياء ملهى حيث قتِل 16 شخصاً لا ذنب لهم.

على الأقل، حرم الجامعة الأميركية في بيروت لا يزال جميلاً هادئاً، وجلست على مقعد أفكر كيف تغيّر كل ما أعرف عن لبنان إلى سيّء أو أسوأ منه. مطاعم جميلة تطل على البحر خالية، ومثلها المتاجر. إلا أن الزحام موجود وفي المطار، فمطار الحريري أصبح مطار بيروت ودمشق، وهناك مدخلان للتفتيش صفوف المسافرين تتداخل بينهما لطولها. السائق قال لي إن عليّ الوصول إلى المطار قبل أربع ساعات من موعد الإقلاع. لم أصدقه وسألت أخي فقال إنه سمع ذلك أيضاً. ماذا أفعل في ثلاث ساعات إذا أخذت تذكرة السفر بعد ساعة في طابورين؟ لا أستطيع القراءة وأنا غاضب، وإذا قرأت لن أعرف ماذا أقرأ أو أفهمه.

أرجو من القارئ أن يصحّحني إذا كنت أبالغ، ولكن شرط أن يكون سافر وقبل أن «ينلطع» ساعات في طوابير المسافرين، وبانتظار إقلاع الطائرة. بالمناسبة، الطائرة إلى القاهرة مساء السبت 5/12 تأخر إقلاعها ساعة كاملة بانتظار وصول الركاب العالقين في زحام التفتيش، والرحلة ساعة، ولكن تُنجَز في ست ساعات. سمعت بعد ذلك أن الدخول خُفِّض إلى ثلاث ساعات.

عندي زيارة للبنان بعد أسابيع وعدتُ أن أقوم بها، إلا أنني لن أعود بعدها حتى تتحسن الأمور. هذا انفصال، وليس طلاقاً، ورحم الله زماناً عرفته كان ديبلوماسيون في السفارة الأميركية يقبلون التخلي عن ترقية ليخدموا في لبنان سنوات إضافية، والآن أصبحت الخدمة في بلادنا عقاباً للديبلوماسي العربي أو الأجنبي.

هل أبالغ؟ هل أكتب عن غيظ؟ ربما، ولكن ما كتبت صحيح وثمة عشرات ألوف المسافرين من مطار بيروت ودمشق للشهادة لي في محكمة الرأي العام.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وطن ومواطن لا يحب أحدهما الآخر وطن ومواطن لا يحب أحدهما الآخر



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 17:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 14:26 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت الخميس29-10-2020

GMT 14:52 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 13:46 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الثور الخميس 29-10-2020

GMT 18:06 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 18:37 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 09:37 2020 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

إليك وجهات سياحية رخيصة يمكن السفر إليها في بداية العام

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 22:42 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

هاني شاكر يشارك جمهوره أول أغنية له في 2021 "كيف بتنسى"
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia