نزار قباني والياسمين الدمشقي

نزار قباني والياسمين الدمشقي

نزار قباني والياسمين الدمشقي

 تونس اليوم -

نزار قباني والياسمين الدمشقي

جهاد الخازن

هذي دمشق وهذي الكأس والراح

أنا أحب وبعض الحب ذبّاح

أنا الدمشقي لو شرّحتم جسدي

لسالَ منه عناقيد وتفاح

ولو فتحتم شراييني بمديتكم

سمعتم في دمي أصوات مَنْ راحوا

ما سبق من شعر الصديق الحبيب الراحل نزار قباني في مدينته دمشق، وهو سبق المأساة الأخيرة بنصف قرن، فكأنه يتكلم اليوم بلساني، أو لسان كل قارئ. والكأس والراح مجاز فلم أعرفه يشرب الخمر.

في القصيدة «من مفكرة عاشق دمشقي» قال نزار:

أنت النساء جميعا ما من امرأة / أحببت بعدك إلا خلتها كذبا

يا شام إن جراحي لا ضفاف لها / فمسّحي عن جبيني الحزن والتعبا

وأرجعيني الى أسوار مدرستي / وأرجعي الحبر والطبشور والكتبا

تلك الزواريب كم كنز طمرت بها / وكم تركت عليها ذكريات صبا

وكم رسمت على حيطانها صورا / وكم كسرت على أدراجها لعبا

هل كان نزار يتوقع الارهابيين من داعش والنصرة والقاعدة والبراميل المتفجرة والكيماوي وغيرها وهو يقول:

في بلادي حيث يبكي الساذجون

ويعيشون على الضوء الذي لا يبصرون

في بلادي حيث يحيى الناس من دون عيون

حيث يبكي الساذجون... ويصلون

ويزنون ويحيون أتكالْ

منذ أن كانوا يعيشون أتكالْ

وأختار من قصيدته «ترصيع بالذهب على سيف دمشقي»:

أتراها تحبني ميسون / أم توهمتُ والنساء ظنون

با ابنة العم والهوى أمويّ / كيف أخفي الهوى وكيف أبين

هل دمشق كما يقولون كانت / حين في الليل فكَّرَ الياسمين

آه يا شام كيف أشرح ما بي / وأنا فيك دائماً مسكون

مزّقي يا دمشق خارطة الذل / وقولي للدهر كنْ فيكون

أما في «موال دمشقي» فيقول:

قلْ للذين بأرض الشام قد ولدوا / قتيلكم لم يزل بالعشق مقتولا

يا شام يا شامة الدنيا ووردتها / يا من بحسنك أوجعت الأزاميلا

وددتُ لو زرعوني فيك مئذنة / أو علقوني على الأبواب قنديلا

ذات يوم اتصل بي نزار قباني ونحن معاً في لندن وقال بلهجة الأمر: مرّ عليّ. أدركت أن هناك ما يسميه نزار «قصيدة مفخخة» للنشر في «الحياة» فقد بقي حتى وفاته، رحمه الله، يقدم لنا قصيدة أو مقالاً بمعدل مرة كل أسبوعين. وجلست أسمعه يقرأ لي «متى يعلنون وفاة العرب».

القصيدة نشرت في 28/10/1994 وأختار منها:

أحاول رسم بلاد لها برلمان من الياسمين

وشعب رقيق من الياسمين

تنام حمائمها فوق رأسي

وتبكي مآذنها في عيوني

أحاول رسم بلاد تكون صديقة شِعري

ولا تتدخل بيني وبين ظنوني

ولا يتجوَّل فيها العساكر فوق جبيني.

لعلها كانت أشهر قصائد العرب في العقد الأخير من القرن العشرين. والصديق غازي القصيبي، رحمه الله، ردَّ عليه بقصيدة مطلعها: نزار أزف اليك الخبر/ لقد أعلنوها وفاة العرب.

أختتم بهذه الأبيات/:

يا رب إن لكل جرح ساحلا / وأنا جراحاتي بغير سواحل

كل المنافي لا تبدد وحشتي / ما دام منفاي الكبير بداخلي

نزار رحل وارتاح وبقينا مع ظلم ذوي القربى.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نزار قباني والياسمين الدمشقي نزار قباني والياسمين الدمشقي



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 19:19 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

مراهق فلبيني يدخل فرّامة كفتة لتنتهي حياته

GMT 20:36 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

أفضل أنواع وتصميمات الأحذية الرياضية وطرق العناية بهما

GMT 05:00 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

مجلس الشيوخ الأميركي يقر تعيين أول مسؤول في إدارة بايدن

GMT 05:13 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

نظام غذاء سري لأكبر أنواع أسماك القرش في العالم

GMT 06:08 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يعزز صدارته بفوز شاق على شيفيلد يونايتد

GMT 12:01 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

رونار وفكر الثوار

GMT 19:05 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 10:09 2021 الجمعة ,02 إبريل / نيسان

Isuzu تتحدى تويوتا بسيارة مميزة أخرى

GMT 18:28 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

مجلس الشعب السوري ينفي إصدار بطاقات هوية جديدة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia