نحن أطلقنا حضارة العالم وداعش تدمر الآثار

نحن أطلقنا حضارة العالم وداعش تدمر الآثار

نحن أطلقنا حضارة العالم وداعش تدمر الآثار

 تونس اليوم -

نحن أطلقنا حضارة العالم وداعش تدمر الآثار

جهاد الخازن

نحن أطلقنا حضارة العالم، وعندنا ما نفاخر به أمم الأرض.

كانت جزيرة العرب مهد الجنس السامي على ما يُرجَّح، وأنشأت الشعوب التي هاجرت في ما بعد الى الهلال الخصيب. هذه الشعوب أصبحت مع تعاقب الأجيال، أمم البابليين والأشوريين والفينيقيين والعبرانيين، وفي تربة هذه الجزيرة الرملية نشأت العناصر الأصلية للديانة اليهودية وبالتالي المسيحية... وقد ظهرت ديانة العرب بعد اليهودية والمسيحية، فأصبحت ثالثة الديانات التوحيدية وخاتمتها.

ولم ينشئ العرب أمبراطورية وحسب، بل أنشأوا ثقافة زاهرة أيضاً، فقد ورثوا المدنية القديمة التي ازدهرت على ضفاف الرافدَيْن وفي وادي النيل، وعلى شواطئ البحر المتوسط الشرقية، وكذلك تشربوا واقتبسوا أهم معالم الثقافة اليونانية والرومانية، وقاموا مقام الوسيط في أن نقلوا الى أوروبا خلال العصور الوسطى، كثيراً من هذه المؤثرات الفكرية التي أنتجت بالتالي يقظة أوروبا الغربية، ومهّدت لها سبيل نهضتها الحديثة.

وكان الفينيقيون أول مَنْ نشر في العالم نظاماً خاصاً للكتابة بالحروف الهجائية المجردة وعددها إثنان وعشرون، وكانت هذه الحروف أساساً لكل الحروف الهجائية التي يكتب بها اليوم أبناء أوروبا أو آسيا أو أميركا أو أفريقيا، فصحَّ قول القائل إن هذا أعظم اختراع اخترعه البشر على الإطلاق... امتاز شبه جزيرة سيناء باحتوائه على أقدم مثال للكتابة الأبجدية كشف عنه المنقبون، ومنه انتقلت الأبجدية الى سورية الشمالية وبقية العالم.

أتوقف هنا لأقول إن ما سبق، باستثناء الفقرة الأولى القصيرة، هو ما نقلت عن كتاب «تاريخ العرب» الذي ألّفه بالإنكليزية الدكتور فيليب حتّي، وتُرجِم الى العربية بمساعدة الدكتور داود جرجي، والدكتور جبرائيل جبور، والى لغات كثيرة أخرى. الكتاب هو المرجع الأول عن حضارة العرب، والدكتور حتّي خريج جامعة كولومبيا، وكان أستاذاً في جامعة برنستون.

ما نقلت هو ما يُعلَّم في جامعات العالم عن العرب وحضارتهم، فأسأل أين كنا وأين صرنا؟

صرنا في الحضيض، وفي حين أن موضوعي اليوم عن آثار الحضارة العربية، فإنني لا أنسى سبي بنات الإيزيديين، وهنَّ دون المراهقة واغتصابهن، أو قتل المصلّين في السعودية.

أختار من مواضيع جمعتها وتحقيقات تكفي لملء كتاب ما تتّسع له هذه العجالة:

- انتحاري يفجّر نفسه في معبد الكرنك في الأقصر.

- سباق لإنقاذ الآثار الفنية التي سطى عليها «داعش». وفي خبر مشابه، هناك معلومات عن أن هذه الآثار تُباع عبر الإنترنت (e-Bay). «داعش» جماعة لصوص وإرهابيين.

- مطرقة تدق رأس الحضارة، والمقال يتحدث عن تدمير «داعش» آثاراً لا تقدَّر بثمن في العراق وسورية، ومحاولة هذا التنظيم الإرهابي طمس تاريخ يعود بعض آثاره الى أربعة آلاف سنة.

- «داعش» يفجر كنوز الشرق الأوسط، وهذا تكرر في مقال آخر يتحدث عمّا حلّ بآثار نينوى ونمرود، التي بقيت قائمة منذ القرن الثالث عشر قبل الميلاد. وفي مقال مجاور، كان الحديث عن أسوأ تدمير ثقافي منذ هتلر.

- المؤرخ البريطاني توم هولاند، في مقال شغل صفحتين في إحدى جرائد الأحد اللندنية، قال: شُوّه التاريخ ليصاب المستقبل بكساح.

- مجزرة في مدينة تدمر المقدسة. قصص الناجين. والمقال مرفق بصور عن تدمير الآثار، وقتل الناس.

وأقرأ عن إرهاب ثقافي ثم أقرأ عن الضحايا، والروح البشرية أهم من أي شيء آخر، إلا أنني اليوم أتحدث عن جريمة العصر، أو تدمير تاريخ نفاخر به العالم كله.

عشت العمر طالب سلام حتى مع المستوطنين في فلسطين المحتلة، وقاومت كثيراً الغضب، ثم انهزمت وأصبحت أتمنى لو يُقتَل الإرهابيون جميعاً، قبل أن يقتُلوا ما بقي من تاريخ هذه الأمة وكرامتها.

«داعش» إرهاب مجرم مدان، لن يلغي التاريخ فنحن أطلقنا حضارة العالم.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحن أطلقنا حضارة العالم وداعش تدمر الآثار نحن أطلقنا حضارة العالم وداعش تدمر الآثار



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia