عيون وآذان حدود الحرية الشخصية

عيون وآذان (حدود الحرية الشخصية)

عيون وآذان (حدود الحرية الشخصية)

 تونس اليوم -

عيون وآذان حدود الحرية الشخصية

جهاد الخازن

عندما بدأت العمل في لندن سنة 1977 فوجئتُ بأن أواجه كل يوم تظاهرة، فشارع الصحافة فليت ستريت، يبدأ من ساحة آلدويتش حيث توجد المحاكم، وكان المتظاهرون يرفعون يافطات وشعارات، وهم يطالبون بقانون يحمي مثليي الجنس، الذين كنا نَصِفهم بالشاذين جنسياً في تلك الأيام. كنت تدربت مع وكالة رويترز في «فليت ستريت»، في العقد السابق، وأعتقد أنني أعرف الصحافة البريطانية والتقاليد المحلية جيداً، غير أن التظاهرات فاجأتني، فلم أكن أتصور أن هناك مَنْ يرفع يافطة ويرفقها بشعارات تشرح ميوله الجنسية. موضوعي اليوم هو الحرية الشخصية لا الجنس، فهذا موضوع لا مكان له في «الحياة» أو هذه الزاوية، وقد تذكرت مشاهد 1977 وأنا أتابع ردود الفعل على خطاب الملكة اليزابيث هذا الأسبوع في مؤتمر لدول الكومنولث، فهي رحّبت بنيل المثليين حقوقهم في الدول الأعضاء، فكان أن جماعات منهم هاجمت الملكة لأنها لم تنتقد موقف دول أعضاء ترفض ممارسات المثليين من رجال ونساء. خطاب الملكة تكتبه الحكومة لها، وهما (الملكة والحكومة البريطانية) لا يملكان أي تأثير في بلدان مستقلة، ومع ذلك فالمثليون يريدون فرض خياراتهم على الناس، بل يريدون من ملكة بريطانيا أن تساندهم. هذا من نوع المَثل «أعطيه متر يأخذ كيلومتر»، فإعلان الاستقلال الأميركي سنة 1776 نصّ على أن الناس خلقوا متساوين، والخالق أعطاهم حقوقاً ثابتة منها الحياة والحرية وطلب السعادة. غير أن الإعلان لم يحدد كيف يصل كل إنسان الى سعادته، وحتماً لا يُسمح له بفرض أسبابها على الآخرين. وكان للقوات المسلحة الاميركية شعار معروف عن مثليي الجنس هو «لا تسأل. لا تُخبر»، بقي مستعملاً منذ 1933 وحتى 20/9/2011 عندما ألغي السماح بالممارسة مع منع الجهر بها، ووضع قانون جديد يسمح لمثليي الجنس من جنود وجنديات بإشهار ميولهم. في بريطانيا ما أذكر هو أنه كان هناك قانون اسمه «قانون المخالفات الجنسية لسنة 1967»، يسمح لمثليي الجنس بممارسة ما يريدون من دون إعلان، وأدّت تظاهرات العقد التالي الى صدور قانون لم أعد أذكر منه سوى عبارة «بين بالغين برضاهم» وسن البلوغ كان 21 سنة في عقد الستينات، وأصبح 18 سنة في عقد السبعينات. أعتقد أن مبدأ «لا تسأل. لا تُخبر» و «بين بالغين برضاهم» يضمن الحرية الشخصية للمثليين من دون أن يفرضهم على بقية الناس، خصوصاً أن كثيرين من المواطنين متدينون، والأديان السماوية التوحيدية الثلاثة، والقوانين التي سُنَّت على أساسها، تقصر الجنس على رجل وإمرأة في إطار مؤسسة الزواج. أرجو أن يلاحظ القارئ أنني لا أنتقد، ولا أرفض حرية الآخرين، وإنما أحاول أن أصون حريتي من التعرض لممارسات أنا ضدها، فحرية كل إنسان تنتهي حيث تبدأ حرية إنسان آخر. عندما كنت صغيراً كان في لبنان زعيم سياسي من أبطال الإستقلال شهرته المِثلية، وكان في أيامي صحافي مشهور من نوعه. ولا أذكر أن أحداً اعتدى على حريتهما، أو أنهما طالبا بقية اللبنانيين باتباع مَثَلهما، فأساس الحرية أن تكون للجميع، وأن لا يملك أحد قسطاً من هذه الحرية يفوق ما عند الآخرين. اليوم لا أجد في تغيير قوانين اميركية وبريطانية كانت كافية سوى تشجيع الأقلية على المطالبة بالمزيد، وهناك في بريطانيا مَنْ يطالبون الآن بزواج كنَسي بين رجل وآخر وإمرأة وأخرى. الموضوع يُفترض أن يبقى وراء أبواب مغلقة حتى بين زوجين، أو خصوصاً بينهما، والحرية الشخصية تُحفظ بحفظ ماء الوجه وكرامة الناس جميعاً، لا بفرض رأي فريق، هو أقلية في كل بلد، على فريق هو الغالبية حول العالم. نقلا عن جريدة الحياة

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيون وآذان حدود الحرية الشخصية عيون وآذان حدود الحرية الشخصية



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia