عيون وآذان تعريف الخيانة العظمى

عيون وآذان (تعريف الخيانة العظمى)

عيون وآذان (تعريف الخيانة العظمى)

 تونس اليوم -

عيون وآذان تعريف الخيانة العظمى

جهاد الخازن

أرجو أن يصبر عليّ القارئ، فالموضوع يهمه، وأنا أسأل ما هو تعريف خيانة الوطن، أو الخيانة العظمى؟ لعل التعريف العام هو أن يضر الخائن بالوطن والمواطن بمساعدة عدوه على وطنه، غير أنني أزيد اليوم مثلاً يشرح الخيانة بشكل وافٍ. في مطلع السنة، ومع تفاقم الأزمة المالية الأميركية وارتفاع الدين القومي إلى أرقام خيالية تتجاوز 16 تريليون دولار، لم يصل البيت الأبيض إلى اتفاق مع الحزب الجمهوري لمعالجة الأزمة، فكان أن أرجأ الحل إلى أول هذا الشهر، وجاء الموعد الجديد من دون اتفاق أيضاً فبدأ فرض خفض في موازنة وزارة الدفاع من نتائجه أن الإدارة الأميركية لا تستطيع إرسال حاملة الطائرات دوايت أيزنهاور إلى الشرق الأوسط، وأن فقراء أميركا سيخسرون بعض ما تقدمه الضمانات الاجتماعية والصحية لهم. الولايات المتحدة تواجه أزمة مالية خانقة أطلقتها حروب جورج بوش الابن، وهي حروب خسرتها أميركا بالكامل، وتبعتها أزمة مالية أميركية وعالمية، قاوم الجمهوريون حلها، أولاً في محاولة لحرمان باراك أوباما من ولاية ثانية، والآن لتكبيل يديّ الرئيس وإلهائه عن إنجاز أيّ من مشاريعه، بما في ذلك عملية السلام في الشرق الأوسط. ماذا كان رد فعل عصابة الشر الأميركية إزاء الأزمة المالية المستمرة؟ أزعم أن رجال العصابة ارتكبوا الخيانة العظمى بحق «بلدهم». لوبي إسرائيل، أو لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (إيباك) قررت أن ترسل ألوفاً من أنصارها إلى مبنى الكابيتول (التلة حيث مقر مجلسي الشيوخ والنواب) للضغط على المشترعين الأميركيين حتى لا يخصموا أي جزء من المساعدات الأميركية لإسرائيل التي تبلغ ثلاثة بلايين دولار في السنة. الأميركيون يعانون تحت الخفض في الموازنة الذي يُطاول الدفاع والفقراء معاً، ولوبي إسرائيل وأنصاره من أصحاب الولاء الواحد لدولة نازية جديدة عنصرية محتلة لا يهمهم أن يتعرض الأمن القومي للخطر أو أن يجوع فقير أميركي أو يُحرم الرعاية الطبية، فأهم من هذا كله أن تستمر إسرائيل في سرقة دافع الضرائب الأميركي، ونشر الكره للسياسة الأميركية بين العرب والمسلمين، وإعطاء الإرهاب والإرهابيين المجردين من الإنسانية الحجة لمواصلة القتل والتدمير العشوائي في بلادنا. إذا كان ما سبق لا يكفي فإن أعضاء في الكونغرس، اشتراهم اللوبي ووضعهم في جيبه، طلعوا بمشروع قرار غير مُلزِم يفرض على الإدارة الأميركية إذا هاجمت إسرائيل إيران «دفاعاً عن النفس» أن تنضم الولايات المتحدة إلى الهجوم الإسرائيلي على إيران. كتبت ما سبق كما هو متداول غير أنه يضم خرافات ترددها إسرائيل وعصابتها حتى تضيع الحقيقة وسط «تسونامي» الكذب. أولاً، المساعدات السنوية لإسرائيل ليست ثلاثة بلايين دولار فقط، فالمساعدات لمصر جزء منها لأنها مربوطة بالاستمرار في عملية السلام مع إسرائيل، فيكون المبلغ الحقيقي المباشر 4.3 بليون دولار. وأزيد عليه مساعدات أخرى غير مُعلنة وتبرعات مُعفاة من الضرائب وسرقة أسرار عسكرية وتجارية أميركية، وأقدِّر ما تتلقى إسرائيل كل سنة بأكثر من عشرة بلايين دولار، فيما خمسون مليون فقير أميركي يعانون. ثانياً، إسرائيل تملك ترسانة نووية مؤكدة وإيران لا تملكها، وبالتالي إسرائيل تهدد إيران لا العكس. وما تريد إسرائيل فعلاً هو أن تورط الولايات المتحدة في حرب غير مُبرَّرة نتيجتها الوحيدة الأكيدة زيادة العداء لأميركا وزيادة الإرهاب، أي قطع ما بقي من علاقات للعرب والمسلمين مع أميركا. ثالثاً، إذا تجاوزنا الكونغرس المُرتشي وأنصار إسرائيل الخوَنة في اللوبي وحوله نجد أن العالم كله ضد إسرائيل وسياستها، فالاتحاد الأوروبي هدد الحكومة الإسرائيلية إذا واصلت سياسة الاستيطان، وفي كل جامعة أميركية وبريطانية أعرفها جماعات طالبية تعارض إسرائيل وتدعو إلى مقاطعتها ومعاقبتها، والكنائس المسيحية حول العالم، خصوصاً فروع الطائفة البروتستانتية، تتخذ موقفاً مماثلاً ضد إسرائيل وتحضّ أتباعها على مقاطعتها وسحب أي استثمارات لهم فيها. ثم يأتي أميركيون ويرتكبون فعل الخيانة بحق بلدهم، وهم يقدمون مصالح بلد محتل بعيد على مصالح مواطنين أميركيين، ويطالبون بسياسات خارجية أميركية تزيد العداء للولايات المتحدة حول العالم وتُعرّض للخطر كل مصلحة لها. هذا هو تعريف خيانة الوطن في القاموس، وفي الممارسة العامة.  

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيون وآذان تعريف الخيانة العظمى عيون وآذان تعريف الخيانة العظمى



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia