عيون وآذان الشيء بالشيء يذكر

عيون وآذان (الشيء بالشيء يذكر)

عيون وآذان (الشيء بالشيء يذكر)

 تونس اليوم -

عيون وآذان الشيء بالشيء يذكر

جهاد الخازن

هل لاحظ القارئ يوماً أن كل شيء في حياته اليومية يذكّره بشيء آخر. قضيتُ شهر أيار (مايو) مسافراً، بيروت ودبي والمنامة مرتين لكل منها. أبو ظبي، أنقرة، إسطنبول، عمان والبحر الميت. نقلت إلى القارئ أخباراً سياسية، وحاولتُ أن أكون خفيفاً عليه فأتْبعتُها بمشاهدات خاصة، ثم جلستُ لأراجع حصاد الشهر، وذكّرتني أشياؤه بأشياء سابقة. حكيتُ للقراء عن مطار عمان الجديد، وأُعجبتُ بوجود زاوية لبيع الفلافل وأخرى للشاورما، ونسيتُ زاوية حلويات زلاطيمو المشهورة. وقارنتُ المطار الجديد بالقديم، ثم تذكرت أنني عرفت يوماً مطار ماركا الذي أصبح داخل عمّان الكبرى، ولا يزال يعمل، وأعتقد أنه يستقبل طائرات خاصة ورسمية. أما مطار البحرين فعندما نزلت فيه أول مرة، وكنتُ مراهقاً، كان مبنى الاستقبال من تنك وخشب. وتوقفت الطائرة (فايكاونت) في مطار الكويت على الطريق، وكان المدرج ترابياً. مطار بيروت، سواء كان اسمه مطار رفيق الحريري أو المطار الدولي، سبقه مطار في بير حسن ودّعتُ والأهل فيه يوماً خالي المسافر للعمل في «الصحرا» فقد كان هذا الاسم الشعبي للخليج العربي. حتى رواية «غراميات شارع الأعشى» للأخت العزيزة بدرية البشر ذكّرتني شخصية فيها بما كنتُ أعرف، أو إذا شئت الصدق بما لم أكن أعرف، أو جهلي الفاضح. كانت «الشرق الأوسط» صدَرَت في 4/7/1978، وعمرها حوالى عام عندما احتُلَّ الحرم الشريف في مكة المكرّمة، واتصل بي مكتب الجريدة في جدة وحكى لي مراسل أن الحرم احتُلَّ مع صلاة الفجر وفيه 60 ألف مصلٍّ. قلتُ له: تقصد 60 مصلّياً. وهو أصرّ على 60 ألفاً. حاولتُ أن أقنعه بأنهم 600 مصلٍّ، ورفعتُ الرقم إلى ستة آلاف. إلا أنه قال إن المصلين 60 ألفاً. كنت «أقاومه» على أساس تجربتي في لبنان، فالجامع العمري الكبير لم يكن يضم أكثر من ألف في صلاة العيد الكبير، ونحن نتحدث عن صلاة الفجر، فمن أين أتى هذا الرقم الهائل للمصلّين. في النهاية أدركتُ مدى جهلي، وأن لبنان الستينات والسبعينات ليس مقياساً لعدد المصلّين. اليوم، وفي كل بلد، كثر المصلّون وقلّ الدين الصحيح. وكتبتُ عن مؤتمر لإحياء اللغة العربية، ودافعتُ عنها، وجلستُ أمام شاشة شبكة تلفزيون عربي واسع الانتشار، وقرأتُ في شريط الأخبار في أسفل الشاشة» «فرح الأتاسي: اعتذرتُ عن الانضمام للائتلاف لأنني أفضّل أن أكون شخصية توافقية». فرح نشطة سوريّة ناجحة وزميلة عالية الثقافة، وهي اعتذرت عن عدم الانضمام، لا الانضمام، ويبقى أن أقرأ الاستعمال الصحيح للعبارة، فالاعتذار عن عدم الحضور أو المشاركة. لأن المعتذر لم يحضر أو يشارك ثم أساء الأدب فاعتذر. كل شيء تراجع. كان العربي يثق برجل الدين قبل الطبيب، والآن عندنا دعاة التلفزيون، وكانت اللغة العربية سليمة أو نقيّة، والآن اعتدنا لغة هجينة بعد أن دخلت عليها كلمات وعبارات أجنبية، وأصبحنا في لبنان نسمع التحية بثلاث لغات: هاي، كيفك، سافا؟ السياسة العربية لم تتراجع فقط وإنما سقطت، ويكفي أن نقارن بين نجاح الإسلاميين الأتراك في الحكم على رغم المشاكل الأخيرة، وفشل الإسلاميين العرب. العلمانيون العرب اسم آخر للفشل. وأنظر حولي وأتذكر انه عندما استُفتي البحرينيون على الاستقلال عام 1971 اختاروه بشبه إجماع. الآن هناك قيادات معارضة تريد تحويل بلد مزدهر إلى نظام ولاية الفقيه ونشر التخلف والجهل والفقر في البلد. قبل ذلك استقلّت الكويت عام 1961 وصدر دستورها عام 1962، فكان نموذجاً لأهل الخليج جميعاً. الآن هناك معارضة متخلّفة عقلياً وإنسانياً وسياسياً تريد المشاركة في الحكم بمقاطعة الانتخابات. لماذا تقاطع؟ لأنها ترفض مبدأ «رجل واحد، صوت واحد» وهذا أساس الديموقراطية، بل ما تُعرَّف به. اليوم يمثّل المعارضة الكويتية مسلم البراك وهو أحمق لذلك عنده أنصار كثيرون، فالحمقى يجب أن يوجد من يمثلهم في البرلمان. إذا حكمت محكمة على البراك فهي عميلة للسلطة، وإذا ألغت محكمة أخرى الحكم فهي عادلة. أفضل من البراك وأمثاله ما صدر عن ستاندارد اند بور التي ترصد الأداء المالي، ففي تقرير لها قبل أيام قالت إن بنك الكويت الوطني هو الأول بين البنوك العربية، وتوقعت أن يستمر في هذا المركز خلال السنتين المقبلتين. في الخبر استمرارية مشجّعة فقد تابعت الأخ عبداللطيف الحمد، رئيس الصندوق الاقتصادي والاجتماعي العربي، في مؤتمرات دولية، وشاهدتُ أركان البنك الدولي يطلبون رأيه ونصحه. أخيراً، مؤتمر الشرق الأوسط للمنتدى الاقتصادي العالمي على البحر الميت كان شعاره «تعزيز أسباب النمو والصمود». لم أعد أطلب أن ينمو اقتصادي، فقط ألاّ ينكمش أكثر حتى لا أبحث عن تلك الإبرة الخرافية في كومة القش. أما مؤتمر البحرين فأطلق «جائزة عيسى لخدمة الإنسانية». وقلت للملك حمد بن عيسى إنني لم أعد أريد أن أخدم الإنسانية. أريد أن تخدمني الإنسانية يوماً، فهي خذلتني في بلادي وحول العالم. نقلاً عن جريدة " الحياة "

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيون وآذان الشيء بالشيء يذكر عيون وآذان الشيء بالشيء يذكر



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia