عيون وآذان أبعد من «التعنيف»

عيون وآذان (أبعد من «التعنيف»)

عيون وآذان (أبعد من «التعنيف»)

 تونس اليوم -

عيون وآذان أبعد من «التعنيف»

جهاد الخازن

العنف ضد المرأة العربية أفرز صفة «معنّفات»، وهي كلمة لا بد أن رجلاً صاغها. في القاموس العنف هو ضد الرفق، والتعنيف معناه التوبيخ واللوم، وهكذا فالتعنيف بلغة العصر يقصر عن المعنى لأن المقصود الضرب، وربما القتل، ونقص الحقوق وغير ذلك مما يتجاوز التوبيخ. لو أنصف الرجال لكانت الكلمة في وصف ما تعاني النساء: المضروبات (على قلوبهن)، أو المضطهدات، أو المظلومات. لا عزاء للمرأة العربية في أن تكون مواطناً من الدرجة الثانية وشريكة حياة منقوصة الحقوق، فلا أقول سوى أن العنف ظاهرة عالمية لا عربية فقط، وقد إنفجرت أخيراً في بريطانيا فضيحة أثارت جدلاً مستمراً بعد أن نشرت الصحف صورة للبليونير تشارلز ساتشي في مطعم ويده حول عنق زوجته نايجلا لوسون وقد تملكه الغضب. ساتشي من أسرة يهود عراقيين إسمها الأصلي ساعتشي (بالعربية ساعاتي) هاجرت الى بريطانيا وأسس تشارلز وأخوه موريس شركة ساتشي آند ساتشي، وهي كانت يوماً أكبر شركات الإعلان في العالم. أما نايجلا، فهي حسناء ذكية من نجوم المجتمع البريطاني إشتهرت بأنها من أمهر طهاة التلفزيون، وأبوها نايجل لوسون، وهو يهودي بريطاني كان وزير الخزانة يوماً ويحمل الآن لقب لورد مدى الحياة. طرفا الزواج تشارلز ونايجلا يشتركان في التعليم العالي والثقافة والوصول الى أعلى درجات النجاح، إلا أن هذا لم يمنع العنف في حياتهما الخاصة، إذ يبدو أن العنف ضد النساء لا يقف عند شعب دون غيره، أو عِرق أو مذهب. في الأشهر السابقة كنت أجمع مادة لمقال من الاتجاه المعاكس هو ظاهرة العنف ضد الأزواج، فقد قرأت في نيسان (ابريل) تحقيقاً في جريدة «الاندبندنت» عنوانه: «بما أنني رجل فمن الصعب جداً أن أقول أن شريكة حياتي تضربني». بحثت ووجدت أخباراً أخرى، فالشهر الماضي كان هناك موضوع عنوانه «هو جانب من العنف المنزلي نادراً ما نسمع عنه. هنا امرأة تعترف بأنها كانت تضرب زوجها». بل انني وجدت دراسة تقول ان وسط كينيا تتزعم العالم في النساء اللواتي يضربن ازواجهن. كانت المادة عن عنف النساء ضد الرجال كثيرة ومن زوايا العالم الاربع إلا انني لم اقتنع فوضعت المادة جانباً، وعدت اليها مع الجدل الذي اثارته صورة يد تشارلز ساتشي حول عنق نايجلا لوسون في مطعم. فوجئت بأن أجد في المادة المنشورة عن الموضوع ان الزوج جامع التحف صدر له السنة الماضية كتاب عنوانه «كن اسوأ ما تستطيع. الحياة أطول من ان تتسع للصبر والفضيلة». لم أسمع عن الكتاب في حينه، مع ان مكتبي يرصد الكتب الجديدة بالعربية والانكليزية، ووجدت على هامش الفضيحة ان ساتشي ينصح قراءه الا يقدموا الآخرين على انفسهم، والا يهتموا بمشاعر الناس، فهو يدعوهم الى تجاوز هذه القيم السلبية التي تؤدي الى تآكل الروح. ارجح ان المقصود هو التعامل مع الآخرين في دنيا المال والاعمال على اساس تجربة تشارلز ساتشي. الا انه تجاوز ذلك في حياته الخاصة ليعتدي على زوجته بدل منافس في سوق الاعلان مثلاً. هي الآن تركت بيت الزوجية الى شقة قرأت ان إيجارها عشرة الآف جنيه استرليني في الاسبوع، وهي تقول انها لا تزال تحب زوجها ولا تريد الطلاق، وانما تريد للزوج علاجاً نفسياً ليستطيع تمالك اعصابه فيتمالك غضبه ولا ينتقل الى العنف. مرة أخرى، العنف ضد النساء يلف العالم وليس قصراً على الذكور العرب الاشاوس، وفي انكلترا قال تقرير لوزارة الداخلية هذه السنة ان 1.2 مليون امرأة تعرضن لعنف منزلي السنة الماضية والرقم لا يشمل طبعاً النساء اللواتي لم يتقدمن بشكوى، وان امرأتين تقتلان كل اسبوع بيد زوج او شريك. الارقام سيئة في كل بلد ولا بد انها اسوأ في بلادنا حيث الرجل فشل وجبن وسقط في امتحان الحضارة فلم يبق له سوى ان «يتفوق» على زوجته. نقلا عن جريدة الحياة

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيون وآذان أبعد من «التعنيف» عيون وآذان أبعد من «التعنيف»



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia