جرائم القتل الجماعي ليست من أخلاقنا

جرائم القتل الجماعي ليست من أخلاقنا

جرائم القتل الجماعي ليست من أخلاقنا

 تونس اليوم -

جرائم القتل الجماعي ليست من أخلاقنا

جهاد الخازن

هل يذكر مواطن في مصر أو سورية أو لبنان أو الأردن أو فلسطين، متى قام جارٌ له فحمل السلاح وخرج ليقتل الناس في سينما أو عيادة أو متجر؟

لا أتحدث هنا عن الإرهاب فعندنا منه كثير، وقد رأينا ما حدث في تونس في حزيران (يونيو) الماضي، وقبل ذلك في الأردن سنة 2005، وغيره. أتحدّث عن المواطن العربي في بلده، من المغرب إلى الإمارات العربية المتحدة، وكل ما بينهما. هل حدث أن مواطناً تسلّح ببنادق شبه أوتوماتيكية أو متفجرات وخرج صباحاً، أو مساء، ليقتل الناس؟

لا أذكر شيئاً من هذا في بلادنا، مع أن السلاح بأنواعه متوافر، لكن أقرأ عن زوجَيْن في برناردينو، كاليفورنيا، ذهبا إلى حفلة عيد ميلاد للمعاقين وقتلا 14 شخصاً وجرحا 17 آخرين.

لو كان ما حدث جريمة جماعية واحدة لما استحقت تعليقاً، غير أن جرائم القتل الجماعي في الولايات المتحدة تكاد تكون خبراً يومياً، بينما هي حادث على امتداد جيل أو جيليْن في بلدان أخرى، فرجل في النروج قتل 67 شخصاً، وحادثان في فنلندا انتهيا بموت 18 شخصاً، ومثل هذا يتكرّر من بلد إلى آخر.

الأرقام التي يجمعها أميركيون، تُظهِر أن جرائم القتل الجماعي في الولايات المتحدة (أربعة قتلى فما فوق) بلغت 133 حادثاً بين 2012 و2014، أي ما يزيد عن بقية العالم مجتمعاً.

الولايات المتحدة تضمّ 314 مليون نسمة يملكون 270 مليون قطعة سلاح، أو 89 قطعة سلاح لكل مئة مواطن. وسكان الولايات المتحدة يمثلون خمسة في المئة من 7.3 بليون إنسان في العالم كله، غير أن جرائم القتل الجماعي عندهم تفوق كل بلد آخر، بل تفوق مجموع معظم البلدان الأخرى.

الديموقراطيون يريدون الحدّ من سهولة حمل السلاح في الولايات المتحدة، إلا أن الجمهوريين يؤيدون حمل السلاح ويفضلون تركيزاً أكبر على معالجة الأمراض العقلية. أزعم أن الجمهوريين باعوا أنفسهم للوبي السلاح، وهو يكاد يكون في قوة لوبي إسرائيل وشعاره: السلاح لا يقتل الناس. الناس يقتلون أحدهم الآخر. هل يُسمح لي أن أسال هذا اللوبي كيف يقتل رجل 20 رجلاً آخر إذا كان لا يجد بندقية أو مسدساً أو رشاشاً أوتوماتيكياً يستعمله؟ السكين قد تقتل إنساناً إلا أنها لا تقتل 17 في حفلة أو 30 في مدرسة.

أذكر من لبنان، أن جرائم القتل الفردية كانت تقع تحت مبدأ: أرض وعرض وفَرض، ومعنى الكلمتين الأوليين واضح، والثالثة تعني الأخذ بالثأر، فهذا فَرض على أسرة القتيل، وقد قرأت صغيراً عن رجل قُتِلَ في زغرتا وابنه طفل صغير، وعندما كان القاتل يخرج من السجن بعد 15 سنة أو نحوها قتله الابن المراهق على باب السجن. أيضاً، كنت أصطاد في منطقة بلدة القصر على حدود سورية، وعرفت حسن دندش في جرود الهرمل حيث «الطفـّار»، أو المطلوبون للعدالة، وكان قد ثأر لأهله بقتل خصوم على درج قصر العدل في الهرمل. وحدث أن صَدَمت سيارتي من خلف وأنا فيها مع أصدقاء سيارة صغيرة يقودها لبناني أرمني مع صديقته، ويبدو أنها شغلته عن الطريق. عندما طلبنا منه تصليح سيارتي، هدَّد بأن يستعين علينا بأرتين الأسمر، وكان «فتوَّة» أو «جَدَعاً» أرمنياً معروفاً. حكيت لأستاذ الجغرافيا الأرمني في اليوم التالي ما حدث والكلام عن أرتين الأسمر، فقال لي الأستاذ إن أرتين لا يمكن أن يعين أحداً إذا كان هو المذنب.

لا بد أن في كل بلد عربي نماذج مما سبق، إلا أنني أعود وأقول إن الإرهاب كما حدث في نادٍ في القاهرة قبل أيام، جريمة ضد الإسلام والمسلمين والإنسانية كلّها، وأنا لا أتحدّث عنه اليوم، وإنما عن جرائم القتل الجماعي، فهي على رغم كل المصائب التي حلّت بنا بعيدة من أخلاق أهل بلادنا، مع أنها ممارسة شبه يومية في بلد صفته أنه يقود المعسكر الغربي الديموقراطي.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جرائم القتل الجماعي ليست من أخلاقنا جرائم القتل الجماعي ليست من أخلاقنا



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 17:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 14:26 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت الخميس29-10-2020

GMT 14:52 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 13:46 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الثور الخميس 29-10-2020

GMT 18:06 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 18:37 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 09:37 2020 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

إليك وجهات سياحية رخيصة يمكن السفر إليها في بداية العام

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 22:42 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

هاني شاكر يشارك جمهوره أول أغنية له في 2021 "كيف بتنسى"
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia