الاتفاق النووي يافطة كاذبة

الاتفاق النووي: يافطة كاذبة

الاتفاق النووي: يافطة كاذبة

 تونس اليوم -

الاتفاق النووي يافطة كاذبة

مأمون فندي

النووي الإيراني هل هو يافطة تغطي تحتها اتفاقًا جيواستراتيجيًا (بمعنى إطلاق يد النفوذ الإيراني في الإقليم)، أم أنه كما لمحت تغريدة الرئيس الإيراني حسن روحاني يافطة تخفي تحتها صفقة جيواقتصادية (تخص النفط والغاز تحديدا)؟

الاتفاق النووي الإيراني اليوم واقع لا بد من التعامل مع تبعاته وليس رفضه، ولكن لكي نتعامل مع هذه التبعات لا بد من تفكيك الاتفاق كيافطة وما تخفي خلفها.
بداية، ورطة الاتفاق النووي قبل أن نتحدث عما يخفي وراءه أو عن مدى دقة تفاصيله الفنية، هي في كونه تجسيدًا حقيقيًا للفارق بين عقليتين ستتجلى تبعاتهما بوضوح أكثر بعد الاتفاق: عقلية طويلة البال تأتي من عالم صناعة السجاد الإيراني والذي تأخذ فيه صناعة السجادة الواحدة عامين وربما عملية بيعها عامًا آخر من التفاوض على السعر، وهذه عقلية روحاني والمرشد ومعهما وزير خارجيتهما جواد ظريف، وبين عقلية أوباما القادمة من عالم ماكدونالدز والوجبات السريعة التي تريد اتفاقًا مستعجلاً وبأي ثمن.. بين عقلية السجاد وعقلية ماكدونالدز يدفع الإقليم ثمن اتفاق وهمي، وهذه النقطة الحضارية تحتاج إلى مقال منفرد لشرحها.

المهم هنا هو أن الإيرانيين دخلوا مجال المفاوضات حول ملفهم النووي بعقليتهم ذات البال الطويل والسعر المبالغ فيه لذلك طالت المفاوضات ولذلك أيضًا باعوا مجموعة 6+1 سجادة عادية على أنها أفخر أنواع السجاد. تحدث الإيرانيون عن أشياء كثيرة نووية ليست عندهم، عن آلاف من أجهزة الطرد المركزي، وتفاوض الغرب معهم من أجل أن يصل الرقم إلى النصف، ومثل تاجر السجاد، النصف هذا هو سعر السجادة وفوقه ربح معقول وكذلك عدد محركات الطرد المركزي التي أصبحت اليوم قانونية هي أكثر مما تملكه إيران من أجهزة طرد تعمل، فالإيرانيون رغم أنهم حققوا مكسبًا كبيرًا فإن من اشترى السجادة كان سعيدًا بأنه مفاوض جيد (شاطر في فن الفصال في البازار). إيران اليوم بهذا الاتفاق العبثي دولة نووية أو تكاد باعتراف دولي. ومع ذلك ليس هذا كان هدف إيران من المفاوضات، هدف إيران ينحصر في ثلاثة أبعاد؛ البعد الأول هو ترميم سمعة نظام ينهار من الداخل، وإنعاشه اقتصاديًا، والاعتراف بنفوذ إيران في الإقليم، وأن أي ترتيبات إقليمية لا بد أن يكون لإيران رأي فيها، وتلك الثالثة هي النقطة الجوهرية التي تخص عالمنا العربي. وإطلاق يد النفوذ الإيراني في الإقليم من العراق إلى سوريا إلى لبنان هو ما تحت هذا الاتفاق والمهم من زاوية النظر الإيرانية، فكما كتبت في مقال سابق هنا، ما يهمنا كعرب ليس نفوذ إيران النووي المستقبلي الذي يقلق إسرائيل والغرب، ولكن ما يدفع ثمنه العرب اليوم هو تأثير نفوذ القوة التقليدية الإيرانية المتمثلة بالميليشيات التي هي مصدر رئيسي للخراب في الإقليم. وفي تصريحات المرشد الأعلى الإيراني الأخيرة كان واضحًا أن الحديث عن النووي شيء وتحالفات إيران الإقليمية شيء آخر، وأنه يحاول أن يكون هذا الأمر واضحًا والشركات الغربية تهرول نحو طهران من أجل صفقات تجارية وبهذا يشرعن الجيواقتصادي ما هو جيوسياسي في الاتفاق.

الشق الاقتصادي المباشر يخص شركات النفط الأميركية وخصوصًا العاملة في المنطقة مثل اكسون موبيل العاملة في حقل الغاز القطري المشترك بين إيران وقطر، ربما لذلك قال روحاني في تغريدته «وخصوصًا» قطر. لكن الأمر أكبر وأعقد من هذه التلميحة بكثير، فالناظر إلى سوق النفط يرى بوضوح أننا أمام أربع كتل نفطية تنتج من 10 ملايين برميل فما فوق بقليل وهي المملكة العربية السعودية (10.6 مليون) وروسيا (10 ملايين) والولايات المتحدة الأميركية (10 ملايين) ثم ما يمكن تسميته بالكتلة الشيعية التي يمكن خلال عام أن تنتج 10 ملايين برميل يوميًا وهي الآن تنتج ما يقرب من 8 ملايين بين إيران والعراق. دخول أكثر من مليون برميل أخرى إلى السوق اليوم سيدفع أسعار البترول ما بين 40 إلى 50 دولارًا للبرميل وهذا جيد للاقتصاد الأميركي خصوصًا والغربي عمومًا. البترول عند 40 دولارًا للبرميل يضع الرئاسة الأميركية في يد الديمقراطيين مرة أخرى، وهذا إضافة إلى المنافع الاقتصادية يصب في فكرة الإرث الرئاسي المتملكة من عقل الرئيس الأميركي باراك أوباما، ذلك الرجل الذي يريد أن يبرر حصوله على جائزة نوبل من خلال التوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران. طبعًا هناك ما يمكن أن يسمى بغرور الرياسة الذي لا مجال لمناقشته هنا، فالأميركيون لا ينتخبون رئيسهم كي يكون له إرث تاريخي فهذا أمر يخص غروره وحده، أما الناخب فيختار الرئيس من أجل تحسين أوضاعه وأوضاع المجتمع، ولكنها كما قلت نقطة لا مجال لفرد مساحة لها هنا.

البرميل عند 40 أو 50 دولارًا يمنح الديمقراطيين فرصة أفضل لرئاسة أميركا، البترول عند هذا السعر جيد بالنسبة للديمقراطيين وسيئ بالنسبة للمملكة العربية السعودية وسيئ بالنسبة لروسيا وربما للاقتصاد العالمي. كان الهدف الخفي لتخفيض أسعار النفط هو تركيع روسيا وعملية التركيع مستمرة.
العامل غير المفهوم في هذا هو أن روسيا كانت داعمة إيران الأولى وسندها رغم أن إيران اليوم تشارك بشكل فعال في عملية تركيع روسيا.

فهل التحالف بين روسيا والمملكة العربية السعودية قادم لا محالة إذا أخذنا في الاعتبار غضبة المملكة من الاتفاق والتي تجلت في مقال الأمير بندر بن سلطان الأخير؟ وهل صفقة المليارات العشرة هي عربون صداقة روسية سعودية قادمة، ولكن هل سيكون في هذا ارتباط بين السياسي والاقتصادي بمعنى أن يتغير الموقف تجاه سوريا في هذا السياق؟ طبعًا نعرف أن 10 مليارات دولار لا تعني الكثير بالنسبة لروسيا فتلك أموال يمتلكها كسيولة حفنة من أصدقاء بوتين المقربين.
المهم في هذا كله هو أن الاتفاق النووي الإيراني الغربي هو يافطة مزورة تخفي خلفها الكثير من الاقتصادي للسياسي فاربطوا الأحزمة لأن المطبات الهوائية القادمة كثيرة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاتفاق النووي يافطة كاذبة الاتفاق النووي يافطة كاذبة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia