نظام عالمي جديد

نظام عالمي جديد؟

نظام عالمي جديد؟

 تونس اليوم -

نظام عالمي جديد

بقلم - مأمون فندي

خطابات قادة دول العالم أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة توحي بأننا أمام نظام عالمي تبدأ ملامحه في التشكيل، وكانت كلمة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تجسيداً لملامح الخلاف الدولي حول طبيعة هذا النظام الجديد؛ إذ ذكر ماكرون في كلمته أن نظام ما بعد معاهدة وستفاليا (1648) التي أنهت فصلاً دامياً من التاريخ الأوروبي، تلك الحروب التي راح ضحيتها أكثر من ثمانية ملايين والتي اعتمدت «السيادة الوطنية» أساساً للنظام الدولي الجديد، هذا النظام قارب نهايته، ولم يعد صالحاً للتعامل مع القضايا المعاصرة وتعقيداتها.
الذي يقرأ كلمة الرئيس الفرنسي بتمعن قليل يدرك أن جزءاً كبيراً من خطابه الذي يدعو فيه إلى «نظام عالمي جديد بوجه إنساني» كان بمثابة رد فرنسي على كلمة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي كان يؤكد فيه على فكرة «السيادة الوطنية» أساساً للعلاقات الدولية، تلك الرؤية التي نعتها ماكرون بأنها رؤية انعزالية ومغالية في الشيفونية والوطنية. بغض النظر عن انتقادات فرنسا للسياسة الأميركية، إلا أننا نلحظ فجوة أكبر بين أوروبا مجملاً والولايات المتحدة الأميركية.
نحن في الشرق الأوسط أكثر مناطق العالم إحساساً بأن النظام العالمي الجديد قد بدأ في التشكل، عندما نرى أقدام الجنود الروس في سوريا، وكذلك التغلغل الصيني في الشرق الأوسط وأفريقيا، ونرى بريطانيا ترقباً للخروج من الاتحاد الأوروبي تبحث عن شركاء في منطقتنا.
لكن، ما طبيعة هذا النظام الجديد؟ هل هو نظام يعتمد السيادة الوطنية بالصرامة التي وضخها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أم نظام عالمي بوجه إنساني تتداخل فيه القضايا أساسه الاعتماد المتبادل بين الدول؛ لأن قضايا مثل المناخ ومكافحة الإرهاب والمعلوماتية كلها قضايا عابرة للحدود، وتحتاج إلى تعاون بين الدول لا انعزالية على غرار رؤية ترمب؟
ظني أن المتابع شرقاً في اتجاه الصين وروسيا بنموهما الاقتصادي المتسارع وسلوكهما الدولي يدرك أننا أمام نظام عالمي جديد، ربما تقوده الصين بديلاً عن أميركا أو تقوده الصين وروسيا معاً، أو أن دولة ثالثة أوروبية مثل ألمانيا أو فرنسا مع الصين وروسيا ستقود النظام العالمي الجديد بقيم جديدة وقواعد جديدة للعبة الدولية.
إذا كانت معاهدة وستفاليا التي خرجت من بين انقاض أوروبا بداية القرن السابع عشر قد شكلت أساس النظام الدولي الحالي، فأي مكان في العالم سيحدد ملامح النظام الدولي الجديد؟ هل هو الشرق الأوسط التي بات يتفكك أساسه بداية من نهاية معاهدة سايكس - بيكو على أرض الواقع؟ هل ما يحدث في سوريا والعراق وفلسطين هو الوقود الذي سيدفع محركات نظام دولي جديد؟
لا أكون مبالغاً في أهميتنا كعرب، إذا قلت إنه ورغم ضعفنا، وربما بسببه، سنكون المكان هذه المرة التي ترسم على أرضه ملامح هذا النظام العالمي الجديد.
التدخل الإيراني والتركي والروسي في سوريا ربما سيعجّل من الحديث عن نظام إقليمي جديد وبالتبعية نظام عالمي جديد، كذاك القضايا المعولمة التي أنتجتها المنطقة من إرهاب إلى لاجئين كلها تصب في حديث النظام العالمي الجديد، ورغم أهمية الولايات المتحدة الأميركية وما قاله الرئيس ترمب إلا أن النظام العالمي الجديد سيعتمد «السيادة الوطنية» ويكتفي بالرؤية الفرنسية وليس بالرؤية الأميركية، نظاماً عالمياً جديداً بوجه إنساني، حسب قول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نظام عالمي جديد نظام عالمي جديد



GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

GMT 08:29 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

ترامب يدّعي نجاحاً لم يحصل

GMT 08:24 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

فلسطين وإسرائيل بين دبلوماسيتين!

GMT 08:23 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

أزمة الثورة الإيرانية

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:21 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجدي الخميس 29-10-2020

GMT 14:05 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد الخميس 29-10-2020

GMT 08:29 2021 الجمعة ,07 أيار / مايو

مسلسل ''حرقة'' أفضل دراما رمضانية في تونس

GMT 05:48 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

اكتشاف تقنية جديدة تساعد في إنقاص الوزن الزائد

GMT 05:31 2016 السبت ,26 آذار/ مارس

البردقوش فوائده واستخدامه

GMT 00:15 2016 الثلاثاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد الشطة لعلاج مرض الصدفية

GMT 10:54 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ندوة عن القبول في جامعات الولايات المتحدة في "أميركية دبي"

GMT 09:15 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أيتام «داعش» مَنْ يعينهم؟

GMT 18:04 2021 الإثنين ,29 آذار/ مارس

أخبار من اميركا وعمليات إطلاق النار فيها

GMT 04:00 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

موصفات سيارة كايلي جينر الرولز-رويسمن طراز Wraith
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia