كم دولة فاشلة يستوعب الإقليم

كم دولة فاشلة يستوعب الإقليم؟

كم دولة فاشلة يستوعب الإقليم؟

 تونس اليوم -

كم دولة فاشلة يستوعب الإقليم

مأمون فندي

 يدفع الثمن غاليا من يظن أن فشل الدولة في اليمن أو سوريا، أو حتى الصومال، يقع ضمن مسؤولية الدولة الواحدة ذات السيادة، وأن مخاطر هذا الفشل ستبقى داخل حدود الدولة باستثناء الحالات الإنسانية من نزوح للاجئين.

هذا النوع من التفكير يحمل في طياته عواقب وخيمة ناتجة عن جهل البعض بفكرة الترابط في الأمن الإقليمي.

منطقتنا العربية اليوم على شفا الهاوية نتيجة لتزايد عدد دولها الفاشلة أو الدول المعتلة التي في طريقها إلى الفشل. ترى كم دولة فاشلة أو معتلة أو «مخوخة» من الداخل، تحتمل المنطقة قبل أن ينفرط عقد الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط كله؟

إذا ما نظرنا إلى خريطة منطقة كاملة مثل أفريقيا في الشمال والوسط الأفريقي، نجد مثلا أن شمال أفريقيا به دولة فاشلة تماما هي ليبيا، ودولتان معتلتان هما تونس ومصر التي هي في طريقها إلى الخروج من هذا الاعتلال، وليس من الدول المتماسكة في الشمال الأفريقي سوى المغرب، وربما إلى حد ما الجزائر، أما وسط أفريقيا فهو يتراوح بين دول فاشلة أو دول في طريقها إلى الفشل من حدود ليبيا حتى جنوب أفريقيا.

الدولة الوحيدة الواقفة على حيلها هي جنوب أفريقيا.

فشل الدولة أو اعتلالها هو عدم قدرة الدولة على تلبية حاجات مواطنيها الأساسية؛ من أمن وغذاء وصحة، وكذلك عدم قدرتها على استيعاب كل السكان وفرض سيطرتها على أراضيها كاملة.

والحل الذي يفرضه الأمر الواقع في الدول التي تفشل ليس المسكنات، بل البتر لجزء أو أجزاء من جسدها، كما رأينا في حالة السودان، حيث تم فصل الجزء المعطوب من الجسد السياسي السوداني على أمل أن يتعافى الجزء الآخر تدريجيا، فانفصل الجنوب غير المسلم عن الشمال المسلم، وبقي إقليم دارفور محل شك، إما أن يبقى أو يتم بتره هو الآخر.

هناك حالات ترنح ما بين الفيدرالية العليلة في حالة العراق، وبين إمكانية الانفصال والبتر في حالة إقليم كردستان، وظني أن الحال يتجه في الطريق ذاته في الحالة السورية التي تعاني أكثر بكثير من جارها العراق، ثم يأتي بعدها اليمن. وفي حالتي سوريا واليمن سيكون بتر الأجزاء العليلة من الدولة من أجل إبقاء جزء سليم.

وفي تقديري أن انفصال أجزاء من اليمن على غرار السودان قد يحدث قبل سوريا، وليس العكس كما يظن البعض. اليمن لن يقسم كما في السابق إلى شمال وجنوب فقط، بل سيكون الشمال والجنوب بداية لانشطارات عدة إقليمية وقبائلية.

دول النفط في الخليج العربي سوف تكون محاصرة بأكثر من دولة متشظية ومنقسمة. هذا يعني أن أمن الطاقة قد اختل ليس إقليميا بل عالميا، مما قد يدعو إلى تدخل دول كبرى في منطقتنا لسنوات عديدة، ويعني أيضا اختلالا كاملا لمعادلة الأمن الإقليمي، وخصوصا أمن منطقة الخليج، إذا ما استمر حال الدول الفاشلة على ما هو عليه.

عندما كتبت منذ عدة أسابيع في صحيفة الأهرام عن «الهلال الشيعي البحري» وتهديد أمن الملاحة في الإقليم، نتيجة سيطرة جماعة مثل جماعة الحوثي على اليمن وبعدها على مضيق باب المندب، وتحكم إيران في مضيق هرمز شمالا، يجعل أمن وسلامة نقل الطاقة في خطر، أو تحت قبضة جماعة واحدة غير مسؤولة، وهي جماعة المرشد الأعلى في إيران. إذا ما أضفنا الفوضى في الصومال إلى معادلة أمن البحر الأحمر، فنحن أمام حزمة من تحديات الأمن الإقليمي التي تحتاج إلى حوار أكثر نضجا مما نراه الآن. بعد أن كتبت مقال الهلال الشيعي البحري كنت أتصور أن نقاشا جادا سيحدث فيما يخص أمن الملاحة في منطقتنا من أمن قناة السويس إلى أمن الخليج العربي وبحر العرب، ولكن للأسف لم يحدث سوى ردة فعل في تقارير صحافية ذرا للرماد.

خريطة الفشل التي تحيط بنا تحتاج إلى نقاش علمي نحدد من خلاله أولا عدد الدول الفاشلة، والتي في طريقها إلى الفشل حسب معايير محلية صارمة.

أعرف أن مجلة سياسية مثل الأميركية «فورن بوليسي» قد تبنت مشروع تصنيف الدول التي بدأت تنشره بشكل سنوي منذ 10 سنوات تقريبا، ولكن هذا التصنيف لي عليه ملاحظات لا تصلح لتقييم منطقتنا، خصوصا أن تقييم «فورن بوليسي» فيه كثير من تلوين الحقائق نتيجة لآيديولوجيا المجلة وتحيزاتها التي أسس لها رئيس تحريرها اليميني اليهودي من أصول ليبية موسى نعيم، والقادم من اليمين الأرجنتيني والذي طبع المجلة برؤيته فيما يخص المنطقة العربية. ولم تخلص المجلة من هذه الرؤية حتى بعد أن تركها في 2010، ولهذا حديث آخر ومطول فيما يخص اهتمام الجيل الجديد بمجلة «فورن بوليسي».

مطلوب تصنيف عربي لدولنا الفاشلة منها والمعتلة والتي في طريقها للفشل، ومن ثم الإجابة عن السؤال: ترى كم دولة فاشلة يتحملها الإقليم قبل أن يفشل الأمن الإقليمي كله؟ وهل وصلنا إلى هذه النقطة الآن أم أننا ما زلنا عند خط الأمان؟

ظني أن الدول النفطية المحاطة بحزام الفوضى الآن تحتاج إلى إعادة التفكير في معطيات الأمن الإقليمي، وفي معادلة جديدة للأمن تأخذ في الاعتبار فشل 3 أو 4 دول في وقت واحد، شيء يشبه عقيدة وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد الذي أرد أن يدخل حربين في وقت واحدة وبجيوش صغيرة.

انتهى عصر التفكير في الأمن كأمن الدولة الواحدة، ومن هنا يجب على العرب من الآن التفكير في أمن الدولة على أنه أمن كل العرب.

حالة التشرذم الحالية ستضر الجميع في حالة محدودية الفكر. فمن يظن أنه مع المعسكر الغالب أو مع الفرقة الناجية فهو واهم.

الأمن الإقليمي اليوم كل لا يتجزأ ولا يمكن الحديث عنه بالقطاعي.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كم دولة فاشلة يستوعب الإقليم كم دولة فاشلة يستوعب الإقليم



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia