هجوم تنموي صيني على العالم العربي

هجوم تنموي صيني على العالم العربي!

هجوم تنموي صيني على العالم العربي!

 تونس اليوم -

هجوم تنموي صيني على العالم العربي

بقلم - هدى الحسيني

في مؤتمر «منتدى التنمية الإقليمية بين الصين والشرق الأوسط» الذي عقد أخيراً في جامعة بكين، وتزامن مع الذكرى السنوية 120 لتأسيسها، كان هناك تركيز صيني، بالإضافة إلى التنمية في الشرق الأوسط وما يواجهها من تحديات، على العلاقة مع الدول العربية، حيث قال السفير يانغ فوستانغ نائب وزير الخارجية الصيني السابق إن العلاقات مع الدول العربية بدأت عام 1949، ومنذ البدء قامت على تبادل الاحترام والدعم والصداقة، ولم تحدث احتكاكات مؤثرة، وصارت اليوم استراتيجية.
قال لم نتخذ الآيديولوجية كعنصر، فالدول العربية إسلامية والصين دولة شيوعية، لكن يقدم كل طرف للآخر الاحترام، وبالتالي لم نواجه تناقضات. الأمر الآخر الذي يجمعنا هو الدعم في القضايا المهمة، خصوصاً قضية «توحيد الوطن»، أي قضية تايوان، فالأطراف العربية تؤيد الصين الواحدة، كما تؤيد الصين قضية الدول العربية الجوهرية أي فلسطين. وأشار البروفسور غونغ شيهوانغ نائب رئيس جامعة بكين إلى أن السنوات السبع الأخيرة التي عبرت الشرق الأوسط أثرت على العالم، ولهذا طرحت الصين مبادرة «الحزام والطريق» لدفع التنمية المشتركة في المنطقة لمدى بعيد، وقال إن الصين تضع الشرق الأوسط في عقلها. وقبل 5 سنوات طرح الرئيس شي مبادرة «الحزام والطريق» وليس مشروع مارشال، وقد لقيت تلبية حارة في الشرق الأوسط، فحيث تم بناء ميناء الصداقة في موريتانيا وميناء خليفة في أبوظبي، وأصبحت مصر أكبر مصدر للألياف الكهربائية، كما هناك الأقمار الصناعية في مصر. أوضح أن التعاون يعتمد على أساس ثنائي، النقطة مقابل النقطة وفي المرحلة المقبلة نريد توارد أفكار: «الشرق الأوسط يتطلع إلى الاستقرار والإصلاح بشكل متوازن، ونحن دولة تساعد على حل النزاعات وليس تأجيجها، إذ لا يمكن تغذية شجرة السلام إلا بالتنمية، والسلام لا يأتي أوتوماتيكياً بل يحتاج إلى تفاهم».
في المؤتمر استشهد أحد المسؤولين الصينيين بما قاله أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، عندما شارك في مؤتمر القمة في أغسطس (آب) الماضي، حيث قال: «نثق بمصداقية الطرف الصيني»، وقال المسؤول إن الصين تطبق ما تتعهد به. وقال السفير فوستانغ إن للتنمية فرصة كبيرة في الدول العربية التي يزيد عدد سكانها على 400 مليون نسمة، ونسبة الشباب تفوق الـ50 في المائة، ثم لدى هذه الدول موارد نفطية وغاز وثروات ومواقعها استراتيجية، وهذه كلها شروط مهمة للتنمية، والصين على أتم استعداد لإنشاء شراكة دائمة مع هذه الدول.
ثم كانت جلسة عن سوريا، فقال محمد ماراندي من جامعة طهران إن إيران ذهبت إلى سوريا، لأن أميركا أدخلت كل المتطرفين! عندما زار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الصين عرضت هذه الوساطة بين السعودية وإيران. إيران وافقت والسعودية رفضت. لاحقاً سألت مسؤولاً في وزارة الخارجية الصينية عن صحة هذا الخبر، فقال: «نحن لا نعرض وساطات، لا نتدخل إلا إذا سألنا أحد رأينا. لا شيء أكثر من هذا».
وقال وانغ لنكونغ، مدير العلاقات الدولية في مؤسسة دراسات غرب آسيا وأفريقيا، إن هناك حاجة لوضع الهيكل السياسي لمستقبل سوريا ووضع دستور حول بقاء بشار الأسد أو رحيله. ما كسبه الأسد في المعارك يتحول إلى مصلحته في المفاوضات. إن سوريا مهمة يجب أن تستعيد عضويتها في الجامعة العربية. مشكلة الأزمة السورية أنها تحولت من حرب ضد الإرهاب إلى مواجهة الاستراتيجيات.
عن سوريا قال جون الترمان، نائب مدير مركز دراسات الشرق الأوسط، إن الوضع الإنساني سيئ وسيزداد سوءاً. وهناك تذمر من اللاجئين في تركيا والأردن ولبنان، ثم إن الأمم المتحدة تحتاج إلى المال. وأوضح أن إدارة الرئيس دونالد ترمب تدعم فكرة واحدة، وأن كل سياساتنا في الشرق الأوسط يجب أن تخدم هذه الفكرة، وهي ردع إيران عن سياساتها في المنطقة. الهدف الأميركي ليس لاستمرار الحرب، وإنما لتقليص الدور الإيراني هناك. وقالت الدكتورة ابتسام الكتبي رئيسة مركز الإمارات للسياسات، إن الأسد لا يسيطر على سوريا بل إيران وروسيا، وعندما سئل المتحاورون لماذا تفضل الصين بقاء الأسد، جاء الجواب أن كل دولة تحتاج إلى حكومة قوية، فالحكومة الضعيفة لا تنفع في إعادة الإعمار.
وفي حلقة التعاون الصيني مع دول الخليج العربي أشار جانغ جيانوي، من مكتب غرب آسيا وشمال أفريقيا وعضو اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي، إلى أن أسس العلاقة تتجاوز أن الصين تعتمد الاشتراكية والأنظمة الخليجية ملكية، ومع صعود المكانة الدولية للصين في العالم بدأنا نتلقى الدعوات. يروى أنه في زيارته الأخيرة إلى السعودية كان هناك أكثر من 100 مستمع لكلمته، وفي الصف الأول وزير الإعلام، حيث قال: لا نتدخل في الشؤون الداخلية ونحترم الأسلوب التنموي، ثم هناك المنفعة المتبادلة، ومواقف دول الخليج من مبادرة الحزام والطريق إيجابية. هناك ترابط وتنسيق بين مبادرتنا والمبادرة السعودية 2030. في الإمارات 200 مدرسة تعلم اللغة الصينية، ورغم أن مساحة الإمارات صغيرة، فإنها ترحب بالسياح الصينيين. وحول هذا أوضحت ابتسام الكتبي أنه يزور الإمارات سنوياً 3 ملايين سائح صيني، ويعيش 300 ألف صيني في دبي.
حسب المسؤولين الصينيين، فإن العلاقات بين الصين ودول الخليج تدعو إلى التفاؤل «إنما هناك شكوى صغيرة، إذ لا يأتي سياح إماراتيون إلى الصين، وعلينا أن نقوي المنطقة الصناعية الحرة بين الصين ودول الخليج». على هذا ردت الكتبي أن «الدول الخليجية صارت تفكر بتنويع الشراكات الاستراتيجية. لم تعد تضع البيض في سلة واحدة. لقد فتحت دول الخليج لمبادرة (الحزام والطريق) آفاقاً جديدة، لأن موقع منطقتنا يتيح للصين الأسواق الخليجية والأفريقية والأوروبية، وبالتالي تتطلع الإمارات إلى الاستفادة من الصين لتتحول إلى مركز تكنولوجي عالمي».
ولم تغب تركيا عن المؤتمر، حيث قال الدكتور أفق أولوتاس من مؤسسة «سيتا» إن بلاده تستغل موقعها الاستراتيجي جداً، لكنه لا يعتقد أن أميركا ستدفع بتركيا إلى أحضان روسيا، فرد مسؤول صيني كيف أن الصين مدت سكة حديد تربط بين إسطنبول وأنقرة، وساهمت الشركات الصينية في بناء مطار إسطنبول الأخير، وهي تخطط لبناء جسور عابرة للحدود.
وقال كيهان بارزيغار من مؤسسة الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، إن الاتفاق النووي الإيراني كان نقطة تحول، وانسحاب ترمب منه نقطة تحول أيضاً. هناك فرصة للصين وعليها أن تسرع. وقال إن إيران ترى أن الوجود الأميركي في الخليج يهدد أمنها القومي و«إذا قررت المنطقة» جعل إيران الخطر الجديد سيكون الأمر خطيراً.
في المؤتمر تركت الصين مشاكلها مع أميركا بعيداً، وركزت على التعاون في مجال الطاقة مع 5 دول عربية وعلى مبادرتها «الالتفافية» التي تقول عنها إنها لدفع التنمية الحيوية التي تتماشى مع قوى اقتصادية ناشئة بما فيها الصين. وكشفت أن بعض الدول الأوروبية واليابان عبرت عن استعدادها للمشاركة. وأبرزت أن التعاون الصيني - العربي لديه قاعدة واسعة «أما أميركا فلا تهمها إلا مصالحها الخاصة».
ينتهي المؤتمر بأن هناك الكثير من المشاريع للدول العربية، لكن يبقى السؤال: هل سيسير كل شيء بسلاسة؟

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هجوم تنموي صيني على العالم العربي هجوم تنموي صيني على العالم العربي



GMT 12:13 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

ماذا سيفعل العراقيون بعد اقتحام السفارة؟

GMT 12:10 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

أردوغان يعاني في بلاده

GMT 11:56 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

دبلوماسيّون: حراك مكثف على ساحة متأرجحة!

GMT 11:38 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الباجي وخطيئتا بورقيبة وبن علي

GMT 11:29 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الإمارات ملتقى الأمم

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 18:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:11 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان الخميس29 -10-2020

GMT 14:42 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

أفكار جديدة وملفتة لديكورات ربيع 2019

GMT 15:25 2019 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

انتحار طالب داخل لجنة للثانوية العامة في الغربية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia