القرضاوي في ديسمبر

القرضاوي في ديسمبر!

القرضاوي في ديسمبر!

 تونس اليوم -

القرضاوي في ديسمبر

طارق الحميد

في ديسمبر (كانون الأول) 2011، وقبل الانتخابات المصرية، خاطب الشيخ الإخواني يوسف القرضاوي المصريين، ومن قطر قائلا: «اشهدوا لمن يعترف بالخير والصدق والإسلام، ولا تشهدوا لعلماني...»، وفي ديسمبر 2012، خطب القرضاوي بالمصريين أيضا، ولكن من على منبر الجامع الأزهر في مصر، قائلا إن «الليبراليين والعلمانيين ليسوا كفارا، بل مؤمنون بالله، ويجب أن نتعاون معهم»! ولم يكتفِ القرضاوي بذلك، بل قال مضيفا: «كلنا مصريون.. ولسنا ملائكة، والكل يخطئ؛ الحكومة تخطئ، وجماعة الإخوان المسلمين يخطئون، والمعارضة تخطئ، والشعب يخطئ، وعلينا أن نعترف بأخطائنا»! أمر عجيب حقا؛ فلماذا إذن كان القرضاوي يحرض على العلمانيين، وساواهم بمن لا يعترف بالخير والصدق والإسلام، العام الماضي، في مثل هذا الوقت الذي خرج فيه للمصريين مرة أخرى، ليقول إن الليبراليين والعلمانيين ليسوا كفارا، ومؤمنون، ويجب التعاون معهم؟ الأمر واضح بالطبع. إنها الرغبة في تمكين الإخوان المسلمين في حكم مصر، من خلال مغازلة المعارضة المصرية، وتطمين العسكر، وكذلك الغرب. فبالأمس كان الليبراليون والعلمانيون أشبه بأعداء الله، واليوم عندما بات الإسلام السياسي كله بمأزق في مصر، وانفضح أمر الإسلاميين وأنهم مجرد طلاب سلطة، هب الشيخ القرضاوي مدافعا، ومقربا لوجهات النظر. إنها التقية السياسية بعينها. وعليه، فإن ما يجب أن يقال الآن هو: ما هذا التذاكي؟ وما هذا التعالي على الحقائق، والعلم، والشعوب، والتاريخ، والدماء، وكل الفرص الضائعة؟ فطالما أن الشيخ يعي ويعلم أن الليبراليين والعلمانيين ليسوا بكفار؛ فلماذا حرض عليهم في مثل هذا التوقيت العام الماضي؟ لماذا لم يقل ما يقوله الآن مسبقا، وأتباعه ومريدوه كانوا يكفّرون ويفسّقون من يخالفهم، وبتهم كاذبة سخيفة، مثل الليبرالية والعلمانية؟ بل أوليس للشيخ القرضاوي محاضرة شهيرة بعنوان «مواجهة بين الإسلام والعلمانية»؟ أولم يُقتل في مصر، مثلا، الكاتب والمفكر فرج فودة لأنه طالب بفصل الدين عن الدولة فقط، وهذه هي العلمانية التي يقول عنها الشيخ القرضاوي اليوم إن العلمانيين ليسوا بكفار؟ أين كان الشيخ وخيرة الناس تتعرض لاغتيال معنوي، والمصالح تتعطل، في صراعات لا طائل منها حول الليبرالية والعلمانية؟ الواضح اليوم أنه في سبيل الدفاع عن «الإخوان» فإن كل شيء جائز؛ جائز أن تحرض، وجائز أن تطمئن، ولذا فعندما هبت المعارضة المصرية رافضة إلغاء الدولة المدنية قال القرضاوي ما قاله الآن، وضع تحت «الآن» ألف خط؛ إن الليبرالية والعلمانية ليستا كفرا، وهما ليستا كفرا بالطبع، ولذا فإن حديث القرضاوي لا يستدعي الابتهاج بقدر ما يستحق النقاش، وبأسئلة محددة للشيخ وأتباعه: لماذا كانت الليبرالية والعلمانية كفرا، وخطرا على الإسلام، وألّف في ذلك كتبا والآن لا؟ وماذا عمن شهّر بهم زورا؟ وماذا عن هذا السرب المفلوت ممن يكفّرون ويفسّقون الناس بذريعة أنهم ليبراليون وعلمانيون؟ ولماذا صمت الشيخ عن الحق طوال هذه الفترة وهو يعي حكم الساكت عن الحق؟ والأهم من كل ذلك، لماذا لا يقوم «الإخوان» إذن بمراجعة كاملة لتراثهم وينقحونه، ويعلنون أخطاءهم؟ أسئلة يجب أن تطرح بلا تهاون، فمثلما أن من حق الشيخ القرضاوي الدفاع عن «الإخوان»، فإن من حقنا الدفاع عن عقولنا وأوطاننا. نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القرضاوي في ديسمبر القرضاوي في ديسمبر



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia