الأستاذ الحقيقي

الأستاذ الحقيقي

الأستاذ الحقيقي

 تونس اليوم -

الأستاذ الحقيقي

طارق الحميد

 لكل ابن صنعة، «معلم» وقدوة، وقدوتي، والأستاذ الحقيقي، بهذه المهنة هو بن برادلي رئيس تحرير صحيفة واشنطن بوست الأميركية، 1965 - 1991. الصحيفة التي قادها لإسقاط الرئيس السابق ريتشارد نيكسون فيما عرف بقصة الـ«ووترغيت».

التقيته عام 2005، حين كنت رئيس تحرير لهذه الصحيفة، وبعد أن قدمني الأمير فيصل بن سلمان، أمير منطقة المدينة المنورة، وكان وقتها رئيس مجلس إدارة المجموعة السعودية المالكة لصحيفة «الشرق الأوسط»، للصحافي والكاتب الأميركي الشهير جيم هوغلاند قائلا: «هل تعلم من أستاذه؟ إنه برادلي»! قال هوغلاند: «لماذا لا تزورون الصحيفة غدا وتلتقونه»؟ وبالفعل تم اللقاء، وذهبت بصحبة الأمير فيصل بن سلمان، وبعض من الزملاء. كان لقاء وديا، وتوطدت به العلاقة. يومها قال الأمير فيصل لبرادلي: «ما الذي تنصح به رئيس تحرير صحيفتنا»؟ ابتسم برادلي قائلا: «ألا يستمع للناشر، ويملك قرار الفصل والتعيين»!

بعد ذلك اللقاء بسنوات توسط الصحافي الأميركي الشهير ديفيد إغناتيوس لإقناع برادلي لأجري معه مقابلة مطولة بعد أن تحدثت معه هاتفيا لأقنعه بإجراء المقابلة للاستفادة الشخصية، وعلى أمل نشرها في كتاب، يومها قال لي برادلي: «وما الذي يجعلك تعتقد أنني مهم»؟ توسط إغناتيوس وأقنعه وسافرت إلى واشنطن، وأجريت معه حوارا مطولا استأذنته أن يكون موثقا بالصوت، وهو ما حصل. تحدث برادلي وقتها عن الصحافة، والصحافي، ورئاسة التحرير، وكيف تدار الصحيفة الناجحة. قال لي برادلي: «5 إلى 7 صحافيين يصنعون صحيفة ناجحة»! سألته: كيف وقد أدرت صحيفة كان فيها قرابة 1200 صحافي؟ قال: «هم 5 إلى 7 صحافيين كلما كان هناك حدث ستجدهم يتبرعون لتغطيته، تعرف عليهم وقربهم، وستصنع الفرق».

وهذا ما فعله برادلي حين أسقط نيكسون معتمدا على صحافيين مغمورين حينها، بوب ودوورد وكارل بارنستاين. في مكتب برادلي يوم التقيته صورة له وهو شاب مع نيكسون سألته عن شعوره وهو الذي أسقطه، فقال: «لم أسقطه.. نيكسون أسقط نيكسون»! ويومها قال لي برادلي عن الصحافي الجيد إنه من ينطلق من صحيفة صغيرة يجد بها اهتماما لا يجده بالصحف الكبرى، وهو من يبدأ من خارج مدينته أو دولته ليعرف أن هناك عالما آخر، ورؤية أكبر. سألته حينها عن ضغوط المهنة فقال: «أي ضغوط؟ على من لا يحب هذه المهنة أن يغادرها فورا.. الضغط الوحيد هو عندما تخرج النيويورك تايمز بقصة لم تنشرها صحيفتنا»!

هذا هو الأستاذ الحقيقي بعالم الصحافة، والذي فارق الحياة الثلاثاء الماضي، وبعد أن أمضى سنينا حافلة بالأحداث لخصها في عنوان كتاب مهم له وهو: «حياة طيبة». وكم كان الصحافي ديفيد إغناتيوس محقا عندما قال لي قبل أمس: «كنا محظوظين بمعرفته شخصيا».

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأستاذ الحقيقي الأستاذ الحقيقي



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia