سوريا فعلها الروس

سوريا.. فعلها الروس

سوريا.. فعلها الروس

 تونس اليوم -

سوريا فعلها الروس

طارق الحميد

سمِّها ما تشاء.. «المبادرة الروسية»، أو «زلة اللسان الأميركية»، التي قادت لإعلان بشار الأسد التنازل عن أسلحته الكيماوية لتجنب الضربة العسكرية، فما نحن بصدده ما هو إلا الضعف الأميركي، والدولي، بالمنطقة؛ حيث لقن الروس الأميركيين، وتحديدا الرئيس أوباما، درسا لا ينسى في الأزمة السورية. أمس قلنا هنا إننا أمام اللحظات الأخيرة الحاسمة لتعرف المنطقة موقف الغرب، وتحديدا أميركا، من أمنها ومصالحها، وهذا ما حدث فعلا، حيث «لعب» الروس الدبلوماسية الجادة وورطوا الرئيس الأميركي، المتورط بتردده، حين قاموا، أي الروس، بفتح جبهة مناورة للأسد تجنبه الضربة العسكرية، وتخوله مزيدا من الوقت لتجنب الضغط الدولي، ومواصلة ارتكاب جرائمه. وكل ما قدمه الأسد في المقابل هو إعلانه قبول تسليم أسلحته الكيماوية، أو وضعها تحت الرقابة الدولية، وهي حيلة جديدة كالتي فعلها مع المحكمة الدولية في قضية اغتيال رفيق الحريري، حيث قبل الأسد ثم راوغ، وتحولت المحكمة برمتها إلى ملف مركون في أروقة المنظمات الدولية! اليوم باع الروس الأميركيين الوهم، أو باعوهم غازا لا أحد يعرف كميته الحقيقية، ولا كيف سيتم وضع اليد عليه، وما الوقت المطلوب لإنجاز ذلك، فنحن أشبه ما نكون بأننا أمام عملية شراء سمك في الماء! فعلها الروس بذكاء، وتلقفها أوباما بسرعة مذهلة، وكأنه يريد حفظ ماء الوجه، حيث ورط نفسه بطلب تصويت الكونغرس على توجيه ضربة للأسد. واليوم يمكن القول بأن الأزمة السورية قد عادت إلى المربع «صفر» سياسيا، خصوصا أن الأسد سيقوم بتفريغ هذه المبادرة من محتواها بالتسويف والمماطلة، كعادته؛ حيث يجيد الكذب والمراوغة. المبادرة، أو الخدعة، الروسية تقول إن أمن المنطقة كله في خطر، خصوصا بعد أن عاد الروس ليثبتوا، وبسبب ضعف أوباما، أنهم لاعب رئيس بالمنطقة، والواضح أن الروس والأسد قد تعلموا الدرس العربي في مصر، حيث أيقنوا أن واشنطن دائما ما تخضع للأمر الواقع ما دام أن هناك من يبادر، ويتحرك. هذا ما فعله الروس والأسد عمليا بمناورة التنازل عن الأسلحة الكيماوية، رغم أن الأزمة ليست في قصة الكيماوي فقط، حيث تبدو المبادرة الروسية، ولوهلة، كأنها أعادت تطبيع العلاقات بين الأسد والمجتمع الدولي، فالأزمة في سوريا إنسانية، وأمنية، وأزمة كيان.. الأزمة السورية أكبر من قصة الكيماوي، وهذا ما على العرب تذكره، خصوصا أن المنطقة الآن بين خيارين؛ فإما قبول اللعبة الروسية - الأسدية، والتعايش مع الأزمة السورية مثل ما تعايشنا مع أزمات أخرى، وسيكون الثمن فادحا، أو أن على العرب، وتحديدا الفاعلين، التحرك وقلب الطاولة على الروس والأسد! وهذا يتطلب فرض أمر واقع على الأرض، وقبله التشدد في شروط المبادرة الروسية بضرورة أن تكون، مثلا، عبر مجلس الأمن، وتحت الفصل السابع، وأن تقود إلى حل سياسي شامل للأزمة السورية. وفي حال لم يتم ذلك، فإن هذا يعني أن العرب قد قبلوا بالروس بوصفهم قوة أخرى بالمنطقة سيكون المستفيد الوحيد منها هو إيران والأسد. نقلا عن "الشرق الأوسط"

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا فعلها الروس سوريا فعلها الروس



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia