كيف جاء الرّد الإيراني على اغتِيال سليماني “أخطر” بكثير ممّا توقّعه الكثيرون

كيف جاء الرّد الإيراني على اغتِيال سليماني “أخطر” بكثير ممّا توقّعه الكثيرون؟

كيف جاء الرّد الإيراني على اغتِيال سليماني “أخطر” بكثير ممّا توقّعه الكثيرون؟

 تونس اليوم -

كيف جاء الرّد الإيراني على اغتِيال سليماني “أخطر” بكثير ممّا توقّعه الكثيرون

عبد الباري عطوان
عبد الباري عطوان

جاء الرّد الإيراني الرّسمي على اغتِيال الجِنرال قاسم سليماني في ذِكراه السنويّة الأُولى صاعِقًا ومُفاجِئًا، وأضخم بكثير ممّا توقّعه الكثيرون في المِنطقة والعالم، ممّا يَعكِس ثقةً بالنّفس ناتجةً عن اتّخاذ جميع الاحتِياطات اللّازمة لِما يُمكن أن يترتّب عليه من تطوّرات، بِما في ذلك الحرب.

الرّد الذي نتحدّث عنه، لم يَكُن شن هُجوم على سفارةٍ إسرائيليّة، أو اغتِيال جُنود أمريكيين، وإنّما وحسب إعلان السيّد علي ربيعي، المُتحدّث باسم الحُكومة اليوم الاثنين، هو استِئناف تخصيب اليورانيوم بنسبة تَصِل إلى 20 بالمِئة من مُنشأة “فوردو” النوويّة التي أُقيمت في باطِن جبلٍ عِملاق يَصعُب على كُل القنابل التقليديّة تدميره.
هذه الخطوة الاستراتيجيّة جاءت تطبيقًا لقرارٍ صدر عن مجلس الشّورى بالإجماع قبل أيّام، إلى جانب قرارات أُخرى أبرزها عدم السّماح للمُفتّشين الدّوليين التّابعين لوكالة الطاقة الذريّة بزيارة المُنشآت النوويّة الإيرانيّة، وإلغاء مُهلَة الشّهرين بالتّالي.
***
ماذا يعني هذا “التحدّي”، وما هي التّبعات التي يُمكِن أن تترتّب عليه؟ واختِيار هذا التّوقيت بالذّات للإقدام عليه؟ الإجابة نُوجِزها في النّقاط التّالية:
أوّلًا: من الواضح أنّ إيران لا تخشى التّهديدات الأمريكيّة والإسرائيليّة، ولا تُرهِبها حامِلات الطّائرات والغوّاصات النوويّة، وتملك برنامجًا استراتيجيًّا مُتكامِلًا وهذه الخطوة، أيّ رفع نسبة التّخصيب قد تكون البِداية.
ثانيًا: استِلام جناح الصّقور زِمام المُبادرة في الإدارة الإيرانيّة، وتحييد الجناح “المُعتدل” أو “الإصلاحي” الذي يتزعّمه الرئيس حسن روحاني، وهو الجناح الذي كان يُريد التّهدئة وعدم التّصعيد.
ثالثًا: إيران لم تَعُد تنتظر وصول جو بايدن الرئيس المُنتَخب إلى البيت الأبيض، وعودته للاتّفاق النووي عبر مُفاوضات ماراثونيّة، لأنّها بات لديها شُكوك في ظِل تصعيد دونالد ترامب وأنصاره العُنصريين، بأنّه سيكون على رأس السّلطة في الولايات المتحدة في 20 يناير المُقبل، والرّهان عليه خاسِر.
رابعًا: توصّل القِيادة الإيرانيّة إلى قناعةٍ راسخةٍ بأنّ الاتّفاق النووي مات وتحلّل وشَبِع موتًا ولا يُمكن إحياؤه من جديد، بسبب الشّروط الأمريكيّة والإسرائيليّة التعجيزيّة، وكان آخِر من عبّر عنها وزير الطّاقة الإسرائيلي عندما قال إنّ أيّ اتّفاق نووي جديد يجب أن يتضمّن بندًا صريحًا يَنُص على تفكيك البرنامج النّووي الإيراني بالكامِل، إلا فلا اتّفاق.
خامسًا: المؤسّسة الإيرانيّة الحاكمة شعرَت بالإهانة عندما طلبت “إسرائيل” ودول عربيّة بينها السعوديّة المُشاركة في أيّ مُفاوضات قادمة للعودة إلى الاتّفاق النووي، مُضافًا إلى ذلك وصول قناعة لديها بأنّها لا تُريد تِكرار أخطاء الرئيس العِراقي صدام حسين والعقيد معمر القذافي وتصديق الوعود والضّمانات الغربيّة.
سادسًا: منحت القِيادة الإيرانيّة أوروبا الشّريكة في الاتّفاق النووي مُهلةً لأكثر من عامين لكيّ تُنقِذ الاتّفاق من الانهِيار، وتُقدّم أنظمة ماليّة، وبرامج اقتصاديّة بديلة تُخَفِّف من العُقوبات الأمريكيّة، ولكنّها فَشِلَت فشلًا ذريعًا في هذا الاختِبار.
سابعًا: إيران تملك الخبرة اللّازمة، والعُلماء الأكفّاء، والحُلفاء الأقوياء، لإنتاج أسلحة نوويّة، وأكّدت مصادر المُخابرات الأمريكيّة (سي آي إيه) أنّها، أيّ إيران، فكّكت برنامجًا سِريًّا لإنتاج هذه الأسلحة عام 2003، وإذا صحّت هذه المعلومات فإنّ إحياء وتفعيل هذا البرنامج لا يحتاج أكثر من بضعة أسابيع إن لم يَكُن أقل، ولا بُدّ أنّ مَعدّاته مخفيّة في مكانٍ ما تحت الأرض.
ثامنًا: إيران تملك حاليًّا حواليّ 3000 كيلوغرام من اليورانيوم المُخصّب، وهذه الكميّة تُؤهّلها لإنتاج قُنبلتين نوويتين، حسب الخُبراء الغربيين، وفي حُدود ثلاثة أشهر حسب تقديرات أحدهم، وهو ديفيد أولبرايت، مُفتّش الأسلحة النوويّة الأمريكي السّابق، ويقوم هذا الافتِراض على أساس امتِلاك إيران أكثر من ألف جِهاز طرد مركزي حديث ومُتقدّم، وهي تملكها فِعلًا، وموجودة حاليًّا في مُنشآة فوردو المُقامة في بطنِ جبل قُرب مدينة قم ويَصعُب تدميرها.
***
اليوم تُعلن إيران رفع نسبة التّخصيب من 4.5 بالمِئة إلى 20 بالمِئة دُفعةً واحدةً، ولا نَستبعِد أن تكون الخطوة المُقبلة رفعها إلى 90 بالمِئة لإنتاج الشّرائح الانشِطاريّة لإنتاج رؤوس نوويّة وتركيبها على صواريخ باليستيّة مُجنّحة تستطيع الوصول إلى أهدافها بدقّةٍ مُتناهيةٍ مثلما شاهدنا مثيلاتها التي أطلقها الحوثيون تَصِل إلى جدّة وبقيق وينبع وتفشَل كُل المنظومات الدفاعيّة الأمريكيّة الحديثة في رَصدِها، ناهِيك عن اعتِراضها وتدميرها.
جيك سوليفان مُستشار جو بايدن للأمن القومي قال في مُقابلةٍ مع “سي إن إن” أمس “إنّ اغتيال سليماني لم يجعل الولايات المتحدة ومصالحها أكثر أمنًا مثلما تدّعي إدارة ترامب بل ما حصل هو العكس تمامًا”، وأكّد “أنّ إيران الآن أقرب من أيّ وقتٍ مضى لامتِلاك سِلاح نووي ممّا كانت عليه قبل عام”.
كلام سوليفان مُوجّهٌ إلى حُلفاء ترامب والمُطبّعين العرب الجُدد، مثلما هو مُوجّهٌ إلى بنيامين نِتنياهو الذي يُهَدِّد للمرّة الألف بأنّه لن يسمح لإيران بامتِلاك قنابل نوويّة.
خِتامًا نقول من يلوم إيران إذا صنعت قنابل نوويّة، وبأسرع وقتٍ مُمكن، إنْ لم تَكُن تملكها فِعلًا في ظِل هذه التّهديدات الأمريكيّة والإسرائيليّة المصحوبة بحشد حامِلات الطّائرات والغوّاصات النوويّة؟
القِيادة الإيرانيّة تُخَطِّط وتُنَفِّذ، وصبرها بلا قاعٍ، وليست هُناك قرارات عشوائيّة مبنيّة على ردّ فِعلٍ مُتسرّعٍ، أو هكذا نقرأ ما هو مكتوبٌ على الحائط، ولا نَستبعِد أن يكون الانتِقام الأكبر بات وشيكًا.. واللُه أعلم.
 

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف جاء الرّد الإيراني على اغتِيال سليماني “أخطر” بكثير ممّا توقّعه الكثيرون كيف جاء الرّد الإيراني على اغتِيال سليماني “أخطر” بكثير ممّا توقّعه الكثيرون



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 18:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:11 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان الخميس29 -10-2020
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia