لماذا نقلق ونقرع جرس الإنذار من مرحلة ما بعد المُصالحة الخليجيّة

لماذا نقلق ونقرع جرس الإنذار من مرحلة ما بعد المُصالحة الخليجيّة؟

لماذا نقلق ونقرع جرس الإنذار من مرحلة ما بعد المُصالحة الخليجيّة؟

 تونس اليوم -

لماذا نقلق ونقرع جرس الإنذار من مرحلة ما بعد المُصالحة الخليجيّة

عبد الباري عطوان
عبد الباري عطوان

من تابع تعبيرات وجوه القادة الخليجيين المُشاركين في قمّة المُصالحة التي انعقدت في مدينة العلا يوم أمس الثلاثاء، يلمس دُون أيّ عناءٍ علامات التهجّم والحيرة، وغِيابًا كاملًا للمظاهر الاحتفاليّة التي من المُفترض أن تَعكِس ضخامة “الإنجاز”، ولُوحِظ أنّ التوقيع على البيان الختامي تمّ دون أيّ نوعٍ من الحماس، وغادر البعض قاعة الاجتِماع فورًا.

تَصَدُّر جاريد كوشنر صِهر الرئيس الأمريكي ومُستشاره للمشهد، ومُتابعته لكُل التّفاصيل سواءً عبر الهاتف قبل وصوله، أو في كواليس القمّة قبيل انعِقادها، يُؤكّد أنّ الاتّفاق الذي جاء عُموميًّا، وجرت صِياغَته على عجل، كان نتيجة إملاءات أمريكيّة، وفي إطار سيناريو حرب أمريكي ربّما يكون عُدوانًا على إيران، وإشعال فتيل حرب تَحرِق الشّرق الأوسط، ومِنطقة الخليج بالذّات.
العِناق الحار فجأةً وبعد تَردُّد، وأمام العدسات لا يعني الغُفران، وتناسي ثلاث سنوات من العداء والشّتائم، ونهش الأعراض، فنحن نتعاطى هُنا مع “خُصومات” بين قبائل عربيّة تعود جذورها لقُرون، وليس من السّهل أن تختفي بسُهولةٍ.
***
الإنجاز الأبرز الذي تحقّق حتّى الآن يتمثّل في الفتح “الفوري” للأجواء والحُدود البريّة والبحريّة، وهذا مَطلَبٌ أمريكيٌّ بحت، فالرئيس ترامب الذي يتصرّف هذه الأيّام مِثل الثّور الجريح، لا يُمكن أن يمضي قُدُمًا في أيّ حرب ضدّ إيران، والأجواء والحُدود بين الدّول التي ستكون ميدانًا مُؤكَّدًا لها، ورأس حرب فيها مُغلَقة.
أمريكا لم تَكُن أبدًا، وفي كُلّ عُهودها، جمهوريّةً كانت أو ديمقراطيّةً مع وحدة العرب، والتّضامن بينهم، وعملت دائمًا على بَذر بُذور الفتِنة والانقِسام وإغراق دولهم في حُروبٍ وحمّامات دم، ولنا فيما حدث في العِراق وليبيا واليمن وسورية أبرز الأمثلة في هذا المِضمار، ولذلك فإنّ “المُصالحة” و”التّعايش” بينهم هو آخِر ما تسعى إليه، خاصّةً في ظِل إدارة الرئيس الحالي المُتهَوِّر ترامب الذي يَلفُظ أيّامه الأخيرة في البيت الأبيض بسبب الطّعنات القويّة التي تنهال عليه من كُلّ الجهات، وآخِرها خسارة حزبه للأغلبيّة في مجلس الشيوخ بعد خسارته للانتِخابات.
نعم نتّفق مع بعض التّحليلات والآراء التي تقول إنّ الأطراف المُتورِّطة في هذا الخِلاف الخليجي بدأت تَشعُر بالتّعب بعد اقتِرابه من دُخول عامه الرّابع، ولكن ليس بهذه الطّريقة تأتي المُصالحات، والنّهايات للصّراعات المُماثِلة، أو غير المُماثِلة، ولا نَستبعِد أن يكون “اتّفاق العلا” مُجرّد هدنة، أو استراحة مُحارب، قد تطول أو تَقصُر، لمَعرِفَتنا بحجم الأحقاد الدّفينة، وتجارب الخِلافات السّابقة التي حَفِلَت بالمُؤامرات العسكريّة، ومُحاولات تغيير الأنظمة بقوّة الغزو، ونحن نتحدّث هُنا عن حربِ “الخفوش” تحديدًا، ناهِيك عن حرب داحس والغبراء.
تنقية الأجواء من خِلال المُصارحة وجهًا لوجه، كانت دائما الطّريق الأقصر للوصول إلى المُصالحة، الدائمة أو شِبه الدّائمة، ولكنّنا لم نُشاهِد أيّ تطبيق عملي لهذه القاعدة الذهبيّة في تسوية الخِلافات الخليجيّة، والعِناق التّلفزيوني لا يُمكِن أن يكون دليلًا، أو بديلًا، لطيّ صفَحات الخِلاف، ودفن الأحقاد، وإبراء جُروحها في ساعاتٍ مَعدودةٍ بالتّالي.
***
نعم.. قمّة العلا كانت لحظةً تاريخيّةً فارقةً لمجلس التعاون الخليجي، لأنّ القرار بعقدها والمُصالحة “السّريعة” التي تمخّضت عنها، وما ترتّب عليها من فتحٍ للأجواء والحُدود، وعودة العُلاقات الدبلوماسيّة، لم تَكُن قرارًا سِياديًّا خَليجيًّا صِرفًا، وإلا ماذا كان يفعل “المُعلّم” كوشنر في أروقتها في وقتٍ تغلي بلاده بالأحداث الضّخمة، ويُواجِه “حماه” أعنف تَحدِّيًا في تاريخه.
فعندما يقطع ترامب إجازته ويعود إلى البيت الأبيض، ويكتب أحد أصدقائه المُقرّبين جدًّا يُدعى وأين روث في تغريدةٍ على “تويتر” “أنّ أمرًا كبيرًا سيَحدُث في شهر يناير الحالي، وأنّ ترامب لن يذهب دُون قِتال، ولن ينتهي قريبًا”، فإنّ من حقّنا أن نقلق فما زِلنا نُؤمِن أنّنا أشقّاء وأمّة واحدة رُغم رؤية البعض لغيرِ ذلك.
في الخِتام نقول إنّنا مع المُصالحة بين الأشقّاء، وطيّ صفحة الخلافات كُلِّيًّا، ولكنّنا نخشى من تَبِعاتها على المِنطقة وشُعوبها، وما يُمكِن أن يتَرتّب عليها من حُروبٍ ودمار وزهق للأرواح البريئة.. ونأمَل أن يكون حذرنا وقلقنا في غير محلّهما.. واللُه أعلم.
 

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا نقلق ونقرع جرس الإنذار من مرحلة ما بعد المُصالحة الخليجيّة لماذا نقلق ونقرع جرس الإنذار من مرحلة ما بعد المُصالحة الخليجيّة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 18:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:11 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان الخميس29 -10-2020
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia